إن إنتشار وزيادة اليأس السياسي في المسرح الحالي يشكل عاملا ضاغطا علي العديد من قطاعات المجتمع للمطالبة بمن ينقذ مصر من الهاوية. تصاعدت حدة تحركات ومؤتمرات المرشحين للرئاسة وتباري معظمهم في الإعلان عن برامجهم ومشروعاتهم للارتقاء بالمستوي الإقتصادي باعتباره العامل الرئيسي لقيادة المنظومة السياسية والاجتماعية للمجتمع في ظل الضبابية التي تخيم علي المشهد السياسي لعدم الإتفاق علي تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وإصدار قانون العزل السياسي في ظل شبهة عدم دستوريته بالإضافة إلي ما يتردد عن قرب الانتهاء من عدم دستورية مجلس الشعب وما يترتب عليه من حل مجلس الشعب والشوري. وبالإضافة إلي ما سبق فمازالت معركة الصراع بين مجلس الشعب والحكومة مشتعلة بدءا برفض مجلس الشعب بيان الحكومة ومطالبتها بخطة واضحة المعالم لتغطية الفترة الانتقالية والتقدم بالموازنة العامة للدولة في ظل المطالبة بسحب الثقة من الحكومة في الوقت الذي يقف فيه الإعلان الدستوري حائلا امام مجلس الشعب لتحقيق آماله وطموحاته للسيطرة علي السلطة التنفيذية( الحكومة) بما انعكس سلبا علي شعبية التيارات الإسلامية واتهامها بمحاولة الاستحواذ علي السلطة التنفيذية من خلال تصفية الحسابات مع حكومة الجنزوري. وإذا ما انتقلنا إلي انتخابات رئاسة الجمهورية فيجب ان نشير إلي التالي: * استمرار التوتر في المشهد السياسي نتيجة استبعاد حازم أبو اسماعيل وعدم قناعته والمؤيدين له بقرار اللجنة العليا للانتخابات والذي انسحب ايضا علي استبعاد الفريق أحمد شفيق من الترشيح ثم عودته مرة أخري بدون مبررات قانونية مقنعة وتغليب المواءمة السياسية علي القانونية لاستكمال منظومة انتخاب رئيس الجمهورية. محاولة مرشحي التيارات الإسلامية استمالة حزب النور وخاصة الإخوان المسلمين( حزب الحرية والعدالة) للحصول علي دعمهم باعتبارهم إحدي القوي السياسية المؤثرة في الانتخابات في ظل عدم تقدم مرشح للرئاسة عن حزب النور. وبالرغم من استبعاد اللواء عمر سليمان من انتخابات الرئاسة فإن دعمه وما صاحبها من تعاطف بعض قطاعات المجتمع رغم انه يمثل جزءا رئيسيا من النظام السابق ويعتبر الذراع اليمني للرئيس السابق حسني مبارك ودعم عملية تصدير الغاز لإسرائيل يحتاج إلي وقفة تقييمية للوقوف علي مدي الانحراف السياسي لبعض قطاعات المجتمع التي طالبت باستمراره رغم اعتراض التيارات الإسلامية عليه وتهديدها بالنيل من شخصيته في حالة اصراره علي الاستمرار في خوض الانتخابات وبداية أؤكد إن استبعاد اللواء عمر سليمان من سباق الرئاسة أنقذ مصر من كارثة تصفية الحسابات بينه وبين التيارات الإسلامية وخاصة حزب الحرية والعدالة بعد تهديده بفتح محتويات الصندوق الأسود ضد الجماعة. إن إنتشار وزيادة اليأس السياسي في المسرح الحالي يشكل عاملا ضاغطا علي العديد من قطاعات المجتمع للمطالبة بمن ينقذ مصر من الهاوية. ومن خلال نظرة تقييمية للمناخ السياسي لانتخابات رئاسة الجمهورية يتضح التالي: * إن المشهد السياسي يتصف بالضبابية وعدم تحقيق أهداف الثورة وإرتجالية أداء السلطة التنفيذية في معالجة الأحداث وخاصة استمرار الانفلات الأمني والانهيار الاقتصادي. *عدم تحقيق التيارات الإسلامية وخاصة حزب الحرية والعدالة أي نتائج إيجابية من خلال السلطة التشريعية أو الرقابية بعد فوزها وتحقيق الأغلبية في انتخابات مجلسي الشعب والشوري. * فتور العلاقات بين المجلس العسكري والتيارات الإسلامية والصراع بين كل من القوي الثورية والشعبية والتيارات الإسلامية في مجلسي الشعب والشوري حول تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور واتهامها بمحاولة الاستحواذ والسيطرة عليها من قبل التيارات الإسلامية. إحالة شبهة عدم دستورية مجلسي الشعب والشوري إلي المحكمة الدستورية للفصل في الأمر في ظل السماح للأحزاب بالانتخابات في القائمة والفردي مما يخل بحق المستقلين في الانتخابات وعدم تكافؤ الفرص المقررة لهم في الانتخابات طبقا للدستور وبما يهدد بحلهما. * عدم وضوح أي ملامح إنجاز للدستور قبل انتخابات الرئاسة مما سيؤدي إلي خلل رئيسي بصلاحيات الرئيس القادم. * نعدام التوافق بين الشرعية الثورية( الميدان) والشرعية الدستورية( البرلمان) التي حاولت السيطرة والاستيلاء علي الثورة واعتبرت نفسها بديلا عن كل القوي الثورية طالما تم إنتخابهم شعبيا ثم عادت للميدان مرة اخري بعد ان فشلت في تحقيق اي اهداف ثورية من خلال الشرعية الدستورية والتي لم تتعد مبني مجلس الشعب. وإزاء الصراع بين مرشحي الرئاسة فان المشهد الشعبي لاختيار المرشحين والذي يحكم معظمه ثلاثية الفقر والأمية والعاطفة الدينية وبالتالي يمكن القول بأن هذا المشهد سوف يشهد ما يشبه السوق السياسية لأصوات الناخبين سيحصل عليها الأكثر تنظيما وتمويلا بالإضافة إلي التعاطف الديني الذي ينتشر بالدرجة الأولي في المناطق الشعبية والريف المصري واللذين يعتبران رمانة ميزان جميع مرشحي الرئاسة. وعلي ضوء كل ما سبق فإن فرص مرشحي التيارات الإسلامية لرئاسة الجمهورية تفوق المرشحين الآخرين وسيقاتل حزب الحرية والعدالة بصفة خاصة لمحاولة الفوز بهذا المنصب باعتباره البقية الباقية في المشهد السياسي في ظل احتمالات حل مجلسي الشعب والشوري لعدم دستوريتهما بالإضافة إلي ما ورد بالإعلان الدستوري والذي يقف حائلا امام الأغلبية الاسلامية في مجلسي الشعب والشوري لتشكيل الحكومة أو سحب الثقة منها كذا حكم محكمة القضاء الاداري الذي يحد من سيطرة التيارات الإسلامية علي تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.