فجرت أزمة محطات المياه غير المرخصة والتي يصل عددها لأكثر من2200 محطة منتشرة في ربوع وقري مصر أزمة صحية بدأت بوادرها تظهر مع تكرار حوادث التسمم الميكروبي بسبب عدم معالجة مياه الشرب لتلك المحطات أو وجود خطة لمعالجتها بشكل جذري. ما بين النفي والتأكيد.. ووسط مجموعة من الأرقام المتضاربة عن أعداد المصابين سواء تلك التي خرجت من تصريحات المسئولين وآخري يؤكدها الأهالي تعيش قرية صنصفط بالمنوفية علي شفا حفرة من الموت حيث يقضي سكانها أصعب لحظات حياتهم وهم يودعون عيد الفطر المبارك بكارثة كادت أن تودي بحياة بعضهم بسبب تجرعهم مياه إحدي محطات تحلية المياه الأهلية. وعليه تم إغلاق المحطة للوقوف علي تفاصيل الواقعة وأخذ عينات وتحليلها لمعرفة صلاحيتها للشرب من عدمهاحيث قرر وزير الصحة الدكتور محمد مصطفي حامد غلق محطات المياه غير المرخصة بقرية صنصفط والقري المجاورة لحين ورود نتائج العينات التي تم إرسالها إلي المعامل المركزية بالقاهرة لحسم سبب التسمم.. ليبقي السؤال المعتاد من المسئول عن الكارثة هذه المرة؟.. من المتسبب في تحول تلك المحطات المسئولة عن تنقية المياه وتحليتها إلي وباء جديد يدخل جميع المنازل ليقضي علي أبسط حقوقهم في الحصول علي مياه عذبة خالية من الشوائب والجراثيم وبدلا من أن تكون سببا لجعل كل شيء حيا تصبح سببا للهلاك.. في البداية يقول الدكتور مغاوري شحاتة رئيس الجمعية العربية للمياه الصحية إن هناك أكثر من2200 محطة مياه غير مرخصة وغير مطابقة للشروط الصحية منتشرة في قري ونجوع مصر تعتمد في أسلوب عملها علي البركة. وأوضح مغاوري أن محطات المياه الخاصة عادة ما يتم إنشاؤها عن طريق تمويل من الجمعيات الأهلية لمساعدة الفقراء في القري والنجوع للحصول علي مياه شرب نقية بعد أن عجزت أجهزة الدولة عن مد خطوط مياه نقية لهم تفتقر إلي الحد الأدني من المعالجة الصحية لدرجة أن مياه الشرب تختلط بمياه الصرف الصحي في القري التي لا يوجد بها شبكة صرف صحي. وحمل مغاوري مسئولية متابعة عمل محطات التنقية لوزارة الصحة والمرافق, مؤكدا أن تراخي الرقابة علي تلك المحطات أدي إلي انتشار حالات التسمم الميكروبي بسبب بدائية عمل تلك المحطات في التنقية والتكرير رغم وجود100 ألف كيلو متر من شبكات المياه النقية تغطي بر مصر. وأشار رئيس الجمعية العربية للمياه الصحية إلي أن حل تلك الأزمة يكمن في مراقبة عمل تلك المحطات وتطوير سعة المحطات الحكومية مع استمرار الضخ بكميات اكبر تكفي النجوع والكفور والوقف الفوري لكل من يخالف ذلك ومراقبة مشروعات الجمعيات الأهلية في مجال انتشار المحطات بالقري علي وجه التحديد وعدم السماح لها بإنشاء محطات تنقية للمياه إلا بعد متابعة الوزارات المعنية. واستطرد قائلا: ظاهرة انتشار محطات المياه الخاصة ينطبق عليها المقولة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب خاصة أن عدوي إنشاء محطات مياه خاصة في القري والنجوع انتقلت بين الجمعيات الأهلية بسبب وجود تمويل خارجي سخي من الجهات المانحة مما فتح شهية المقاولين علي اللعب في شروط الإنشاء لتحقيق مكسب مالي سريع علي حساب الشروط الصحية للمحطة التي لا تخضع لأي جهات رقابة قبل دخول المحطة الخدمة في الوقت الذي غضت الحكومة طرفها عن مراقبة عمل تلك المحطات أو حتي الإشراف عليها لعجزها عن توفير مياه شرب نقية أو مد شبكات مياه لتلك القري المحرومة. من جانبه قال محسن النعماني وزير التنمية المحلية الأسبق إذا كان حفر بئر لري الأراضي الزراعية لا يتم إلا بموافقة مسبقة من وزارة الري فمن الأولي أن يطبق ذلك علي يرغب من في إنشاء محطات لمياه الشرب سواء كانت الجهات المتبرعة جمعيات أهلية أو جمعيات خيرية. وشدد النعماني علي أن التحمل علي الجمعيات الأهلية واتهامها بالتقصير والتسبب في إنشاء محطات غير مطابقة للمواصفات هو نوع من إلصاق التهم بمن يحاول إن يرفع المعاناة عن كاهل الفقراء في القري والنجوع التي تنقطع المياه عنهم دون أن تسارع أجهزة الدولة بوضعه في خطة التطوير. وأشار النعماني إلي ضرورة إلزام الجهات المعنية بإنشاء محطات مياه خاصة الأهلية بالحصول علي ترخيص من وزارة المرافق ومياه الشرب والصرف الصحي لإنشاء اي محطة مياه خاصة وان معظم المحطات التي أنشأتها الجمعيات الأهلية لا تتوافر فيها الشروط الصحية مقارنه بالمحطات الحكومية رغم النوايا الطيبة لتلك الجمعيات في تنمية المجتمع المحلي وسد احتياجات القري من المياه. يقول الدكتور محمود محمد عمرو مستشار المركز القومي للسموم بطب قصر العيني إن حالات القيء والإسهال والنزلات المعوية التي تصيب المواطنين جراء تناول مياه ملوثة تهدد الصحة العامة للمصريين. ويشدد عمرو علي ضرورة التأكد من وجود أي مبيدات أو مواد سامة في عينات المياه بمحطات التحلية الخاصة المنتشرة في المحافظات لان اختلاطها بمواد الصرف الصحي يؤثر علي الصحة العامة ويصيب بامراض مزمنة.. مشيرا الي ان حالات التسمم تكررت في عدة محافظات في الآونة الاخيرة دون تحرك رسمي قوي لمنع تكرارها. وشدد عمرو علي ضرورة تحليل العينات في أكثر من معمل بعدة مناطق للتأكد من صحة النتائج كما يؤكد أهمية تحديد المشترك بين كل المصابين للتوصل إلي سبب رئيسي لهذه الحالة مشيرا إلي حادث مشابه في محافظة الشرقية كان في أواخر التسعينيات عندما أصيب أهالي قرية كاملة بالإسهال والقيء وأثبتت نتائج التحاليل أن الشيء المشترك بين منازل القرية بأكملها اعتمادهم علي مواسير تمر علي الصرف الصحي لينتهي بهم الأمر إلي التسمم نتيجة شرب مياه مخلوطة بالمجاري وبالتالي كانت الإصابات بالمئات. أما عن تحليل بعض الأطعمة التي تناولها المصابون قبل التسمم مباشرة فيتفق عمرو مع هذا الإجراء للوصول إلي السبب الحقيقي للإصابة خاصة أن العادات الغذائية بعد رمضان غير صحية.