كان الفن في مصر القديمة خادما للدين, فالمصري متدين بطبعه طوال العصور. عرف المصري القديم صناعة التماثيل منذ العصر الحجري الحديث, وبذلك تعد الحضارة المصرية القديمة من أقدم الحضارات التي عرفت فن صناعة التماثيل. اعتبر المصري التمثال بديلا عن صاحبه ومن ثم اهتم الفنان بإبراز سماته الفنية و ملامحه الشخصية, وجعلوا التمثال في وضع الثبوت والاستقرار مما يعكس ما يتمناه الشخص من ديمومة حاله واستمرار حياته الاخروية بنفس الوضع المستقر الذي يظهر علي تمثاله. اتقن المصري ابراز الملامح الشخصية علي التماثيل حتي اننا نستطيع أن نميز كل شخص بملامحه الخاصة وذلك حتي تستطيع الروح-بكل سهولة- أن تتعرف علي صاحبها وتعود إليه بعد موته فيبعث من جديد, وذلك لما لاحظه المصري من ضياع الجثث وتحللها ومن ثم صنع التماثيل من احجار ومواد صلبة تخدم فكرته عن البعث وتظل باقية للأبد إذ مثل له الموت التحدي الاعظم الذي اراد أن ينتصر عليه. حرص الفنان علي تمثيل الاشخاص بصورة مثالية رياضية حيث الجسد الممشوق والعضلات المفتولة حتي يبعث بهيئته المثالية هذه في العالم الآخر. ولأن مصر بلد حار ولإظهار تفاصيل الجسم المثالي أيضا اكتفي المصري في تماثيله بملابس قليلة فغالبا ما مثل الأشخاص يرتدون نقبة قصيرة تشبه الجيبة التي ترتديها النساء حاليا, وهذه النقبة تغطي منتصف الجسم مما يعكس ما تمتع به المصري القديم من حياء وعفة( عكس ما شاع في التماثيل الانثوية في العصرين اليوناني والروماني). لم يتغاض الفنان عن إظهار الحركة علي التماثيل إذ اظهر حركات اليدين والساقين; فوضعت اليدين فوق الصدر أو فوق الساقين في وضع الوقار والصلاة, ودائما مثل الشخص وهو يقدم ساقه اليسري للأمام وكأنه يهم بدخول العالم الآخر بساقه اليمني ولأن هذه الوقفة هي وضع ارتكاز واستقرار وتوازن( فيما عدا حالات نادرة تعد علي أصابع اليد الواحدة مثل الشخص يقدم الساق اليمني). صورت التماثيل اصحابها الموتي في وضع الثبات والاستقرار لتعكس ما ينتظره المتوفي من بعث وإعادة حياة, ولتعكس الملكية المستقرة علي التماثيل الملكية, وكثرت التماثيل القابعة والراكعة في المعابد لتعكس وضع الخشوع والصلاة في رحاب سكان المعبد من ارباب وربات, واتقن الفنان إبراز نظرة التأمل وعمق التفكير علي عيون التماثيل التي تكاد تنبض بالحياة. وحينما أراد الفنان إبراز الحركة وخاصة علي تماثيل الخدم والعمال, أبدع الفنان في ذلك وظهرت لنا هذه التماثيل وهي تنبض بالحركة والحياة. أخيرا لا مجال للمقارنة بين التماثيل في مصر القديمة والتماثيل في العصرين اليوناني والروماني لسببين رئيسيين: أولهما اختلاف الهدف, ففي مصر كان الدين هو المحرك الرئيسي للفن ولم يكن فنا لأجل الفن فهو يعكس المعاني الدينية التي يؤمن بها وحينما أراد أن يعبر عن صيد افراس النهر والتماسيح رمز الشر أظهر الحركة علي تمثال الملك توت عنخ آمون, وصور الربة الحامية( سلكت) وهي تبسط يديها وتلتفت بوجهها في وضع ينم عن اليقظة. والسبب الثاني أن لكل عصر اسلوبه الفني ومواضيعه التي تختلف من عصر لآخر.