في لحظة تخلي فيها عن عقله وتحول إلي دمية في يد الشيطان, طاوعت هذا الرجل يداه القاسيتان الجامدتان علي ذبح زوجته, وطعن ابنته التي لم تتجاوز الخمس سنوات عدة طعنات في جميع أجزاء جسدها وحاول قتلها. لم يكن المتهم واقعا تحت تأثير الهلوسة أو أي نوع آخر من المخدرات, بل كان في وعيه التام وهو ينهي حياة زوجته وشريكة عمره, ويحاول التخلص من ابنته التي يفترض أنها فلذة كبده, ويلطخ بدمائها جدران منزله. كان بالفعل يدري بكل شيء, ويعي كل صغيرة وكبيرة, حيث أخرج ابنه التلميذ بالصف الخامس الابتدائي من الشقة وأغلق الباب علي زوجته وابنته, واستل سكينا من المطبخ وانهال به عليهما طعنا, حتي لفظت زوجته أنفاسها, بينما دخلت ابنته في غيبوبة من جراء الإصابات الخطيرة التي لحقت بها. وبعد فراغه من ارتكاب جريمته المروعة, أراد أن يغسل يديه من الإثم, فادعي أنه مريض نفسي, ويعاني من اضطرابات عصبية, رغم إقراره بارتكاب الجريمة بقلب بارد وعقل متحجر غير نادم علي ماحدث. تفاصيل الجريمة البشعة, سطرها محضر بمركز شرطة أوسيم, عندما أفاقت قرية بشتيل من نومها منذ أيام علي صراخ المئات من الأهالي وعويل النساء, هرول الجميع يمينا ويسارا, إثر سماعهم خبر وقوع مذبحة ووجود جثتين في المنزل رقم29 بشارع سعد زغلول, وسط حالة من الرعب والذهول انتابت أهالي المنطقة, وسريعا ماوقع الخبر علي الجميع كالصاعقة, عندما سمعوا أن عصام ذبح زوجته وابنته ولاذ بالفرار. وقد ترددت الشائعات بأن عصام ارتكب الجريمة بسبب هواجس جالت بخاطره وشكه في سلوك زوجته ونسب ابنته له, وقال آخرون إنه ارتكب الجريمة لأنه أصيب بلوثة عقلية في أثناء تواجده بميدان التحرير, للمشاركة في المظاهرات. وكان اللواء احمد الناغي مساعد أول الوزير لأمن الجيزة, قد تلقي اخطارا من اللواء كمال الدالي مدير الادارة العامة للمباحث بورود بلاغ من الأهالي بمنطقة بشتيل, بقيام عامل بقتل زوجته, وطفلته بسكين وفر هاربا. انتقل اللواءان طارق الجزار نائب مدير الإدارة العامة للمباحث ومحمود فاروق مدير المباحث إلي مكان الواقعة, وتبين أن الجثة لربة منزل تدعي سماح30 سنة مصابة بجرج ذبحي بالرقبة وأكثر من15 طعنة نافذة بجسدها, وعثر علي مريم6 سنوات مصابة بجرح بالرقبة و10 جروح قطعية بالجسد, وتبين أن الطفلة بين الحياة والموت وتلتقط بعض الأنفاس بصعوبة بالغة, فتم استدعاء الإسعاف لها ونقلها إلي مستشفي الساحل التعليمي. تبين من تحريات العميد عرفة حمزة رئيس مباحث قطاع الشمال والعقيد درويش حسين مفتش المباحث, أن وراء ارتكاب الجريمة عصام33 سنة زوج المجني عليها, حيث عاد المتهم من عمله يو م الجريمة, وحدثت مشادة كلامية بينه وبين المجني عليها, قام علي أثرها بإخراج ابنه محمد5 سنوات من الشقة, وأغلقها علي نفسه وزوجته وابنته, وأحضر سكينا من المطبخ اعتدي به عليهما بالطعنات, ولاذ بالفرار بعد أن تركهما وسط بركة من الدماء. وعندما شاهد ابنه الجريمة هرول إلي شقة عمه أشرف المجاورة لشقتهم, وأخبره بأن والده ذبح أمه وشقيقته, واستمع المقدم عطية نجم الدين رئيس مباحث أوسيم إلي أقوال شقيق المتهم, الذي أفاد بأن أتصل به وطلب منه إحضار سيارة لدفن زوجته, وابنته لأنه ذبحهما, وماهي سوي دقائق حتي دخل عليه محمد ابن شقيقه وأخبره بالفاجعة. وأضاف أن شقيقه أصيب باضطرابات نفسية بعد اشتراكه في أحداث الثورة واعتصامه بميدان التحرير, وقرر أن مشاهد قتل المتظاهرين خلال ثورة يناير أثر علي أعصابه وجعله مهتزا نفسيا وقال إنه تم حجزه في مستشفي العباسية لمدة3 شهور. تم عمل عدة أكمنة, نجح خلالها الرائد محمد مجاهد داود رئيس مباحث بشتيل والنقيب محمد حسني معاون مباحث أوسيم في القبض علي المتهم, وبمواجهته أمام العميد حسن عبد الهادي مأمور مركز أوسيم, اعترف بارتكابه الجريمة وقال إنه طلب من زوجته إحضار مفاتيح السيارة فرفضت فتعدي عليها بالضرب بسكين.اصطحب هشام حاتم رئيس النيابة, المتهم إلي مكان الجريمة وبصحبته المتهم لإجراء المعاينة التصويرية, وقام الرائد عبد الرحمن الفقي رئيس نقطة بشتيل, بعمل كردون أمني حول المكان, خشية قيام أسرة الزوجة المجني عليها بالفتك بزوجها.