جاء اتفاق وزراء الخارجية العرب أعضاء اللجنة الوزارة المعنية بالوضع في سوريا التي عقدت اجتماعها أمس بمقر الجامعة العربية علي عدة عناصر للمساهمة في إنجاح المؤتمر الدولي المقبل في جنيف والمتوقع عقده منتصف شهر يونيو المقبل, أهمها الحفاظ علي السلامة الإقليمية والنسيج الاجتماعي لسوريا وتشكيل وحدة وطنية لفترة زمنية محددة تمهيدا لضمان الانتقال السلمي للسلطة,...تأكيدا علي فشل الخيار العسكري في حل الأزمة السوري ويعكس التعقيدات التي يمكن أن يصل إليها الصراع الدائر في سوريا إذا ما استمر الخيار العسكري هو الحل الوحيد لإزاحة النظام السوري. وربما ما كشفت عنه مجلة دير شبيجل الألمانية أمس يؤكد ذلك حيث ذكرت أن وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية غيرت من نظرتها تماما للحرب الأهلية المندلعة في سوريا, حيث باتت تعتقد أن القوات الموالية للرئيس السوري تمر حاليا بفترة من الاستقرار لم تمر بها منذ اندلاع الانتفاضة السورية, وأن الجيش النظامي لديه القدرة حاليا للقيام بعمليات ناجحة ضد القوات المعارضة حيث رصدت تحولات دراماتيكية تمثلت في نجاح النظام في إقامة خطوط إمداد حيوية لضمان وصول كميات من الأسلحة والمواد الأخري اللازمة للقتال إلي مواقع تواجدها, كما نجح النظام السوري في توفير الوقود اللازم للدبابات والطائرات وتري المخابرات الألمانية, أن الوضع الراهن في سوريا لا يسمح لقوات الأسد بصد هجمات لمعارضة فحسب, بل إن الجيش النظامي يمكنه أيضا استعادة بعض المواقع التي استولت عليها المعارضة في وقت مضي, ورغم أن الجيش السوري ليس بالقوة التي تمكنه من إلحاق الهزيمة بالقوات المعارضة حاليا, إلا أنه قادر علي الحفاظ علي الوضع الحالي ومنع المعارضة من الاستيلاء علي المواقع التي يسيطر عليها. وقد جاءت مبادرة الخطيب- الرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوي المعارضة- المتوافقة مع طرح المجموعة الوزارية العربية إدراكا منه لهذا الوضع حيث تمثل تغييرا في لهجة المعارضة السورية داعيا السلطة وفصائل الثورة والمعارضة لتبنيها حيث تدعو المبادرة إلي جدول زمني لحل الأزمة السورية تتضمن السماح للرئيس السوري بشار بمغادرة البلاد بعد قبوله بانتقال سلمي للسلطة وتسليم صلاحياته كاملة إلي نائبه فاروق الشرع أو رئيس الوزراء وائل الحلقي وبرر الخطيب مبادرته بأنه يهدف إلي منع اضمحلال سوريا شعبا وأرضا واقتصادا وتفكيكها إنسانيا واجتماعيا واستجابة لعملية حل سياسي يضمن انتقالا سلميا للسلطة. وجاء تحذير مدير الاستخبارات العسكرية العامة الروسية الجنرال إيجور سيرجون من انهيار سورية حال استمرار الجماعات المتطرفة في البلاد بفرض شروطها في مسألة إنشاء نظام الدولة متسقا مع مضمون المبادرتين السابقتين, حيث قال سيرجون في كلمته أمام المؤتمر الدولي الجوانب العسكرية والسياسية للأمن الاوروأطلسي, المنعقد في موسكو أمس ونقلتها وكالة نوفوستي إن عدم استقرار الأوضاع يؤدي إلي توسيع رقعة النزاع في سورية, حيث أن الأطراف المتنازعة تراهن علي التسوية العسكرية للقضية وأضاف المسؤول الروسي أنه حتي في حالة إجراء انتخابات رئاسية في سورية تشارك فيها المعارضة المعتدلة, فان القوي المتطرفة ستستمر في فرض شروطها لتشكيل نظام إدارة الدولة مؤكدا علي أن هذه الحقيقة يمكن أن تتسبب في انهيار البلاد, وازدياد أعداد المهاجرين إلي دول الجوار, وزعزعة الاستقرار في المنطقة, وفي رسالة إلي الغرب قال إن ارتفاع عدد أنصار الجهاد المسلح من أوروبا في صفوف المعارضة المسلحة السورية و الثوار الليبيين.. خطر كبير لأنهم سيعودون بعد حصولهم علي خبرة قتالية في نهاية المطاف إلي بلدانهم, ويستخدمونها في القارة الأوروبية. ومن جانبه, أعلن سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي رفض بلاده للعقوبات الأحادية الجانب التي تخطط الولاياتالمتحدةالأمريكية لفرضها علي موردي الأسلحة إلي النظام السوري معلقا علي أنباء أوردتها صحيفة واشنطن بوست الامريكية تفيد بمصادقة لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي علي مشروع قانون ينص علي توريد أسلحة إلي قوات المعارضة السورية, وفرض عقوبات بحق الدول التي تورد أسلحة ونفطا للسلطات السورية, فهل يريد الغرب استمرار تأجيج الصراع السوري وعدم الوصول إلي حل سياسي وهل يتفق ذلك مع رؤية المحللين الإسرائيليين مثل عاموس جلعاد المسئول عن الشئون السياسية بوزارة الدفاع الإسرائيلية والباحث بالشأن السوري والمحاضر بجامعة تل أبيب إيال زيسير اللذين رأيا أنه من الأفضل لإسرائيل أن يظل نظام الأسد ضعيفا, وتبقي سوريا في هذا الوضع أم أن المخاوف من تحول الصراع إلي صراع طائفي واحتمالات امتداده إقليميا بازدياد تدخل حزب الله وتحول مدينة طرابلس اللبنانية إلي ثكنة, ناهيك عن استمرار أزمة اللاجئين السورين التي أنهكت الاقتصاد اللبناني والأردني وتفاقم أزمة اللاجئين الفلسطينيين في كل من سوريا ولبنان قد يدفع الغرب إلي الموافقة علي حل سياسي للأزمة السورية.