تعتبر معركة بدر أول مواجهة عسكرية حصلت بين المسلمين وبين كفار قريش, كما تعد هذه المعركة من أشهر المعارك التي قادها الرسول صلي الله عليه وسلم ضد الكفار, ولهذه المعركة مكانه رفيعة ومتميزة في تاريخ الإسلام إذا ما قيست بغيرها من المعارك, فقد وسمت المجاهدين الذين اشتركوا فيها بوسام متميز من التقدير والاحترام, وسجل التاريخ بطولاتهم في صفحات مشرقة حيث صار المجاهد البدري يعرف بطلا مقداما يتمني المسلمون أن لو كانوا مكانه, فكان يكفي المسلم قدرا آنذاك أن يقال عنه انه بدري. أما السبب في أهمية هذه المعركة فيعود إلي حجم الانتصارات التي حققها المسلمون في هذه الغزوة بقيادة النبي محمد صلي الله عليه وسلم من جانب, وإلي التأثيرات الإيجابية التي خلفتها هذه الغزوة في نفوس المسلمين من جانب آخر. في البداية يقول الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر, الكلام في معالم السيرة النبوية العطرة طيب جميل, عذب سلسبيل, تستريح النفوس في جنباتها القدوة الطيبة, والأسوة الحسنة, وتستلهم العبر والعظات والدروس القومية( لقد كان في قصصهم عبرة) ومن ذلك: مبدأ الأخذ بالأسباب المشروعة وعدم الركون إلي بشريات النصر, فسيدنا رسول الله صلي الله علية وسلم ع إخبار الوحي الإلهي بالنصر, وتحديده لمواطن مصارع آئمة الكفر, والإمداد بالملائكة لتثبيت القلوب بالنصر, إلا أنه صلي الله عليه وسلم استشار المهاجرين والأنصار قبل الإقدام علي المعركة لأن مصائر الناس لا تكون بالمخاطرة ولا المقامرة ولا المجازفة, العمل بالشوري من رؤساء القوم, والأخذ بمشورة في موقع استراتيجي أهمية التضرع لله عز وجل والالحاح في الاستنجاد به واللجوء إليه اثبات الحياة البرزخية للموتي فوقوفه صلي الله عليه وسلم علي فم القليب الذي دفن فيه قتلي المشركين وكلامه إليهم دليل عملي علي أن الموتي لهم عالم يخصهم, إنسانية الإسلام فرسوله صلي الله عليه وسلم أوصي بالأسري خيرا, ومال إلي عدم قتلهم علي الرغم من العذاب القرآني لسوابق جرائمهم, ان الأحداث التي تبدو في ظاهرة مضرة ومحنة في نتائجها النفع والمنحة, فمعركة بدر لم تكن للمسلمين في المدينة تجارب قتالية سابقة, ومع قلة الأعداد, وصالة وتواضع الاستعدادات, الإ انه لنصرة الدين الحق والذود عن الدعوة وحماية الأرض والعرض صدقوا الله فصدقهم إن المعارك القتالية في الإسلام ضرورة ملجئة أوجدها أعداؤه فالمعتدون زحفوا إلي المدينة لضاحية بدر, ولجبل أحد بالمدينة, ولحصارها بالأحزاب والجهاد الحقيقي يكون بين مؤمنين وكافرين معتدين ناقضي للعهود ناكيثي للوعود وغرضه ايملاء كلمة الله عزوجل وليس تحت راية عصبية أو لحظوظ الدنيا, والحرب ذكر في القرآن ست مرات( حتي تضع الحرب أوزارها) وآيات السلام133 مرة, دلالة علي أن القتال أمر طارئي علي خلاف الأصل تظل معركة وليست غزوة بدر أم الأنتصارات, فهي أول معركة باشرها نبي الملحمة صلي الله عليه وسلم وهي من بركات شهر رمضان الذي لم يمنع صيامه من أعباء الشوري فقد أشار الحباب بن المنذر رضي الله عنه(الرأي والحرب والمكيدة) وسعد بن معاذ رضي الله عنه ببناء العرين مركز القيادة, وحرص شباب وصبيان المسلمين علي الاشتراك الإ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم رد غير المكلفين واعفي المعوقين, ولم يفرض علي النساء, مما يستوجب علي المؤسسات ذات العلاقة دراسة علمية بأبعاد وأطروحات مهمة وليست مجرد موقف أو محطة في التاريخ, بل أنوار هداية لمن كان له قلب أو القي السمع وهو شهيد. يقول الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية. تمثل هذه المعركة المفصلية في تاريخ المسلمين مدلولا لما يمكن للمسلم الصائم الصابر ان يقدمه من قوة واصرار علي النصر والنجاح في سبيل الله سبحانه وتعالي حيث كانت خير نموذج للعزيمة والصبر, اذ وقعت في شهر رمضان للسنة الثانية للهجرة وهو العام الاول الذي فرض فيه الصيام علي المسلمين وشرعت فيه صلاة العيد. فإن الله سبحانه وتعالي فرق في هذه المعركة بين الحق والباطل, فكانت نواة لتشكيل دولة اسلامية يعترف بها العدو وتم فيها انتصار المظلومين الذين صبروا مدة طويلة علي الايذاء حين اخرجوا من ديارهم قسرا, فمن مقاييس العسكرية لا يمكن أن يكون هناك تكافئ بين المسلمين والكفار لأن عدد المسلمين كان يقدر بحوالي313 جنديا وعدد الكفار حوالي1000 جندي ومع ذلك الفئة المؤمنة ايقنت النصر وسط ذهول الأعداء كيف لهذه الفئة الضعيفة التي خرجت من رحم قريش في مكة, فقال تعالي( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) ال عمران123, وهذا امتنان من الله عز وجل علي عباده المؤمنين, وتذكير لهم بما نصرهم به يوم بدر وهم أذلة في قلة عددهم مع كثرة عدد عدوهم وعددهم, خرج النبي صلي الله عليه وسلم من المدينة بثلاث مئة وبضعة عشر من أصحابه, ولم يكن معهم إلا سبعون بعيرا وفرسان لطلب عير لقريش قدمت من الشام, فسمع به المشركون فتجهزوا من مكة لفكاك عيرهم, وخرجوا في زهاء ألف مقاتل مع العدة الكاملة والسلاح العام والخيل الكثيرة, فالتقوا هم والمسلمون في ماء يقال لهبدر بين مكةوالمدينة فاقتتلوا, ونصر الله المسلمين نصرا عظيما, فقتلوا من المشركين سبعين قتيلا من صناديد المشركين وشجعانهم, وأسروا سبعين, فإن ذلك موضعها, ولكن الله تعالي هنا أتي بها ليتذكر بها المؤمنون ليتقوا ربهم ويشكروه, فلهذا قال( فاتقوا الله لعلكم تشكرون) لأن من اتقي ربه شكره, ويرجع هذا الأنتصار إلي عدة عوامل منها حكمة القيادة ووحدتها, حيث كان الرسول صلي الله عليه وسلم القائد العام للمسلمين, وكان المسلمون يعملون يدا واحدة, ينفذون أوامر الرسول صلي الله عليه وسلم بدقة متناهية, ومزودين بشجاعة نادرة ووحدة الهدف الرسالي, أما المشركون, فكانوا خاضعين لتعدد القيادة, حيث لم يكن عتبة بن ربيعة وأبو جهل علي رأي واحد, وليس لهم هدف واحد, لذلك طغت الأنانية والمصالح الشخصية علي مصلحة قريش, وحدة الصف والجمع علي قلب رجل واحد وعدم الشرذوم وإعلاء المبدأ علي الغايات الدنيوية حيث كان الهدف هو نصرة الإيمان والإعلان عن وجود الدولة الإسلامية التي تدافع عن هويتها, وأيضا الثقة بالله والثقة بالنفس, فالله سبحانه وتعالي سيعلي هذا الدين وينصره ويمكن له في الأرض إن عاجلا أو آجلا ويضيف د. الشحات الجندي قائلا: لابد أن نكون واثقين من الله سينصر هذا الدين مهما ضيق عليه, ومهما حورب دعاته, ومهما وقف في وجوههم, ومهما وضعت في طريقهم العراقيل, فإن النصر حليفهم إن عاجلا أو آجلا, فالحق يبتلي أولا, ثم يمكن له وينصر. همت مصطفي وأحمد علي