8 شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلا بحي الزيتون جنوب مدينة غزة    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية يثمن دور مصر المحوري في إدخال المساعدات    هيئة دولية رائدة في مجال أزمات الغذاء: أسوأ سيناريو للمجاعة يحدث حاليا بغزة    إصابة 6 أشخاص في حادث تصادم على طريق الإسكندرية الزراعي بالقليوبية    انتشال جثة مسنة وإنقاذ نجلها في انهيار عقار سكني بطنطا    مذكرة تفاهم بين الصحة وشركة بورينجر إنجلهايم لتطوير التعامل مع السكتات الدماغية    أفضل وأسوأ المشروبات خلال موجات الحر الشديدة    «التضامن» توافق على إشهار جمعيتين في محافظة البحيرة    "الفجر" ترصد لحظة وصول محافظ الدقهلية لموقع كسر خط المياه لمتابعة تنفيذ أعمال الصيانه    صادرات مصر الزراعية تسجل 6.2 مليون طن خلال 7 أشهر    هيئة الإسعاف: نجحنا في نقل 30 ألف طفل مبتسر بشكل آمن خلال 2025    رئيس «جهار» يستقبل وفدا من منظمة دعم أداء النظم الصحية والابتكار العالمية    التعليم العالي: تجديد الشراكة العلمية بين مصر والصين في مكافحة الأمراض المتوطنة    انتظار صدور حكم في قضية سرقة عملات ذهبية أثرية من متحف ألماني    منتخب مصر يحدد موعد معسكر سبتمبر استعدادا لمواجهتي إثيوبيا وبوركينا    رصيف محطة هاتشيسون رقم 1 بميناء السخنة يستقبل السفينة ZHEN HUA 36 المخصصة لنقل الأوناش الثقيلة    للطلاب المتقدمين لمدارس التكنولوجيا التطبيقية.. طريقة دفع رسوم الاختبار    وزير العمل: التعليم الفني يشهد طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة بتعاون وجهود ملحوظة من القطاع الخاص    كريم رمزي يعلق على ستوري عبد القادر.. ويفجر مفاجأة بشأن موقف الزمالك    ثنائي المصري أحمد وهب وأحمد شرف ضمن معسكر منتخب الشباب استعدادًا لبطولة كأس العالم بشيلي    بعد القبض على رمضان صبحي.. تعرف على موقفة القانوني ومدة الحبس وموعد الأفراج عن اللاعب    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    وزير التنمية المحلية: شركاء التنمية حليف قوي في دفع العمل البيئي والمناخي في مصر    نقيب المهندسين ل طلاب الثانوية العامة: احذروا من الالتحاق بمعاهد غير معتمدة.. لن نقيد خريجيها    بيان جديد من الكهرباء بشأن «أعطال الجيزة»    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 29-7-2025 في البنوك    "حرارة مرتفعة ورطوبة خانقة".. الأرصاد تكشف عن تفاصيل طقس الثلاثاء    ارتفاع حصيلة ضحايا إطلاق النار فى نيويورك ل5 أشخاص بينهم ضابط شرطة    سميرة صدقي: محمد رمضان وأحمد العوضي مش هيعرفوا يبقوا زي فريد شوقي (فيديو)    دخول 9 شاحنات مساعدات إنسانية إلى معبر كرم أبو سالم تمهيدًا لدخولها لقطاع غزة    الجيش التايلاندي يتهم كمبوديا بانتهاك وقف إطلاق النار    أسعار الخضروات والفاكهة اليوم الثلاثاء في شمال سيناء    رئيس اتحاد طنجة: عبد الحميد معالي اختار الانضمام إلى الزمالك عن أندية أوروبا    رابط التقديم الإلكتروني ل تنسيق الصف الأول الثانوي 2025.. مرحلة ثانية (الحد الأدني ب 6 محافظات)    "بقميص الزمالك".. 15 صورة لرقص شيكابالا في حفل زفاف شقيقته    مصرع 30 شخصًا في العاصمة الصينية بكين جراء الأمطار الغزيرة    بفرمان من ريبيرو.. الأهلي يتراجع عن صفقته الجديدة.. شوبير يكشف    يوسف معاطي: سعاد حسني لم تمت موتة عادية.. وهنيدي أخف دم كوميديان    من «ظلمة» حطام غزة إلى «نور» العلم فى مصر    اليونسكو: الإسكندرية مدينة الانفتاح والإبداع وعاصمة فكرية عالمية    موعد بداية العام الدراسي الجديد 2026    تحت عنوان «إتقان العمل».. أوقاف قنا تعقد 126 قافلة دعوية    وزير الثقافة يشهد العرض المسرحي «حواديت» على مسرح سيد درويش بالإسكندرية    مرشح الجبهة الوطنية: تمكين الشباب رسالة ثقة من القيادة السياسية    النجاح له ألف أب!    صراع على السلطة في مكان العمل.. حظ برج الدلو اليوم 29 يوليو    اليوم.. «الأعلى للثقافة» يعقد اجتماعه ال 72 للتصويت على جوائز الدولة لعام 2025 (قوائم المرشحين)    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    «النادي ممكن يتقفل».. رسائل نارية من نصر أبوالحسن لجماهير الإسماعيلي    لجنة للمرور على اللجان الانتخابية بالدقهلية لبحث جاهزيتها لانتخابات الشيوخ    الرئيس الفلسطيني يثمن نداء الرئيس السيسي للرئيس الأمريكي من أجل وقف الحرب في غزة    أخبار 24 ساعة.. انطلاق القطار الثانى لتيسير العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    لها مفعول السحر.. رشة «سماق» على السلطة يوميًا تقضي على التهاب المفاصل وتخفض الكوليسترول.    مي كساب بإطلالة جديدة باللون الأصفر.. تصميم جذاب يبرز قوامها    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة
الراهب

عرفته انسانا مثقفا‏..‏ راقيا‏..‏ واسع الأفق‏,‏ انسانا عاشقا لكل شئ يفتح بابا من النور لعقول البشر‏,‏ وهو من الشخصيات التي تشعر بالراحة عندما تتقابل عيناك مع عينيه‏,‏ وجه مألوف تشعر انك سبق ان رأيته مئات المرات
وفي عينيه بريق ينم عن ذكاء وعمق كبير تري فيه ايمانا بالأدب والثقافة وسائر الفنون بكل ما فيها من بلاغة وابداع‏.‏
والفضل يرجع إلي صديقي مصطفي الذي عرفني عليه في احدي حفلات اوركسترا القاهرة السيمفوني بدار الأوبرا‏,‏ وقد استمتعت بآرائه ورؤيته للعرض الذي شاهدناه بعد تصفيق هائل غمر المسرح الكبير‏.‏
بعدها‏..‏ دار بيننا حديث طويل‏..‏ حديث ضم في كلماته مشكلات وآراء وهموم المثقفين‏..‏ استشعرت في كلماته انه ليس المثقف الحافظ لمعلومات قرأها في رواية أو كتاب أو مثقفا يستعرض ما قرأه لمجرد الوجاهة أو ليقال انه مثقف‏..‏ وانما هو مثقف حقيقي‏..‏ مثقف يقرأ لانه مؤمن بعادة القراءة‏..‏ يقرأ في كل الاديان‏..‏ يقرأ في القرآن والانجيل‏..‏ يؤمن بالحوار بحرية الرأي والرأي الآخر‏..‏ مثقف تستشف تحضره من سلوكه الراقي وقدرته علي التعامل مع اي شخصية يقابلها بذكاء وكياسة يشهد له بها كل من رآه‏.‏
وقد لاحظت حديثه المتكرر عن العلمانية‏..‏ وهي احدي القضايا التي شغلت حيزا كبيرا في تفكيره‏..‏ لقد قرأ عنها الكثير قرأ الاراء المدافعة عنها والآراء المضادة لها‏..‏ مؤمنا بان الانسان عندما يقرأ عن اي قضية فان عليه ان يتناولها من جميع جوانبها‏..‏ ان يرصد جميع ملامحها وابعادها المتعددة‏,‏ وفي خضم حديثنا تحدث عن كتاب قرأه اسمه التطرف العلماني في مواجهة الإسلام ومع عرضه الشيق واسلوبه في طرح وعرض وجهة نظر صاحب الكتاب‏,‏ احسست برغبة كبيرة في ان استعير الكتاب واقرأه‏..‏ وقد رحب كثيرا‏..‏ ترحيبا صدر من انسان يود لو استطاع ان يعين البشرية كلها علي القراءة والمعرفة‏..‏ لقد رحب برغبتي في استعارة الكتاب واعطاني وقتا جعلني اقرأ كتابه اكثر من ثلاث مرات‏.‏
‏***‏
وجاء وقت ارجاع الكتاب له‏..‏ وهنا كان يجب علي ان اعرف عنوان منزله لاعطيه الكتاب واشكره علي تعاونه وكرم اخلاقه معي‏,‏ وبالفعل عرفت عنوانه في حي شبرا وذهبت إليه وانا مشتاق لحوار جديد أو قراءة كتاب اخر‏.‏
والحقيقة انها كانت اول مرة اذهب فيها إلي هذا الحي العريق وانا سعيد بمقابلة انسان‏..‏ اري انني قد نلت شرف صداقته‏..‏ لكن الغريب هو ماحدث‏,‏ وما رأيته‏,‏ عندما طرقت الباب ففتحت لي فتاة في الخامسة عشرة من عمرها تقريبا‏..‏ قصيرة‏..‏ عادية الجمال‏..‏ يتصدر ملامحها شقاء تعرف منه انها ليست سوي خادمة ارهقتها الدنيا وقست عليها حتي تكاد تجزم انها لاتضحك ابدا‏,‏ وقد ادخلتني لانتظر قدوم صديقي الجديد وآتت لي بفنجان من الشاي المحلي بنبات النعناع‏..‏ ولكن منذ لحظة دخولي إلي هذا البيت وانا اشعر بجو غريب يحيط بأركانه‏,‏ وقد لاحظت شيئا لم اكن اتوقعه وانا جالس علي المقعد المواجه لصور أكدت لي شيئا ما‏.,.‏ صورا لقساوسة ورسوم توحي بالسيد المسيح والعذراء‏..‏ وضعت الكتاب علي المنضدة المقابلة‏,‏ وانا في حيرة من هذا الأمر‏..‏ كيف؟‏!‏
انه يعرف الكثير عن دين الإسلام‏..‏ يقرأ في القرآن والسنة‏..‏ يقرأ عن الأئمة الأربعة حتي استطاع ان يكون وجهة نظر كما لو كان شيخا تعلم في الأزهر‏..‏ ايدفعه حب القراءة والاطلاع الي هذا الحد‏..‏ جلست حائرا‏..‏ شاردا‏..‏ افكر دون توقف‏,‏ والوقت قد طال هو لايأتي‏..‏ ساعة قضيتها بين التفكير واستحضار دبلوماسية التعامل معه‏..‏ والفتاة اختفت‏..‏ لم يعد لها اثر‏..‏ والوقت طال وانا غارق في تفكير لاينتهي‏.‏
ويمر الوقت حتي سمعت صوتا طفيفا‏..‏ صوتا اقرب إلي التوسل‏..‏ اقرب إلي البكاء‏..‏ تحركت بشكل لا ارادي في اتجاه قدوم هذا الصوت من غرفة بابها شبه مفتوح‏..‏ تستطيع ان تري منه من بداخلها وهو لايراك‏.‏
انه هو‏..‏ جالس امامي في غرفته المتواضعة‏,‏ وقبضتاه متعانقان ودموعه تسيل كماء المطر‏,‏ والصليب‏..‏ الصليب معلق في رقبته كأنه في صلاة‏..‏ يبكي‏..‏ بحرقة بكاء تشتد معه آلام انسان مزقته الخطيئة‏..‏ انسان يتضرع إلي الرب بقلب يموج بالعذاب وكأنها فرصته الأخيرة حتي يتطهر ويقابل المسيح بقلب طاهر من المعصية فيرحمه الرب من الهلاك المبين‏.‏
‏***‏
تراجعت بخطوات إلي الوراء‏..‏ تراجعت حتي وصلت إلي مقعدي وانا اشعر بالخجل لاحساسي اني اقتحمت عليه دنياه وتقربه إلي الله‏..‏ تلك اللحظة الايمانية التي يريد الانسان ان يخلو فيها إلي نفسه وهو متضرع إلي ربه‏..‏ خشيت ان يكون قد رآني فيزداد خجلي منه‏..‏ جلست في مقعدي انتظره واسترجع ما رأيته‏..‏ الهذا الحد يمكن للانسان ان يندم؟‏!‏ ان يبكي وكأنه قد اشرف علي الموت واقترب من لحظة فراق عالمه‏..‏ ألهذه الدرجة يمكن ان يشعر الانسان بقمة الضعف رغم انه قد يظهر بين قومه في قمة القوة؟‏!..‏ انتظرته حتي جاء ومع قدومه‏..‏ازداد احساسي بخجل بدأ يذوب بعد ترحيبه بي وبدأ بيننا الحوار‏.‏
قلت وانا مازلت اشعر بالخجل‏:‏
كيف حالك‏..‏ لعلك تكون بخير
قال بلهجة المرحب بضيفه‏:‏
بخير‏..‏ اتمني ان يكون الكتاب قد أعجبك
قلت وقد بدأت أكون علي طبيعتي‏:‏
اعجبني جدا انه كتاب رائع استطاع فيه مؤلف الكتاب ان يطرح رأيه بمهارة‏,‏ ووعي شديد وأود ان استعير منك كتابا اخر فمن الواضح انك تملك مكتبة زاخرة بالعديد من الكتب‏..‏ وهي ثروة بكل المقاييس‏,‏ ولكني قبل اي شئ‏..‏ اريد ان اطلب منك ان تسامحني علي‏..‏ علي انني قد سمحت لنفسي ان اقتحم عليك غرفتك وانت تصلي‏..‏ لقد انتظرت كثيرا وعندما سمعت صوتا احسست انه صوتك اقتربت و‏..‏
قاطعني قائلا بدهشة‏:‏
اي صلاة تقصد
قلت وقد عاودني الخجل من نفسي‏:‏
رأيتك تتضرع إلي الله وكأن الموت يزحف نحوك وانت تتطهر من ذنوبك وتقسم بيسوع المسيح علي التوبة والرجوع إلي الحق و‏..‏
قاطعني بضحكة وسعت شفتيه وقال‏:‏
اظننت اني مسيحي؟‏..‏ انني امثل دور راهب في مسرحية ستعرض علي خشبة مسرح المعهد وطالما انك اقتنعت اني لست مسلما فهذا معناه انني استطعت تقمص شخصية الراهب كما حلمت ان اخرج بها إلي الجمهور‏.‏
واسترسل وهو في فرحة تختلط فيها السعادة مع الاحساس بلذة النجاح‏..‏ بل الوصول إلي منتهي النجاح‏..‏ وهو مسلم متدين يحب الرسول صلي الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب رضي الله عنه طالبا في المعهد العالي للفنون المسرحية‏..‏ عاشقا لفنه إلي درجة جعلته يتقمص دور راهب ويهيئ لنفسه جوا ساعده علي هذا التقمص والخروج بهذا الاداء الرفيع‏..‏ تركته علي وعد باللقاء عند خشبة المسرح وقد أصبحت علي رأس المدعوين‏..‏
إبراهيم الطناني


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.