يعود 25 يناير 2013 بمعادلة لا تختلف كثيرا عن سابقه، أطراف المشهد السياسي الأربعة ما تزال فى الحلبة، وبنفس قواعد العلاقة السياسية القديمة تقريبا؛ الأول: "المجلس العسكري" توارى خلف الستار، لكن المؤسسة العسكرية تأسس وجودها كطرف حاضر فى المشهد السياسي، الثاني: "جماعة الإخوان" أصبحت تمثل النظام ومعها فصائل الدين السياسي، الثالث: الأحزاب السياسية تحضر فى آخر تمثلاتها السياسية "جبهة الإنقاذ"، وأخيرا الطرف الرابع: الثوار ومعهم بعض التنظيمات الشبابية والحراك الثوري. يأتي 25 يناير ومازال التنافس فى المشهد السياسي قائما بين الأربعة أطراف: المؤسسة العسكرية نجحت فى الخروج من دائرة المواجهة مع الثوار(فحاليا هذا الطرف هو الأكثر فوزا وتحقيقا لأهدافه على غير الشائع)، وحافظ بذكاء على دور الحارس الأمين الذى قد يتدخل مضطرا كخط دفاع أخير، فى حالة اقتراب البلاد من الفوضى السياسية. أما الإخوان –ومن ورائهم فصائل الدين السياسي- فهم فى مأزق شديد رغم وجودهم على رأس النظام، مرروا بدستورا كسب عداء فئات عريضة من الشعب، وقعوا فى فخ اللجوء للعنف فى أحداث الاتحادية فكسبوا عداء الثوار، لديهم فواتير سياسية عديدة داخلية وخارجية قد لا تنفع معها سياسية "مسك العصا من المنتصف". والطرف الثالث ويمثله الأحزاب السياسية الموجودة ب"جبهة الإنقاذ"، نجح لحد بعيد فى تطوير وجوده كبديل سياسي، ونجح بنسبة ما فى أن يجارى الحراك الثوري ويحاول أن يواكب حركة الثوار ومطالبهم، فيبدو للبعض وكأنه يحرك المشهد، ولكن بعض عناصره تحاول أحيانا أن تسبق الحراك الثوري، فتوقع الثوار فى تحمل المسئولية السياسية عن أفعال تضعف موقفهم. أما الثوار فيدخلون 25 يناير وهم يحملون جراحا كثيرة، على المستوى السياسي يرون أن التطهير البيروقراطي والتغيير الاجتماعي مازالا بعيدين، وعلى المستوى الميداني يشعرون بالمرارة بعد مصادمات الاتحادية التى وضعتهم فى مواجهة رفاق الأمس. حتى الآن قد يبدو 25 يناير 2013 آمنا، لكن مكمن الخطورة سيكون فى حالة تكرار الصدام بنفس أسلوب المواجهات، والعنف بين جماهير جماعة الإخوان والحراك الثوري أمام قصر الاتحادية، ستحاول جبهة الإنقاذ إدانة النظام بشدة والقول بأنه فقد شرعيته مرارا؛ مقدمة نفسها كبديل سياسي لجماعة الإخوان. ساعتها هذه الأطراف الثلاثة: الإخوان والأحزاب والثوار، سوف تحظى فجأة بالهزيمة، سوف يظهر الطرف الرابع الأقوى والذي تأتلف حوله العديد من معادلات النظام القديم ومكاسبه؛ ممثلا فى: المؤسسة العسكرية التى ستقدم نفسها فى صورة الحارس الأخير ضد وقوع البلاد فى أتون الفوضى. لن يأتي الحل إلا أن طريق المبادرة من جانب السلطة، التي يجب عليها أن تتخلى عن تكتيك "رد الفعل" وتبادر بطرح تصورات تغير معادلة الصراع القادمة، السلطة عليها مسئوليات سياسية ويجب أن تتوقف عن استخدام المثل الشائع "اللى حضر العفريت يصرفه"،إذا انتظر النظام الأحداث ليتعامل معها بالقطعة وبتكتيك إقامة الحجة والمقارعات السياسية، فسيكون الخاسر هو الجميع. ولأكون واضحا فى المطلوب من السلطة، أقول إنه يجب أن يتعامل الجميع مع المرحلة الانتقالية الحالية على أنها مرحلة ثورية للتطهير وبناء دولة المؤسسات، لا مرحلة انتصار فصيل سياسي بعينه باستخدام شعارات ديمقراطية مفرغة من المضمون والهدف الثوري.. يجب وضع خريطة طريق لتطهير الدستور من مواد الصراع السياسي التاريخى، ويجب إدارة مؤسسات الدولة بفكرة التطهير والكفاءات لا السيطرة التنظيمية لفصيل بعينه. يكمن الحل خلاصة: فى التعامل مع المرحلة الانتقالية كمرحلة استكمال تحقيق أهداف الثورة، خطورة استغلال وحرق المرحلة الثورية والانتقال لمرحلة التمكين السياسي لفصيل بعينه، إنها مقامرة قد تنجح أو قد تفشل لتعود بنا للبداية من جديد. وعاجلا أو آجلا لن يقبل الثوار إلا بالنصر، قد يعود التاريخ بهم قليلا للوراء، لكن قطار الثورة لن يقف إلا فى محطته النهائية؛ الذكي هو من يحقق للثورة أهدافها ويجعل من الثوار عونا له، كل الأماني أن يأتي 25 يناير 2013 والجميع لديه تصور لصالح المستقبل ومصر الثورة. رابط دائم :