إلي, إلي, يا غرباء يا فقراء يا مرضي كسيري القلب والأعضاء, قد أنزلت مائدتي إلي, إلي بهذه الابيات يبدأ صلاح عبد الصبور قصيدته القديس.. واليه تجمع عدد من اصدقائه ومحبيه في الندوة التي اقيمت مساء امس الاول' الاثنين' بأتيليه القاهرة. للاحتفال بالذكري الثمانين لميلاد الشاعر الراحل. رغم قلة الحضور الذي لم يخرج عن عدد قليل من الصحفيين ومجموعة من اصدقاء الشاعر الكبير الراحل ومن بينهم د. محمد ابو الغار والكتاب سناء شافعة ومكاوي سعيد وفتحية العسال ومنيرة مصباح والشاعر ابراهيم داود بالاضافة للشاعرين ياسر الزيات ود. حسن طلب اللذين شاركا بإلقاء عدد من قصائد عبد الصبور. امتدت الندوة والأمسية الشعرية لما يقرب من ساعتين دون مداخلات من الحضور. ودون وجود اعضاء من لجنة الشعر بالمجلس الاعلي للثقافة سوي الشاعر حسن طلب. في بداية الندوة تحدث الناقد د. محمد بدوي عن الدور الذي لعبه صلاح عبد الصبور في تحديث الشعر العربي وقال:' صلاح عبد الصبور مثله كمثل امل دنقل وفؤاد حداد وصلاح جاهين وعبد الرحمن الشرقاوي, هم تلك المجموعة من الشعراء الذين ظلت مصر تحلم بإنجابهم ليكونوا صوتها المعبر عن احلامها وأشواقها'. ووصف د. محمد بدوي صلاح عبد الصبور بكونه نسيجا متفردا في الشعر العربي استطاع رغم المد القومي الذي كان يبشر بسيطرة الشكل التقليدي للشعر وبقائه أن يقف وزملاؤه من رواد قصيدة التفعيلة لصناعة أول هزة اجتاحت الشعر العربي لتكسر جموده وقيوده وتنفض عنه الصور التقليدية واللغة المتكلفة ليصنعوا شعرا جديدا يتحدث بآمال الناس وآلامهم. وأضاف بدوي ان صلاح عبد الصبور لم يكن شاعرا بل مشروعا شعريا متكاملا وهو صاحب الريادة الحقيقية في الدراما الشعرية في العالم العربي فمثل عمله الدرامي الشعري الاول' مأساة الحلاج' خطوة جريئة نحو كتابة الدراما الشعرية العربية الاسلامية الخالصة رغم انه تأثر في منهجه هذا بالشاعر الانجليزي المخضرمThomasStearnsEliot توماس ستيرنس اليوت المعروف بT.S.Elliot الا انه ظل مثقفا عربيا واعيا وشاعرا مصريا مخلصا. ووصف الناقد الذي اعد رسالة الماجستير الخاصة به عن شعر صلاح عبد الصبور صوته الشعري بالغاضب المتفرد. حيث يري بدوي ان عبد الصبور استطاع ان يخرج عن الجماعة مستشهدا باستدلال خاص به خاص ببدوي بأن عبد الصبور احب الاشتراكية ولم يحب نظام الثورة والحكومة التي تولدت عنها ودلل بدوي علي ذلك بما ذكره عبد الصبور في سيرته' حياتي في الشعر' من انه كان شعره عامرا بالحزن رغم ان الدولة كانت تبني السد العالي مما دفع بدوي لاستنتاج ان عبد الصبور لم يكن' يبتلع' النظام الجديد. ويكمل بدوي: الا انه رغم ذلك ورغم غضبه وثورته علي الجماعة ظل مخلصا لهمومها.. متحدثا بلسانها دون ان يتخلي عن صوته المتفرد الذي ظهر بجلاء في ديوانه الثاني' اقول لكم' الذي ظهر فيه فهمه الخاص للشعر والوطن. ففي هذا الديوان' أقول لكم' يعلن صلاح عبد الصبور نبوته الشعرية عبر هذه العبارة المتحجرة المأخوذة من الكتاب المقدس التي يعنون بها ديوانه. ويثبت من خلالها صوته الشعري المتفرد الذي ما ان ظهر في ثالث دواوينه' احلام الفارس القديم' وضعه في صدارة المشهد الثقافي والشعري العربي. واختتم بدوي كلمته بقوله: ان صلاح عبد الصبور مات صغيرا' في الخمسين' الا انه مازال يكبر بعظمة شعره وأثره. ثم تبادل الشاعران د. حسن طلب وياسر الزيات إلقاء قصائد للشاعر الراحل ومن بينها الظل والصليب وتوافقات وقالت التي القاها الزيات, واحلام الفارس القديم وشنق زهران التي علق عليها د. حسن طلب عقب القائه لها بانها تلفت الي فرادة الصوت الشعري لصلاح عبد الصبور. ففي هذه القصيدة لم يتجه صلاح عبد الصبور الي البكاء علي الاطلال ووصف المكان والتغني به كما سبقه شوقي في مرثية دنشواي التي قال فيها: يا دنشواي علي رباك سلام ذهبت بأنس ربوعك الأيام كيف الأرامل فيك بعد رجالها وبأي حال أصبح الأيتام عشرون بيتا أقفرت وانتابها بعد البشاشة وحشة وظلام اما عبد الصبور والحديث مازال ل.د. حسن طلب فقد التفت للانسان صاحب المكان وصور في قصيدته زهران حبه للحياة المتمثلة في بطل قصيدته. هذا الاحتفاء بالحياة الذي كان هو لب قصائد صلاح عبد الصبور رغم حزنها. وفي نهاية الامسية قرأت الفنانة معتزة عبد الصبور صغري ابنتي الشاعر الراحل رسالة كتبتها الي والدها بعد ان وجدت عقب وفاة والديها تلك الرسائل التي كان يرسلها عبد الصبور الي زوجته واليها وشقيقتها واعقبتها قراءة قدمها ياسر الزيات لرسالة كان قد كتبها عبد الصبور الي معتزة في طفولتها..