وجدت صديقي ورفاقه يقتربون مني خارج جامعتي, فهرولت إليهم ظنا مني بأنه يريد معانقتي, لأننا لم نر بعضنا منذ أيام فإذا بالغدر يملأ عينه وبالفعل وضع سلاحه الأبيض أمام قلبي وقام بتقييدي هو ومن معه وألقي بي داخل سيارة. ومازالت الدهشة تسيطر علي كياني, وكأنني اتابع مشهدا سينمائيا بل وذهب بي الخيال لابعد من ذلك فحدثتني نفسي بان صديقي يقوم بالمزاح لتصوير مشهد كوميدي لي يضعه علي شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك ولكن ليست هذه أنفاس صديقي ودقات قلبه التي أسمعها بداخل صدره وكأنها غير راضية عما يفعله بي هو ومن معه, من وجوه ترتسم عليها ابتسامات ابليس. بهذه الكلمات بدأ طالب الطب أحمد حديثه ولاتزال آثار التعذيب واضحة علي جسده, وكان لا يشعر بها بعد أن جرح قلبه وماتت عشرته لصديقه الذي قام باختطافه بمعاونة عصابة مكونة من خمسة اشقياء, وأكمل أحمد حديثه بأنفاس شبه متقطعة: كنت استعد وزملائي وصديقي الذي قام باختطافي للامتحانات بجهد وعرق, ولم يبق لي سوي عام واحد علي تحقيق حلم أبي بأن أصبح طبيبا بعد أن تركني يتيما. وقبل أحد الامتحانات المهمة بجامعتي, خرجت من مدينتي الجامعية لتصوير بعض الأوراق ففوجئت بثلاثة شباب يرفعون السلاح في وجهي بقيادة صديقي للأسف ويقتادونني إلي سيارة ملاكي حمراء وقذفوني داخلها وعصبوا عيني وربطوا قدمي ويدي بالحبال, ولم أدر بنفسي الا عندما طلبوا مني رقم منزلي فأعطيته لهم خاضعا, واتجهوا بي إلي مكان غير معلوم, وجدت في انتظاري هناك مجرمين آخرين قاما بتجهيز صاعق كهربي لتعذيبي به عندما يتصلون بعمي رجب بأسيوط محل اقامتنا, لكي يضغطوا عليه ليدفع لهم ثم حصولي علي حريتي. وظل الحال علي ما هو عليه وأصبح مستقبلي مدفونا أمام عيني ومصير روحي لا أعرف عنه شيئا بعد أن ذهبت قواي ادراج الرياح, فالطعام كان سندوتشا صغيرا لم أتذوق غيره علي مدار سبعة أيام, ولم تشفع لي عندهم توسلاتي بالرغم من أنني وعدتهم بتجهيز ما يريدون من نقود وبعدها لا أعرف ما الذي حدث, وما الذي اتفقوا عليه تجاهي, بعد أن تهامس الخاطفون لوقت طويل وقاموا بعدها بوضعي فوق سيارة نقل وسط روث المواشي واتجهوا بي لساعات كثيرة داخل الجبل, علمت وقتها بأن مقابلة ربي الرحيم باتت وشيكة فاستغفرت وبكيت ونطقت الشهادتين ولم اكد انتهي من قراءة بعض آيات القرآن والتضرع بدعاء المضطر للخالق, حتي انزلوني من السيارة والقوا بي في صحراء منقباد بأسيوط محل اقامتي وعلمت بعدها بأن الله سمع لدعاء المضطر الذي دعوته به إليه وأنقذني من غدر الصديق لأعود لوالدتي التي باتت بين الموت والحياة, منذ سماع ذلك الخبر لأعيد لها دقات قلب سهر علي رعايتي سنوات عمري. كان اللواء عطية مزروع مدير أمن بني سويف قد تلقي بلاغا من العميد علاء شاكر رئيس الرقابة الجنائية بقيام مجهولين بخطف طالب يدعي أحمد20 سنة بالفرقة الثالثة بطب الأسنان من أمام احدي الجامعات الخاصة في سيارة حمراء اللون وهربوا به إلي مكان غير معلوم, فأمر بسرعة تشكيل فريق بحث للقبض علي العصابة. دلت تحريات المباحث التي قام بها العميد زكريا أبوزينة رئيس مباحث المديرية باشراف اللواء رضا طبلية مدير المباحث الجنائية, علي أن وراء ارتكاب الحادث6 أفراد كونوا عصابة بقيادة زميل الطالب المخطوف في نفس الجامعة لخطفه وطلب فدية من عمه رجب محمد حسن نصف مليون جنيه. وأكدت التحريات أن الطالب المخطوف مقيم بأسيوط ويتيم الأب, وكان عم الطالب قد تلقي اتصالا هاتفيا من الخاطفين طلبوا فيه الفدية لتسليم الطالب.. وبتتبع الهواتف المحمولة والسيارات المؤجرة من المعارض ببني سويف تبين أن رمضان.ش فكهاني استأجر سيارة من أحد المعارض بمدينة بني سويف وقام مع أفراد عصابته بالوقوف أمام الجامعة وقاموا بخطف الطالب من أمام الجامعة بمساعدة زميله داخل سيارتهم وقيدوه بالحبال واصطحبوه إلي قرية الأنصاري بمركز اهناسيا في منزل يمتلكه عم أحد أفراد العصابة ويدعي محمد22 سنة سائق وبدأوا في مفاوضات مع أسرة المخطوف. وكشفت التحريات عن انه بتتبع السيارة المؤجرة وقيام مباحث بني سويف بتفتيش المنازل في قرية الأنصاري بعد أن علمت المباحث أن الاشارات التليفونية تأتي من القرية, قام أفراد العصابة بنقل الطالب المخطوف إلي سيارة ربع نقل, واتجهوا به إلي منقباد بأسيوط لالقائه في الصحراء, إلا أن أجهزة الأمن تتبعتهم وقامت بالقاء القبض عليهم واعادة الطالب إلي أسرته وقرر المستشار حمدي فاروق المحامي العام الأول لنيابات بني سويف حبس كل من: أحمد20 سنة طالب بكلية الصيدلة وعبدالرحمن19 سنة نقاش ورمضان فكهاني ومحمد22 سنة سائق وطه19 سنة وحافظ بدون عمل4 أيام علي ذمة التحقيق بعد اعترافهم بأنهم كانوا يمرون بضائقة مالية وقرروا خطف أي طالب من تلك الجامعة الخاصة وطلب فدية من أهله ليستطيعوا تجاوز أزمتهم المالية.