قلبي مع الإتحادين المغربي والتونسي هذه الأيام ، وهما يخوضان حرب تكسير عظام مع الإتحاد الإفريقي " الكاف " لأسباب مختلفة، فالإتحاد المغربي الذي إتخذت بلاده قراراً سيادياً بتأجيل إقامة كأس الأمم الإفريقية التي كانت مقررة في يناير الماضي بالمغرب كإجراء إحترازي من تفشي مرض الأيبولا القاتل بعد تعذر الحصول على موافقة منظمة الصحة العالمية بعدم خطورة ذلك المرض، تعرض لعقوبات في منتهى القسوة على المستويين الرياضي والمالي ، فبالإضافة لحرمان المغرب من المشاركة في البطولة بعد أن تم نقلها لبلد آخر، تم إتخاذ قرار بإستبعاد المنتخب المغربي من المشاركة في البطولتين القادمتين ، وعلى المستوى المالي تم فرض غرامة على المغرب مقدارها أكثر من عشرة ملايين دولار منها مليون دولار كعقوبة والتسعة ملايين الأخرى على سبيل التعويض عن الخسائر المالية الأخرى التي تعرض لها " الكاف" جراء نقل البطولة . أما الإتحاد التونسي، فقد تعرض لغرامة مالية قدرها 50 ألف دولار ولعقوبة معنوية مهينة ومذلة وهي ضرورة تقديم إعتذار رسمي إلى الإتحاد الأفريقي، حول الإتهامات التي كان قد وجهها له وديع الجريء رئيس الإتحاد التونسي بتعمد الإطاحة بالمنتخب التونسي إحتجاجاً على الأخطاء العديدة لحكم مباراة تونس وغينيا الٍإستوائية في دور الثمانية وخاصة ضربة الجزاء التي حولت مسار المباراة في دقائقها الأخيرة لصالح مضيف البطولة .. وجاء قرار الكاف الذي كان قد أوقف الجريء نفسه عن ممارسة مناصبه في الإتحاد الافريقي، بضرورة تقديم مستندات تثبت إتهامات التوانسة للحكم أو تقديمهم لإعتذار رسمي ، مع تحديد مهلة لغاية نهاية شهر مارس المقبل وإلا سيتخذ الكاف قراراً بإيقاف المنتخب التونسي عن المشاركة في البطولة المقبلة . وأشفق على الإتحادين العربيين لأنني أعرف مدى صعوبة مواجهة ديكتاتورية وعناد قرارات الكاف وكذلك رئيسه الكاميروني عيسى حياتو، خاصة في ظل عدم وجود سلطة أعلى تنصف من ظلم هذا الإتحاد القاري ، وهو نفس الأمر الذي يواجهه أي إتحاد يواجه مظالم ومشاكل من هذا النوع مع الفيفا ورئيسه بلاتر! وقد أحسن الإتحاد المغربي بالإتجاه فوراً إلى محكمة التحكيم الرياضية بلوزان متضرراً من فداحة العقوبة وعدم إحترام سيادة دولة المغرب في قرارها بتأجيل البطولة تماشياً مع المصلحة العليا للبلاد ، كما أن المغرب ستلجأ أيضا لإقامة دعوى أمام المحكمة التجارية بباريس حسب شروط العقد التجاري للبطولة بين الإتحاد المغربي والكاف في حالة حدوث نزاع ، وأغلب الظن ونظراً - للظروف القهرية المتمثلة في المخاوف من تفشي وباء الإيبولا - فأظن أن المغرب ستستطيع مواجهة بطش الكاف. أما الموقف التونسي فهو بالغ الصعوبة ويتطلب المزيد من الشجاعة للدفاع عن كرامة وهيبة الكرة التونسية التي يرغب الكاف في إمتهانها بإجبارها على إصدار إعتذار رسمي، وأنا أستغرب حالة التردد الموجودة حالياً في أوساط الكرة التونسية، وطلب رئيس الإتحاد إستطلاع رأي الجمعية العمومية، وأرى أن تونس أكبر من أن تقبل بمثل هذه الإهانة ، وعليها الإتجاه فوراً لرفع الأمر لمحكمة التحكيم الرياضية، لفرض عقوبة مالية، لأن مسألة الإعتذار لم ترد في اللوائح ، وإنما هي نوع من تعالي وعنجهية الكاف وخاصة رئيسه عيسى حياتو المستهتر بسيادة وكبرياء دول القارة ، وأحمد الله أن المصري المهندس مصطفى فهمي السكرتير العام السابق للكاف ، قد ترك هذه الوظيفة منذ سنوات وهو يعمل حالياً في رئاسة لجنة المسابقات بالفيفا ، وإلا كان قد نال منه ومن مصر- المقر الرسمي للكاف - العديد من الإنتقادات بسبب قرارات الكاف ، والحمد لله أن وظيفة فهمي يشغلها الأن المغربي هشام العمراني ، والذي يجد نفسه في موقف حرج، لأنه لا يملك التدخِل في سلطات أو قرارات الكاف الذي يعمل فيه كموظف براتب بدرجة سكرتير عام وهو ما لم يكن يقتنع به زمان الأشقاء من عرب أفريقيا أيام مصطفى فهمي .