كالمعتاد وكما عود الأزهر جماهير مصر علي مدي تاريخه خرجت وثيقة الأزهر الشريف التي وقع عليها عدد كبير من القوي السياسية والأحزاب لنبذ العنف وتشجيع الحوار, التي اقترحها شباب الثورة والتي صاغها الأزهر الشريف بالتعاون مع مختلف القوي بمشيخة الأزهر. وهو دور معتاد لأن ذكر الجامع الأزهر يقترن بسير الحياة العقلية في مصر منذ ما يزيد علي ألف عام, وهو لايزال بالرغم من تقادم العهد وتطور الظروف والأحوال يشغل في تلك الحياة حيزا له خطره. والأزهر اليوم هو جامعة مصر الاسلامية الكبري وقد لبث علي مر العصور متسما بصفته العلمية والدراسية. ومنذ أواخر القرن السابع الهجري( الثالث عشر الميلادي) يسيطر الأزهر شيئا فشيئا علي سير الحركة العقلية في مصر ويغدو كعبة الأساتذة والطلاب من الأمم الاسلامية جميعا, ويجب ذكر وتأكيد أن الازهر كان منذ البداية جامعة حرة مفتوحة الأبواب لكل الطلاب بدون قيد أو شرط. والأزهر, فضلا عن قيادته للحركة العقلية بمصر يغدو شيئا فشيئا جامعة الاسلام الكبري, لا في مصر فقط ولكن في العالم الاسلامي كله, ذلك أن حركة التفكير الاسلامي انهارت في الشرق بانهيار الدولة العباسية, وسقوط بغداد في يد التتار سنة656 ه.( سنة1658 م) واضمحلت في الغرب الاسلامي بسقوط القواعد الاندلسية الكبري وفي مقدمتها قرطبة وأشبيلية في أيدي الأسبان, وفي النصف الأول من القرن السابع ومنذ ذلك الحين تتحول زعامة الحركة الفكرية الاسلامية إلي القاهرة ويغدو الازهر أعظم مركز للدراسات الاسلامية والعربية في العالم الاسلامي. وبلغت الحركة العلمية والأدبية في مصر الاسلامية ذروتها من التقدم والازدهار في القرن الثامن وأوائل القرن التاسع( القرن الرابع عشر وأوائل القرن التاسع عشر) ولا غرو ففي تلك الفترة بالذات تصل دولة السلاطين المصرية إلي أوج قوتها, وتغدو مصر من أعظم دول البحر الابيض المتوسط قوة ومدنية ورخاء وفي ذلك يبلغ الجامع الأزهر أيضا ذروة الازدهار والنفوذ العلمي, ويسميه الكثيرون بعصره الذهبي. وبالرغم من أن القاهرة عندئذ كانت تحتوي عددا كبيرا من المدارس أو الكليات الدينية والمدنية فإن الأزهر ظل دائما مركز الدراسة المفضل من سائر الأمم الاسلامية. وقلما نجد بين أقطاب الحركة الفكرية المصرية في تلك الفترة من العلماء والأدباء وهم سجل حافل لا حصر له من لم يقترن اسمه بذكر الأزهر, أستاذا أو طالبا. ونستطيع أن نذكر من بين أساتذته يومئذ جمهرة من أعلام التفكير الإسلامي مثل العلامة الفيلسوف المؤرخ ابن خلدون وابن الدماميني إمام النحو والمقريزي أعظم مؤرخي مصر والحافظ ابن حجر العسقلاني, وبدر الدين العيني وسراج الدين البلقيني وشرف الدين المناوي وغيرهم. ممن حفل بهم هذا العصر الزاهر. إن استعراض تاريخ الأزهر هو تاريخ مصر في عدة مراحل ويكفي تاريخ كل فترة من حياة هذا المعهد الخالد للتعريف بوظيفته التي استقر عليها وبيان مكانته التي تبوأها من الأمة. والجامع الأزهر بحكم العرف والتقاليد وحكم العقيدة والسمعة هو صوت الأمة المصرية وهو ملاذ القوة الروحية في نفوس أبناء الأمة. ومن الواضح أن الجامع الأزهر انما استقرت له هذه المكانة في العالم كله لأنه المدرسة الجامعة في الرقعة الوسطي من العالم الاسلامي الفسيح من المشرق إلي المغرب, بين مدارس بغداد في المشرق ومدارس قرطبة في المغرب وقد أفلت هذه المدارس حينا مع أفول الدولة العباسية وأفول الدولة الأموية وسائر الدول الأندلسية وورثت الجامعة الازهرية شهرتها جميعا كما ورثت القاهرة شهرة مصر القديمة بالعلوم والمعارف حيث اشتهرت مصر في العالم كله بأنها معدن العلوم والمعارف عبرالشهرة العريقة التي ذاعت عنها قديما ثم اتصلت بها بعد الإسلام شهرة الجامع العتيق ثم شهرة الأزهر بعد انفراده بإمامة العلم في بلاد الاسلام كما يقول الاستاذ العقاد والأمل أن يستمر الأزهر ويتطور بحكم الشهرة الموروثة إنه جامعة عالمية تزود طلابها بكل ما وسعته العقول البشرية من معارف الماضي والحاضر وعلوم الدين والدنيا استمرارا لرسالته التاريخية العظيمة. ومن هنا تجب متابعة الدور الايجابي للأزهر في ايجاد الأرضية المشتركة لثوابت الأمة وتحقيق تطلعاتها التي عبرت عنها في ثورة25 يناير. رابط دائم :