بعض صياغات المسودة الأولية للدستور ركيكة وتنم عن أن بعض من كتبوها غاب عنهم العمق الثقافي وهم يكتبون. كما يبدو إحساس هذا البعض بالحقائق المصرية الثابتة غير حاضر. ومن الأمثلة أن الفقرة الأولي من المادة الأولي جاءت كالتالي: جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة, وهي موحدة لا تقبل التجزئة, ونظامها ديمقراطي. ويتمثل عيب هذا النص في أن الدولة المستقلة ذات السيادة هي مصر, وأن اسمها الرسمي أو المستحدث بالقرار الذي أصدره الرئيس الراحل أنور السادات هو جمهورية مصر العربية. وفي وجود دستور وفي غيابه مصر لا تقبل التجزئة, لأنها أقدم دول العالم ولأن نسيجها السكاني قوي ومتماسك. وقد كان ممكنا أن يرد النص علي ديمقراطية النظام في موضع آخر. وعلي ذلك كان متعينا أن يكون نص الفقرة كالتالي: مصر دولة عربية اسمها الرسمي جمهورية مصر العربية. وأفهم, ويفهم أغلب المصريين, أن الشعب المصري جزء من الأمة العربية, وذلك علي أساس وحدة الإقليم ووحدة اللغة بجانب الدين الإسلامي والدين المسيحي لكن كيف يكون الشعب المصري جزءا من الأمة الإسلامية؟. صحيح أن المصريين إحساسهم عال بإخوتهم المسلمين في كل مكان لكن كيف يمكنهم أن يشعروا بأنهم جزء منهم؟ فهل جاء هذا القول مجاملة للإسلاميين في الجمعية التأسيسية؟ وتبلغ الصياغة الإنشائية الذروة في نص الفقرة الثانية من المادة الأولي التي تقول- من بين ما تقول- إن الشعب المصري يعتز بانتمائه لحوض النيل وافريقيا وامتداده الآسيوي ويشارك بإيجابية في الحضارة الإنسانية. فهل يكون في الدستور مجال للاعتزاز أو غيره من المشاعر الطيبة التي لا تترجم إلي نص قانوني؟ وفي المسودة الكثير والكثير من ذلك. لكن في اعتقادي لا يزال تدارك الأمر ممكنا.