آدي ارتفاع درجة الحريات في الآونة الأخيرة إلي تفشي ظاهرة "الصوت العالي" والتجرؤ علي الأعراف المصرية في كل جوانب الحياة، حيث اعتقد الكثيرون أنها السبيل الأمثل بل الوحيد لتحقيق أهدافهم. في البداية تقول دكتورة عزة هيكل الكاتبة والناقدة وأستاذة الأدب المقارن إن اعتقاد الشعب المصري بضرورة ممارسة العنف والتصرفات غير اللائقة للحصول علي حقوقهم يعود إلي حالة الكبت والقهر التي كانت سمة عصر الاستبداد علي مدار سنوات والتي أعقبتها حالة من الفوضي في كل شيء. واعتبر دكتور سمير عبدالفتاح أستاذ علم النفس السياسي وعميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها هذه الظاهرة أحد الأمراض الاجتماعية الخطيرة لأنها تنتشر بسرعة رهيبة وتؤثر بشكل سلبي علي حياة المواطنين والعلاقات الإنسانية فيما بينهم. وشدد عبدالفتاح علي ضرورة أن يكون للدولة موقف حازم تجاه كل من يتخطي الحدود المسموح بها للحرية والتعبير عن الرأي ولو بقرارات ديكتاتورية ومستبدة إذا كانت السبيل الوحيد للخروج من هذه الفوضي والهمجية والانفلات الأخلاقي. ومن جانبه، قال دكتور عطية مبروك داعية إسلامي إن "الصوت العالي" سلوك ينم عن سوء خلق وتجاهل تعاليم ومبادئ الدين الإسلامي الذي يحثنا علي الرقي في التعامل والابتعاد عن كافة مظاهر العنف، مشيرا إلي قول المولي تعالي "ادْعُ إِلَي سَبِيل رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم ْبِالَّتِي هِيَ أَحْسَن ِإنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ". وأوضح أن صاحب الحجة القوية لا يلجأ إلي هذه الممارسات وبالتالي يقبل الناس عليه ويصغون إلي كلامه، هذا هو منطق المسلمين الذين يثقون بالله عز وجل ويعلمون أنه لن يمسهم السوء بأمره، وكما قال الرسول صلي الله عليه وسلم "لو اجتمعت الأمة علي أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا علي أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك". وأضاف عطية أن صاحب الحق لديه يقين باسترداد حقه حتي ولو بعد حين،فالظلم أهون لديه من السعي لاسترداد حقه بأساليب بعيدة عن قيم الإسلام. وأرجع هذه الظاهرة التي سادت المجتمع المصري إلي شيوع بعض المفاهيم المغلوطة والعبارات الرنانة التي ألقت بظلالها علي الكثير من الأفعال والممارسات فإذا ما تأخر حكم محكمة لبطء الإجراءات مثلا نجد من يزعم أن الحق لا يؤخذ إلا بالذراع، بالإضافة إلي ان الاباء والأمهات يدعون ابناءهم الي اخذ حقوقهم بالدراع - خاصة بعد الثورة -، وهو حال الكثير من الأسر المصرية في وقتنا الحالي.