ذكرتني أحداث الكاتدرائية في العباسية بحادث نجع حمادي الذي وقع ليلة عيد الميلاد عام2010, وكلا الحادثين يرتبطان بالفتنة الطائفية التي تهدد استقرار المجتمع وتفكك نسيجه الوطني وهي مشاهد لم تعرفها مصر خلال تاريخها الحديث. والحاصل في مصر فيما يتعلق بهذه القضية ما يلي: أولا إن مصر عبر تاريخها العريق لم تعرف الفتنة الطائفية أو الانقسام العرقي أو القبلي أو الديني, حيث إن مفهوم الفتنة الطائفية تعني إن المسلم يكره المسيحي أو العكس وهذا الشعور لا يوجد في مصر, ولكن تصدر المشهد السياسي بعض المتشددين ممن يجاهدون من أجل تغيير هوية الدولة المصرية. ثانيا أن الطائفية في مصر تنتمي إلي مجال السياسة لا إلي مجال الدين أو العقيدة, وهي تشكل سوقا سوداء أو موازية للسياسة وليس دفاعا متعصبا عن الدين أو العقيدة, أي أن الدين يستثمر لأغراض دنيوية, ناهيك عن أن الإسلام عبر تاريخه الطويل لم يعرف الطائفية بمعناها الحديث. ثالثا أن مصر لم تغلب عليها العصبيات الدينية أو العرقية ولم تصبح الطائفية جزءا من نظامها السياسي والاجتماعي مثل لبنان والعراق ولم توجد بها حروب قبلية ومذهبية أدت إلي اختفاء الدولة مما ساعد علي الأحداث الارهابية والحروب الأهلية التي عبثت بمصير شعوب مثل الصومال. رابعا إن الخطاب الديني شهد خلال العامين الأخيرين اجتهادات لبعض الشيوخ أو الأساتذة الأجلاء ممن لا يعيشون عصرهم ولا ينتمون إلي الأزهر الشريف, عبر فضائيات آخر الليل ملاكها غير مصريين, هؤلاء يحرمون كثيرا مما أحله الله, إضافة إلي اختلاط الدعوة والموعظة الحسنة في هذه القنوات بالمشهد السياسي. خامسا أن مصر شهدت خطابا دينيا متعدد الأفكار والأيديولوجيات فهناك الخطاب الاخواني, والخطاب السلفي, وخطاب الجماعة الاسلامية, وخطاب التيارات الاسلامية الجهادية الذي استخدم في وقت العنف, وهناك الخطاب الديني التجاري مثل الشعارات الدينية التي تستخدم في موسم الانتخابات بأنواعها, إضافة إلي خطاب الأزهر الذي بدأ من أعظم مجدد للفكر الديني هو الشيخ محمد عبده في الثلاثينيات والأربعينيات, واستمر الخطاب مع فقهاء وعلماء أجلاء لأزهرنا الشريف وعلي رأسهم فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب. سادسا إن هناك قوي خارجية مثل إسرائيل لديها طموح في تفتيت الوحدة الوطنية, وتقسيم مصر إلي دولتين قبطية وإسلامية وهو ما أكدته كتابات ودراسات المؤرخين عبد العظيم أنيس وميلاد حنا وغيرهما من الكتاب والمفكرين, وأيضا دور الولاياتالمتحدةالأمريكية في إطار المشروع الامبريالي الأمريكي للسيطرة علي العالم الثالث. المطلوب: 1 تطوير الخطاب الديني داخل المساجد, وعبر المنابر وفي خطبة يوم الجمعة التي يذهب إليها90% من المسلمين رجالا وشبابا وأطفالا, من خلال وزارة الأوقاف ومنع كل من يشعل الفتنة بين المصريين من الواعظين أو الدعاة. 2 تجريم المظاهرات أمام دور العبادة وإصدار تشريع يمنع الاحتجاجات أمام الأزهر والكنيسة. 3 تطوير الخطاب الديني الإعلامي من خلال سرعة إنشاء قناة للأزهر, تضم علماءه وتوجه خطابا دينيا إلي مجتمع نسبة الأمية في نسائه70% من مجموع الأميين في مصر, إضافة إلي ثقة وتأييد شعب مصر لكل ما يصدر عن أزهره الشريف. 4 عدم السماح بالشعارات الدينية في قانون الانتخابات القادم وحتي لا نجد مجموعات من المسلمين يحملون الهلال وآخرين من المصريين المسيحيين يحملون الصليب ويطوفون في الشوارع للدعايات الانتخابية, وينتقل ذلك إلي الجامعات بين الطلاب, وتجريم الدعايات الانتخابية داخل دور العبادة بأنواعها. 5 تجديد الخطاب الديني في المدارس من خلال مقرر التربية الدينية, وتوعية الطلاب في المدارس والجامعات بحقوقهم وواجباتهم, وتكريس مبدأ المواطنة في المنظومة التعليمية عامة والمناهج بصفة خاصة وعدم تسريب الكتب( ممن لا تحمل رقم إيداع) التي تدعو إلي التطرف والطائفية والأفكار المغلوطة وهي ليست من صحيح الدين. 6 تطبيق قانون الطواريء استثنائيا كما كان مطبقا أثناء الفترة التي تولي فيها المجلس الأعلي للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد علي الخارجين علي القانون, والفتوات الذين تحدث عنهم نجيب محفوظ في رواياته, والتفرقة بين الشهيد والفتوة أو البلطجي, وحبس كل من يحمل أسلحة بدون ترخيص تهدد المواطنين وتستخدم في شق صف الوحدة الوطنية, شريطة ألا يطبق علي أصحاب الرأي والفكر السياسي. إن مصر بنسيجها قوية, بتاريخها عريقة, بحضارتها قامة وقيمة بأزهرها وكنيستها متوحدة رغم أنف الحاقدين والمتربصين وشعبها عاش مسلموه وأقباطه أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان. رابط دائم :