من الخطأ في حق الوطن وضع العراقيل في طريق ممارسة حقوق التعبير عن الرأي و منها حق التظاهر و الإضراب و الإعتصام, كما إنه من الخطأ في حق هذه الحقوق امتهانها والتقليل من شأنها بسوء استخدامها. ما حصل في القاهرة خلال الأسابيع الماضية من تزايد نوعي و كمي في التجمعات الإحتجاجية ينبيء بمتغيرات عميقة و مهمة تحتاج إلي دراسة شاملة ووافية لتعامل موضوعي ديمقراطي ناضج مع الأحداث الجديدة, وتطوير برنامج الإصلاح الديمقراطي والسياسي ليتواكب معها. لقد نص الدستور صراحة علي حريات الرأي و التعبير بكل أشكالها, وأوكل للقانون طرق و وسائل تنظيمها, و لايجوز أن يمنع القانون ما منحه الدستور, كما لا يجوز أن يتعلل أحد بالمباديء العامة للنص الدستوري تبريرا لخرق القانون و مخالفته. نحن أمام إشكالية عجيبة.. شباب قرروا ممارسة حقهم في التعبير بالتظاهر من أجل مطالب محددة, و جهات رسمية مارست حقها القانوني في الاعتراض علي هذا التنظيم لأسباب يتيح لها القانون الارتكان عليها في الرفض. المسألة إذن ليست خطأ هذا الفريق أو ذاك, فكل من الطرفين قرر, لكن هناك نصوص قانونية تحدد الأصول في الممارسة, و قبول هذه النصوص القانونية أو الإعتراض عليها لا يعني مخالفتها قدر ما يعني إحترامها ثم المطالبة بتغييرها. قد يري البعض أن الأفضل وضع الطرف الأخر في مربع معاداة الديمقراطية و الحريات بسلوك محدد ربما يفيده إعلاميا لكنه بالتأكيد لن يفيد الممارسة الديمقراطية المطلوب توسيع إطاراتها وفي المقابل لا يجوز الاستناد علي نصوص تمت صياغتها في عهود و عصور سابقة لمنع ممارسات أصبحت جزءا أساسيا من ضمير عصر جديد يستحيل تجاهل معطياته و دلائله. من الخطأ تحميل الشرطة مسئولية تطورات يشهدها ملف حريات التعبير عن الرأي, ليس دفاعا عن الشرطة بقدر ما هو رصد لواقع, يمتنع فيه السياسيون وتتقدم فيه الشرطة بمفردها لتنظيم القانون..هذا مشهد يعيد للأذهان مع الفارق الكبير جانبا من مواجهات الإرهاب في التسعينات. حقوق التعبير عن الرأي تتطلب نصوصا قانونية جديدة تتيح ممارسة الحق و تضع له الضوابط كما هو معمول به في كل العالم, تسمح بالديمقراطية و تمنع الفوضي. [email protected]