لا شك أن مصر بشكل عام, ومصر ما بعد ثورة25 يناير تحديدا, هي عروس الدورة الخامسة عشرة من مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي لأفلام التسجيلية والقصيرة, التي تختتم غدا الخميس.. فقد بدأت الدورة بثلاثية الافتتاح المصرية العالمية الطريق إلي الله لفنان السينما الكبير الراحل شادي عبد السلام.. كما أنها- كما قال مدير المهرجان أمير العمري أكثر من مرة- دورة الثورة المصرية بامتياز, وشهدت الموجة الأولي من ردود أفعال وانطباعات السينمائيين التسجيليين عن الثورة لأنها أول دورة تقام بعد نجاحها في إسقاط النظام السابق. واهتم المهرجان برؤيتين خاصتين للثورة: رؤية المرأة, في برنامج من أربعة أفلام, ورؤية الآخر, في برنامج من خمسة أفلام.. والأخيرة لها علاقة بالشعار الذي رفعه المهرجان, الطريق إلي الآخر. وشمل الاحتفاء بمصر وبالسينما المصرية اختيار تسعة أفلام مصرية لأول مرة في المسابقات الرسمية الأربع, ومنها أفلام شديدة التميز, مثل تذكرة من عزرائيل التسجيلي القصير(30 دقيقة), وهو إنتاج مصري- فلسطيني مشترك من إخراج عبد الله الغول.. وبغض النظر عن أي ملاحظات, يستمد الفيلم أهميته الكبيرة من كونه أول فيلم علي الإطلاق- في حدود معلوماتي- يدخل أحد الأنفاق بين مصر وغزة, ويسرد التفاصيل الدقيقة لحفر هذه الأنفاق, والمواد والمعدات- والحيوانات أيضا- التي تهرب من خلالها.. كما نتعرف من خلال الفيلم, الذي يعد وثيقة دولية يمكن لمن يهمه الأمر أن يعود إليها, علي الأجور التي يتقاضاها الفلسطينيون مقابل حفر الأنفاق, ومنها أن أحدهم قال إنه يتقاضي30 دولارا مقابل كل متر يحفره.. أما المساعدون, فيتحدد ما يتقاضونه وفقا لموقعهم بالنفق, فالذي يعمل وسط النفق يكسب أكثر من زميله العامل في أول النفق أو آخره لأنه يتعرض لدرجة أكبر من الخطورة, وهكذا. ومصر حاضرة حتي في بعض الأفلام التي لم تشارك في إنتاجها, مثل الفيلم التسجيلي الطويل المتميز العذراء والأقباط وأنا(87 دقيقة), وهو إنتاج فرنسي- قطري مشترك للمخرج الفرنسي من أصل مصري نمير عبد المسيح يدور حول ظهور العذراء في إحدي قري صعيد مصر, وما إذا كان خرافة من عدمه, مع تركيز المخرج علي أهله وأسرته التي خرج منها إلي فرنسا.. والفيلم بحق ممتع وأرشحه لإحدي الجوائز وأتمني أن يعرض جماهيريا وتجاريا ليستمتع به الجميع. وفي إطار الاحتفاء بمصر أيضا, تابع رواد المهرجان مساء أمس برنامج نظرة إلي الماضي أو نوستالجيا مصرية الذي عرض(10) أفلام لمخرجين كبار بدأوا حياتهم الفنية بصناعة الفيلم التسجيلي والقصير, وأقيمت بعد العروض ندوة مع بعض صناع هذه الأفلام أدارها مدير المهرجان. وأهم هدف لهذا القسم, بالإضافة إلي خلق حوار بين الأجيال والتعرف علي إنتاجات المخرجين المعروفين في مجالي السينمائية التسجيلية والروائية القصيرة, كان ترميم هذه الأفلام وجعلها صالحة للعرض في المراكز الثقافية والسينمائية داخل وخارج مصر, انطلاقا من الرؤية الجديدة للمهرجان وهي ألا يقتصر دوره علي استهلاك الأفلام فقط, وإنما إعطاء الفرصة لإعادة عرضها طوال العام ليكون تأثير المهرجان مستمرا وخارج إطار فترة انعقاده. ومن أبرز أفلام الماضي التي عادت إلي الحياة, البطيخة, وهو فيلم روائي قصير لمحمد خان إنتاج1969, وأربعة أفلام تسجيلية لداود عبد السيد, وفيلم المقايضة لعاطف الطيب, وفيلم حياة جديدة تأليف رأفت الميهي وإخراج أشرف فهمي, وفيلم طبول لسعيد مرزوق, وفيلم معطف لحسين كمال.. وفي مبادرة محمودة علي طريق الحفاظ علي تراثنا السينمائي, قال العمري إنه سيتم تحويل تلك الأفلام إلي نسخ ديجيتال صالحة للعرض الجماهيري, وإهداؤها للمراكز الثقافية والمهرجانات السينمائية. من ناحية أخري, وقع مهرجان الإسماعيلية الدولي والهيئة الملكية الأردنية للأفلام أمس مذكرة تفاهم علي هامش المهرجان, وقعها عن المهرجان أمير العمري وعن الهيئة مدير برامج المجتمع المحلي شادي النمري. وتهدف المذكرة إلي نشر وتنمية الثقافة السينمائية من خلال تنظيم فعالية دورية تحت عنوان أيام مهرجان الإسماعيلية في الأردن, يتم من خلالها عرض أفلام مختارة من القائمة المشاركة في المهرجان واستضافة شخص ترشحه إدارة المهرجان لمناقشة الأفلام وعرضها علي الجمهور الأردني, علي أن يتم استضافة موفد من الهيئة لحضور فعاليات المهرجان واختيار الأفلام التي ستعرض في الأردن. وقد أعرب أمير العمري عن سعادته بتوقيع الاتفاقية, وأضاف إنها تعكس اهتماما محمودا من جانب الهيئة الملكية الأردنية للأفلام بدعم أنشطة مهرجان الإسماعيلية السينمائي وتنمية الوعي بأهمية الفيلم الوثائقي والروائي القصير. و أشار شادي النمري إلي أن التعاون مع مهرجان الإسماعيلية الدولي يندرج في إطار جهود الهيئة لتعزيز العمل مع المؤسسات التي تعني بالشأن السينمائي في العالم العربي, وأضاف أن أهمية هذه الاتفاقية لا يكمن فقط في عرض مجموعة كبيرة من الأفلام المميزة غير المتوفرة في دور السينما, وإنما أيضا في مشاطرة الخبرات العربية والترويج لتوزيع الأفلام القصيرة والوثائقية, و أشاد النمري بالدور المهم للمهرجان في هذا الخصوص.