شعرت الزوجة انها ترتفع بهدوء وهي نائمة علي سريرها حتي اقتربت من مصباح الحجرة وبمجرد لمس رأسها للسقف هوت أرضا, وما ان غمضت عيناها ثانية حتي خرقت أذنيها أصوات ضحكات هستيرية. اعتادت سماعها في هذا التوقيت يوميا فكظمت غيظها بداخلها والتفتت يسارا تطل علي ولديها وابنتها وقامت تبسط الغطاء عليهم وقد لمحت عيناها ساعة الحائط التي كانت عقاربها تشير إلي السابعة صباحا لتفاجأ بباب الحجرة يفتح فجأة واحدي السيدات شبه عارية تفوح من فمها رائحة الخمر تسقط وسط ذات الضحكات الهيستيرية فوق سرير ابنائها, وزوجها يلهث وراءها محاولا الامساك بها, صرخت في زوجها والساقطة ونهرتهما وأمرتهما بأن يخرجا بعيدا عن أولادها, وبكت مغلوبة علي أمرها وبعد فترة اعتزمت الا تستمر قابعة في هذا المكان, وعادت بها الذاكرة كيف استمرت9 سنوات في هذا البلد تعاني وحدها سوء أخلاق زوجها التي تري أنه أشبه بالحيوانات فهو دائم اقامة العلاقات مع الساقطات وتعاطي المخدرات ويعقد الصفقات المشبوهة وفي المساء طلبت من زوجها الطلاق, بعد أن هاتفت أسرتها بمصر أن يحولوا لها ثمن تذكرة العودة وعادت إلي بلدها تحمل أحزانها وأولادها. سكن الشيطان رأس زوجها محمود وترك كندا عائدا إلي شقة أحد أصدقاء السوء القدامي بعد أن لفظه أهله متبرئين من سلوكياته. وفي الشقة بدأ محمود يمارس طقوسه في تعاطي المخدرات وتجارة السلاح بعد استعادة اتصالاته مع من هم علي شاكلته من مدمني المنكر. لم يكتف محمود بأن يغطي دخان المخدرات الأزرق جدران شقته في حي الزيتون بل تعدتها إلي جوانب حياته كلها فما ينام فيه يصحو عليه في دوامة لا تنتهي. وبدأ يلح علي شيطانه أن يستعيد طقوس ما صنعه في بلاد الغربة من التعرف علي الساقطات واستمر علي هذا الحال إلي أن تعرف علي ميادة المضيفة باحد البارات لتبدأ دوامة سوداء جديدة يفوز فيها الشيطان. وفي احدي الليالي سمعته ميادة يهاتف صديقه أن يبحث له عن وجه جديد ففزعت وخشيت أن تفقد صنبور النقود وكنز الهدايا السائب الذي لا يغلق, فساومت محمود علي الا يتركها وستتولي هي توريد ما يشاء من وجوه جديدة من محل عملها والأماكن المشابهة, وهكذا ابقي عليها. دارت الأيام حتي سئم منهما الشيطان فقررا ان يلعبا عليه لعبة أخري. وفي أحد الأيام صرخ محمود في ميادة قائلا أنا مللت التعامل مع نساء لهن رجال متعددون.. أريد فتاة أكون أول رجل في حياتها فوعدته بتلبية طلبه وفي طريق عودتها لبيتها اندهش ابليس بما يجول في خاطرها, بعد أن علم بالحيلة التي لم تخطر علي باله.. فقد عرجت ميادة علي منزل شقيقتها حاملة حقائب الآيس كريم وزجاجات المياه الغازية إلي ابنة شقيقتها أمل ذات الثلاث عشر ربيعا التي قفزت تحتضن خالتها ميادة غير مصدقة أن حقيبة الآيس كريم بأكملها من نصيبها ولكن خالتها وعدتها أنها ستصحبها باكرا إلي مكان يسعدها وإلي هدايا أكثر, وضحكت أمل ونامت تعد الساعات في انتظار الخالة وارتدت أفضل ثيابها وانتظرت وفي التاسعة والنصف صباحا اصطحبتها خالتها واستقلتا معا مترو الانفاق وتقافزت الفرحة من عيني أمل وهي تقرأ أسماء المحطات حتي وصلتا إلي محطة حلمية الزيتون ونزلتا, تمسك أمل بيد خالتها وأمام مدخل احدي العمارات سألت تفسها لماذا لم تنطق خالتي ببنت شفة طوال الطريق, وقرعت ميادة الجرس وفتح الباب فهب عليهما دخان أزرق كثيف حال محمود بينه وبين الطارقتين بجسده والتقت عيناه بعيني ميادة في حوار صامت بعد أن نزلت عيناه علي أمل وردت عينا ميادة اليسري بغمزة سريعة استوعبها علي الفور ودلفا من الباب, وغاب محمود للحظات ثم عاد حاملا زجاجات المياه الغازية المثلجة وأمسكت أمل باحداها وربتت الخالة علي كتف البنت المشدوهة من كمية السلاح التي تراها أمامها, وقالت: دقيقة واحدة وأعود يا بنتي وخرجت من الصالة وسمعت أمل صوت ارتطام الباب وهو يغلق فنظرت إلي وجه محمود فهالها بريق عينيه وهما تضيقان وبسمته غير المبررة فصاحت ملتاعة يا خالتي ي ي ي....! خلف الباب علي السلم كانت يد ميادة قد امتلأت بالنقود عطية محمود لها بعد أن اصمت اذنيها ثم ابتلعت ريقها وهبطت السلم في طريقها لمغادرة العمارة وعاودت أمل النداء علي خالتها, وبانت نواجذ الشيطان وخرج صوته كالفحيح لا ترفعي صوتك نحن في الدور التاسع ولن يسمعك أحد وصرخت الفتاة واقفة ماذا تريد مني؟ فعاجلها الذئب بشريط لاصق طبي وضعه علي فمها وأمسك بكتفيها عنوة وتغلب عليها بفحولة جسده البهيمي وأحكم وثاق ذراعيها بسلك كهربائي, وخلع قميصه وفك حزامه واستماتت الصغيرة لإنقاذ نفسها.. وتجمدت أطرافها رعبا وهربت الدماء من عروقها وانتصر الشيطان وسقطت دمعة الصغيرة علي الأرض. واستمرت الدموع تتساقط علي الأرض4 ليال, وكان حال أمل بعد غيبتها الطويلة بين الزفير والشهقات تخرج الروح ثم تبدأ تعود إلي الجسد الهزيل. وفي اليوم الخامس تنبهت إلي أن الذئب دلف إلي الحمام وغاب منذ فترة فحملتها قدماها ببطء واستندت علي الجدران في خطوات متثاقلة حتي لمست يدها الباب واستطاعت أن تخرج منه وشعرت أنها في حلم وهي تري الشارع ثانية بعد أسرها4 أيام. حن لها قلب سائق تاكسي وأوصلها إلي منزل والدتها التي كانت تناجي السماء لعودة الغائبة, وما إن رأت ابنتها حتي صرخت واحتضنتها وانهمرت الدموع. وكانت المعاني المسجونة في الحروف وروت لأمها ما حدث لها إلي أن ذكرت كلمة محطة حلمية الزيتون. فتماسكت الأم واتجهت إلي المقدم محمود الأعصر رئيس مباحث قسم الزيتون وقالت ان شقيقتها اصطحبت ابنتها الطالبة منذ5 أيام لشراء بعض المستلزمات وبحثت عنها في كل مكان ولم تجدها واخبرتها ابنتها أن خالتها اصطحبتها إلي مسكن أحد الأشخاص وتعدي عليها جنسيا وأفقدها عذريتها عنوة بعد توثيقها بسلك كهربائي. ولم يتوقف بكاء الأم إلا بعد أن أقسم لها الأعصر أنه لن يهدأ له بال حتي يقبض علي المتهم وعقب تقنين الإجراءات وتنفيذ عناصر خطة البحث أمكن ضبط المتهم محمود32 سنة عاطل وبحوزته3 طبنجات و3 سيوف و15 طلقة خرطوش و15 سيجارة حشيش وتبين أنه عاد من كندا بعد تطليقه لزوجته التي رفضت استقباله للساقطات بمنزله بعد زواج9 سنوات واعترف أمام العميدين ناصر حسن رئيس مباحث قطاع الشمال وعصام سعد مدير المباحث الجنائية بارتكابه الواقعة بالاشتراك مع خالة الفتاة وأقر بأنه علي علاقة غير شرعية بالمتهمة منذ نحو عامين وأنها جلبت له الفتاة ليمارس معها المتعة المحرمة.. فتم تحرير محضر له واحالته للنيابة التي أمرت بحبسه علي ذمة التحقيق واحالة الفتاة للطب الشرعي وسرعة ضبط المتهمة وتولت التحقيق.