بدأ العد التنازلي لانتخابات الشوري, وأغلق بالأمس باب الترشيح للتجديد النصفي, وفاز من فاز بتأييد حزبه لخوض الانتخابات, وخرج من خرج من عباءة حزبه ليترشح مستقلا, وأطلقت إشارة بدء الحملات الانتخابية للمرشحين, الجديد شهنا هذه المرة أنه بدأت ظاهرة جديدة تتسرب عبر شاشات بعض الفضائيات الخاصة, حيث بدأ بعض المرشحين يجدون في هذه القنوات وسيلة يعرضون ويقدمون أنفسهم من خلالها, وهذا ليس أمرا مرفوضا بشكله العام لو كان منظما, أما عن الضوابط فهنا الحاجة إلي وقفة للتقييم. منذ عدة سنوات بدأ عدد من القنوات الفضائية في إيجار أوقات علي الهواء لمن يريد أن يؤجر هذه الأوقات, في تلك الفترة كنا نسمع عن تلك القناة أو تلك التي تؤجر لطبيب ما يريد أن يقدم نفسه ونصائحه عبر الشاشة ويفتح التليفون للاستشارات الطبية, ويطلب من المتصلين زيارته في عيادته, بل ويضع عنوان العيادة ومواعيده ووسائل الاتصال به, النموذج الآخر أن يأتي شيخ أو من يعتقد في نفسه القدرة علي الإفتاء والحديث في الدين سواء كان هذا اعتقادا صحيحا أم لا ويؤجر هو الآخر مساحة هواء يتحدث ويفتي فيما يعلم وما لا يعلم بفلوسه و أيضا مروجو الأعشاب الطبية ومروجو الخرافة, كل هذا مقابل عدة آلاف من الجنيهات تقدم لتلك القنوات الصغيرة المجهولة, وليس هناك قواعد تحكم أو تحاسب من يقدم ما يقدم, وليس هناك أيضا أجهزة رقابية للمحاسبة الضريبية لمن يؤجر هذه المساحات, ولكن قبل ذلك فإن القانون وعقود تلك القنوات وفي حدود ما أعلم لا تعطي لها الحق في أن تؤجر مساحات هواء من الباطن لأي جهة أخري. هذه الأشكال من الإيجارات غير الشرعية لمساحات البث علي تلك القنوات كان هناك غض طرف أو عدم متابعة أو عدم معرفة بما يحدث فيها, وهو أمر خاطئ في حد ذاته, ولكن الأخطر هذه الأيام هو أن عددا من المرشحين بدأ يفطن إلي هذا الأسلوب, فبدأ البعض منهم في إعداد برامج تليفزيونية خاصة به للإذاعة علي تلك القنوات, وبدأ البعض يشتري مساحات من الهواء من تلك القنوات لمتابعة أنشطته الانتخابية, أو نشاطه في دائرته, أو أفكاره السياسية و الاجتماعية الدينية, وهنا مكمن الخطر, وعندما نطرح هذه القضية لنطالب بوضع قواعد لحماية المجتمع فليس هذا اختراعا أو اعتداء علي حرية الإعلام أو تقييدا للحملات الانتخابية, وهنا تكمن أهمية وجود مدونة للسلوك الإعلامي أثناء الانتخابات, وأفضل من يصدر هذه المدونة هو اللجنة العليا للانتخابات, وأيضا هناك أهمية كبيرة للتأكيد علي وجود قواعد قانونية تحكم أداء القنوات التي اعتمدت الإيجار من الباطن لأوقات البث لآخرين وهو الأمر الذي يتناقض قانونيا مع طبيعة وشروط إنشاء تلك القنوات, وهو الأمر الذي يستدعي أيضا وضع ضوابط قانونية وألا تظل هذه المنطقة هي الأخري في إطار العشوائية التي تحكم الكثير من حياتنا.