بسبب طيشهما واستسلامهما لأهوائهما ونزواتهما, تلاعب الشيطان برأسيهما, فزين لهما الحرام وأغواهما بالسقوط في مستنقع الرذيلة, من دون أن يشعرا بلوم العقل, أو يحسا بتأنيب الضمير.. وهكذا تسببتا بتلطيخ شرف العائلة, وداستا علي كرامة رجالها في الطين, متجاهلتين أن سمعة النساء كالزجاج, إذا انكسر يصعب إصلاحه, كما أن حياتهن وكرامتهن ليستا ملكهن, خصوصا في قري الصعيد والمحافظات الريفية. ويقال في الأمثال إن هم البنات للممات...... لأنهن قد تجلبن العار لأهلهن في يوم من الأيام, وهذا ما حدث بالفعل; فنظرات الناس كانت تجلد الأهل والأقارب, تلهب ظهورهم, وتدمي قلوبهم, وتضخ المرارة في حلوقهم.. ألسنة الناس لم ترحمهم, بسبب ما تردد عن وجود علاقات مشبوهة لشقيقتهم وابنتها, وسيرهما علي حل شعرهما.. ولأنهما لم تثبتا عكس ذلك, ولأن تصرفاتهما المشبوهة لم تنقطع.. اتخذت نخبة من العائلة قرارا نهائيا بالتخلص منهما, ومحو عارهما إلي الأبد. اتفق شقيق الأم وشقيق زوجها وابن عم زوجها, علي التخلص منهما ودفن فضيحتهما, حتي يستطيعوا أن يرفعوا رؤوسهم مجددا بين أهالي المنطقة, ويضعوا حدا للمهانة التي تطاردهم ليلا ونهارا.. حيث فاض بهم الكيل, ولم يعودوا قادرين علي تحمل المزيد من حصائد الألسن, وامراض وأحقاد الأنفس الضعيفة, التي لا تفتأ تسخر منهم وتشمت فيهم, وكان هؤلاء الأشرار يريدون لهم جنازة, يشبعون فيها لطما. لم يفكر أقارب المرأة وابنتها كثيرا, ولم تمهلهم مشاعر الغضب ولو فرصة للتردد, فأسرعوا بإشفاء غليلهم, وتنفيذ جريمتهم, متصورين أن هذه هي الطريقة الوحيدة, التي يستطيعون من خلالها, الثأر لكرامتهم, وقطع ألسن كل من يلوك سمعتهم, ويتناول سيرتهم, سواء بحق أو بباطل. ذبحوهما مثلما تذبح الخراف, من دون أن يلتفتا إلي توسلاتهما, وتأكيداتهما أنهما شريفتان, وأن أحدا لم ينل منهما بسوء أبدا.. كانوا قد أجمعوا أمرهم, وأصدروا حكمهم النهائي, وبالتالي لم تكن هناك أي فرصة, للتراجع, مهما تكن العاقبة أو الثمن الذي يمكن أن يدفعه كل من شارك في الجريمة, سواء بالتخطيط أو التنفيذ.. وبالأخير كانت كلمتهم, حيث ذبحوهما بالسكاكين, وبعد أن تأكدوا من موتهما, تنفسوا الصعداء, وانتباتهم لحظات من السعادة الغامرة! كان اللواء محسن الجندي مساعد وزير الداخلية لأمن سوهاج, قد تلقي أخطارا من نائبه اللواء هشام عبد الوهاب, بالعثور علي ربة منزل وابنتها مذبحوتين بمنزلهما بمنطقة الحوذة بمدينة جرجا, وبجوار جثتيهما سكين ملطخ بالدماء. انتقل علي الفور العقيد عصام غانم رئيس فرع بحث للجنوب والمقدم صلاح أبوالقاسم رئيس مباحث قسم جرجا, باشراف العميدين حسين حامد وعصمت أبو رحمة مدير ورئيس المباحث الجنائية, لكشف مرتكبي الواقعة. عثر من خلال المعاينة علي الأم51 سنة, وابنتها26 سنة, جثتين هامدتين بالدور الأرضي, وسط بركة من الدماء, وتوصلت تحريات الشرطة إلي أن وراء الواقعة أ.م بالمعاش شقيق الأم و شقيق زوجها وسائق ابن عم زوج الأم, حيث تخلصوا منهما وذلك لشكهم في سلوكهما. واتضح أن الجناة نقلوا بعض متعلقات المجني عليهما إلي مكان يوحي بارتباط الجريمة بحادث ثأر للتمويه وإبعاد الشبهات عنهم, وقد تم ضبط المتهمين الأول والثاني وجار ضبط المتهم الثالث, وأخطرت النيابة لمباشرة التحقيقات. رابط دائم :