يبدو ان التاريخ سيؤكد ان الآثار المباشرة وغير المباشرة للاطاحة بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي قد شرعت علي الفور في تحريك ما يمكن وصفه بخليط مروع وخطير من حركات التمرد والعصيان السياسي. واطنان الأسلحة غير المشروعة واللاجئين والمهربين والإسلاميين المتشددين في منطقة الصحراء الكبري المضطربة في القارة الافريقية السمراء. فقد اطاحت تداعيات حالة الفوضي أو علي الاقل حالة عدم الاستقرار في ليبيا التي توصف بانها احد أهم نماذج الربيع العربي بأول حكومة في جنوب منطقة الصحراء الافريقية, وذلك مع الانقلاب الذي وقع في مالي في شهر مارس الماضي حيث اطاح ضباط متمردون من ذوي الرتب الصغيرة بالرئيس امادو توماني توري. وقد اطاح هؤلاء الضباط برئيس الدولة في وقت مبكر من صباح يوم خميس بدعوي ان حكومته لم تدعم بشكل كاف المعركة التي يخوضها جيش مالي ضد تمرد يحرز تقدما بقيادة الطوارق في الشمال الذي يعج بالأسلحة والمقاتلين الذين كانوا موالين للقذافي ثم فروا من ليبيا. وقد نقلت وكالة رويترز عن ايفان جويتشاوا المحاضر في السياسات الافريقية بجامعة ايست انجيلا متحدثا قوله من باماكو عاصمة مالي حيث كان جنود متمردون يسرقون المركبات وينهبون محطات البنزين والشركات لقد كان تأثيرا متتابعا, اي انه مماثل لتأثير الوقوع المتتالي لاحجار الدومينو. وفي بداية الانقلاب كشفت وكالة رويترز انه رغم الزخات المتكررة لإطلاق النار فانه لم تكن هناك إراقة دماء تذكر نسبيا. ثروات ليبيا وكان ينظر إلي مالي التي تعد ثالث اكبر منتج للذهب في افريقيا, كما انها منتج كبير للقطن في القارة السمراء وفي العالم علي نطاق اوسع علي انها دولة ديمقراطية مستقرة نسبيا في منطقة مضطربة بشكل دائم تلازمها الانقلابات والعصيان المدني منذ عقود. ومالي هي حليف للحكومات الاقليمية والغربية في جهودها لمنع الهجمات وعمليات الخطف التي يقوم بها متشددون مرتبطون بالقاعدة من الانتقال جنوبا عبر الصحراء, ويتسبب مثل هذا العنب بالفعل في اراقة الدماء في نيجيريا اكبر منتج للنفط في افريقيا علي يد جماعة بوكو حرام. ونقلت رويترز عن جيليس يابي مدير مشروع غرب افريقيا بالمجموعة الدولة لمعالجة الازمات ومقره دكار قوله الأمر مؤسف بوضوح بالنسبة لمالي هذا يغرق احدي اكثر الدول استقرارا في غرب افريقيا في حالة من عدم الاستقرار. وقالت نادية ناتا مسئولة الحكم السياسي في مبادرة المجتمع المفتوح لغرب افريقيا اوسيوا لرويترز ايضا يجب إلا تحل النزاعات بالأسلحة انها اشارة سيئة لدول اخري في مرحلة تعزيز الديمقراطية فيها. دور واشنطن وتوفر الولاياتالمتحدة تدريبا للجيش المالي علي مكافحة الإرهاب, وقال احد قادة الانقلاب وهو الكاتبن امادو سانوجو رئيس اللجنة الوطنية لعودة الديمقراطية واستعادة الدولة انه تلقي تدريبا من مشاة البحرية والمخابرات الأمريكية. لكن الانقلاب الذي نفذه فيما يبدو ضابط متوسط الرتبة وصغار سيضع نهاية لمثل هذا الدعم في الوقت الحالي, وعلق البنك الدولي وبنك التنمية الافريقية والمفوضية الأوروبية المعونات المالية إلي مالي. وتعهد قادة الانقلاب باعادة السلطة إلي رئيس منتخب ديمقراطيا بمجرد اعادة توحيد البلاد. لكن متمردي الطوارق في الشمال الذين تسببت هزيمتهم للجيش المالي في الانقلاب في باماكو يندفعون نحو منتهزين حالة الاضطراب. ولايستطيع قادة الانقلاب فيما يبدو السيطرة علي جنودهم مما نتج عنه قيامهم بالنهب واطلاق النار العشوائي في الشوارع الأمر الذي لايبشر بالخير في المستقبل القريب. وقال جويتشاوا لرويترز: لايوجد جدول اعمال واضح.. ما سيحدث لاحقا غير واضح تماما. ويقول يابي السابق الاشارة إليه وهو المحلل في المجموعة الدولية لمعالجة الازمات هذا يعطي احساسا بالفوضي. وقالت منظمة العفو الدولية ان قادة الانقلاب اعتقلوا عدة اعضاء من حكومة توري وطالبت باطلاق سراحهم. جندي الديمقراطية ورغم الصورة العامة لتوري علي انه جندي الديمقراطية الثابت قال محللون ان داعمين غربيين مثل فرنساوالولاياتالمتحدة لم يكونوا راضين عن جهود حكومته في مواجهة تهديد القاعدة وحلفائها في شمال مالي الصحراوي النائي. وقال جويتشاوا في تحليل لوكالة رويترز هناك رأي يقول انه يستخدم حجة مكافحة الإرهاب كدعامة له في السلطة ويستشهد بمخاوف ايضا بشأن الفساد في حكومة مالي. وكان توري الذي حاز علي ما يوصف بأوراق اعتماده ديمقراطية من خلال الاسراع بتسليم السلطة لحكم مدني بعد انتزاعها في انقلاب عسكري يعتزم ترك منصبه في اعقاب انتخابات كانت مقررة في ابريل الماضي بعد قضائه فترتين متتاليتين في السلطة فاز بهما في انتخابات. وهناك شكوك في ان بعض اعضاء حكومة توري تسامحوا سرا مع شبكات المتمردين والقاعدة في الشمال لكي يتمكنوا من الاستفادة من تهريب المخدرات المربح والانشطة غير المشروعة الأخري التي تزدهر في هذه المنطقة الصحراوية القاحلة. دولة مستقلة ويقول المتمردون الذين يقودهم الطوارق انهم يريدون انشاء دولة مستقلة في انحاء المنطقة الشمالية. وقال بوريما ديكو رئيس لجنة الدفاع والأمن ببرلمان مالي لرويترز قبل الانقلاب ان المتمردين ليس لديهم جدول اعمال سياسي واضح, واضاف هم يريدون فقط ان يتمكنوا من تهريب الاسلحة والمخدرات عبر الشمال, وهم لايريدون الأمن حقا. غير ان دبلوماسيا اعطي رأيا أكثر دقة عن التمرد الأخير, للطوارق قائلا: انه في حين يسعي متمرود الصحراء إلي اقامة وطن فإن النظرة العملية للأمور تعني ان عليهم العمل مع الإسلاميين وجماعات التهريب في الشمال الذي يشهد غيابا للقانون. واضاف الدبلوماسي الذي طلب عدم نشر اسمه لرويترز هذه عملية مزدوجة التحرير وحكم الشريعة. وقال جويتشاوا انه لايزال هناك أمل في ان قادة الانقلاب قد يثبتون قدرتهم علي تكوين نوع من التوافق العام في الرأي مع القوي السياسية في البلاد وربما حتي الاتفاق علي مبادرة سلام مع متمردي الشمال ليتمكنوا من إجراء انتخابات ذات مصداقية. لكن بينما يري سكان باماكو الجنود وبعضهم مخمور علي مايبدو يجوبون الشوارع وينهبون يتساءل الكثيرون عن نوع الحكم الجديد في بلادهم؟ رؤية الشارع وقال ساكن من العاصمة يدعي فوسيني ديارا لوكالة رويترز قالوا ان سبب الانقلاب هو المشكلة في الشمال, لذلك عليهم ان يخبرونا ماهي الحلول التي لديهم للمشكلة في الشمال, ليخبرونا عن الطريق التي يريدونها لادارة البلاد. كمال قالت ناتا من مبادرة المجتمع المفتوح لغرب افريقيا لرويترز ان هذا الانقلاب قد يفاقم الوضع الأمني السيئ بالفعل والجرائم في منطقة الساحل علي نحو اوسع. واضافت هذا يفتح صندوق الشرور في هذه الدولة الافريقية.