الإسلاميون يتهمون عادة أعداءهم بأنهم فاقدون للشعبية والشرعية بينما يخلطون بين شعبيتهم وارتباط المصريين بالاسلام! في ظل الإحباط الشديد الذي أصاب المصريين من الفساد واحتكار السلطة في السنوات الأخيرة من حكم مبارك جاء البرادعي كفارس التغيير ومفجره, وفي ظل نفس الاحباط والتخبط وانهيار الدولة ومحاولة إرهاب المواطنين وفرض وجهة نظر محددة عليهم من قبل شيوخ ورجال التيار الديني, يجد المصريون انفسهم مرة أخري منهمكين في البحث عن منقذ, بعد اعتذار الأول, ويخرج للنور عمر سليمان رجل مبارك الأول لنفاجأ بترحيب من قطاع عريض من المصريين. وبنفس الحماس الذي قاوم به التيار الديني ترشيح البرادعي لأي منصب سياسي وإصرارهم علي اختفائه القسري, خرجت نفس الأصوات مفزوعة ونظمت مليونية لتنادي بإقصائه, بعد ان قضت علي شباب الثورة وذبحت حركة6 ابريل بتهمة العمالة للخارج, علي الرغم من أن بعض هذه الجماعات الدينية مستوردة, رفع رجالها أعلام دول أجنبية في ميدان التحرير في سابقة تاريخية حزينة. البرادعي بقناعته وشخصيته القوية التي فاجأت المصريين أثبت أن التغيير ممكن وان هناك شخصا مايمكن ان يواجه نظام مبارك دون أن يدهسه ويفضح عقلية الفكر الجديد وجمود الأحزاب الورقية دون ان يصطدم معها, لكن الاسلاميين هاجموه واتهموه بدعوة المواطنين للعنف والعصيان, والخروج علي رئيس البلاد الشرعي, كذلك اتهموه بانه عميل الغرب علي الرغم من انه كان ناقدا للغرب ومنددا بدعمه للانظمة الديكتاتورية, واذكر مثال تصريحه لصحيفة الجارديان البريطانية في ابريل2010 أن دعم الغرب للأنظمة القمعية في الشرق الأوسط يشجع التطرف الإسلامي, وأن الفكرة القائلة بان البديل الوحيد عن الأنظمة القمعية هو زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وصحبه هي فكرة خاطئة أما عمر سليمان فقد اتهمه الاسلاميون بانه رجل الغرب واسرائيل والفل الأكبر لنظام مبارك متناسين أنهم أصحاب أراء مهادنة تتشابه بل تطابق مواقفه, فموقف جماعة الاخوان من إسرائيل أثار الكثير من الغموض والجدل فيصرح عصام العريان في أكتوبر2007 لو وصل الإخوان الي الحكم سيعترفون بإسرائيل, ويحترمون المعاهدات, بينما يعقب مستشار المرشد إن مسألة الاعتراف سابقة لأوانها, ثم يصرح نائب المرشد في اكتوبر عام2008 إن جماعة الإخوان ستعلن اعترافها بإسرائيل إذا ماعادت الي حدود1948 من ناحية ثانية نجد موقف الجماعة المتردد من قضية التوريث, نائب المرشد صرح مثلا بأن الجماعة توافق علي ترشيح جمال مبارك لرئاسة مصر بشرط أن يترك قصر والده ويرشح نفسه كمواطن مصري عادي دون أن يكون له أي نفوذ أو سطوة, ثم عاد المرشد وعدل موقف الجماعة محتجا بأن تصريحات نائب المرشد جاءت قبل تعديل المادة76 من الدستور. وحتي الثورة التي خرج الاسلاميون هذا الاسبوع يدافعون عنها, متخيلين أننا نسينا موقفهم المبدئي منها: فالسلفيون رفضوا الدعوة بحجة عدم الخروج علي الحاكم, بينما رفض المرشد العام صراحة الدعوة قائلا ان الحماعة لن تغامر بخوض مواجهة مفتوحة عبر النزول الي الشارع وتنظيم احتجاجات يمكن لقوات الأمن أن تسحقها فهل اختلف هذا عن موقف عمر سلمان من الثورة!!!! الإسلاميون يتهمون عادة أعداءهم بأنهم فاقدون للشعبية والشرعية بينما يخلطون بين شعبيتهم المصريين بالاسلام! ووصل الأمر لوضع البرادعي وعمر سليمان في سلة واحدة متهمين كليهما بالعمالة للغرب واسرائيل وغياب الشعبية؟ فزعوا لسماع اخبار ترشيح البرادعي وبذلوا جهدهم مع المجلس العسكري في تشويه صورته حتي خرج من السباق والآن يعيدون الكرة مع خطر آخر عليهم, لكنهم عادوا المجلس أيضا لانه لم يتفق معهم, وسمعنا منهم شعار يسقط حكم العسكر بعدما كان حكرا علي الليبراليين الذين يصفهم الاسلاميون بأنهم علمانيون لم يعترض الاسلاميون ولم يتحمسوا لقانون العزل منذ البداية ولم يزعجهم ترشح احمد شفيق رئيس وزراء مبارك أو عمرو موسي وزير خارجية مبارك ولم يعترضوا علي الجنزوري ولاعلي المشير ولاعلي القيادات التي تحكم في مصر والتي اختارها مبارك, لأنه لايشكلون خطرا عليهم( حتي الآن),لكنهم يعترضوا ويفزعوا من كل رجل قوي يهدد عروشهم يوزعونها لايحاولون النقاش او مجادلة الحجة بالحجة بل يقفزون مباشرة الي الصاق التهم وصناعة العدو وهدم الشخصية لافرق في هذا بينهم وبين نظام مبارك الذي شيطنهم والصق بهم كل التهم التي يوزعونها اليوم علي الآخرين!! فهل هذا الاعتراض يعتبر فعلا موقفا وطنيا لصالح الدولة والمصريين جميعا أم موقفا إسلاميا( سلفيا أخوانيا) تقوده مصالح حزبية ضيقة؟