مذبحة الالتراس في بور سعيد دفعت الأحداث بشكل مختلف... فالحادث كارثي, لكن المؤامرة التي يتحدث عنها الجميع ليست هي السبب الأول, فهناك أسباب واضحة تجعلنا جميعا فاعلين ومذنبين ومشاركين ولنتذكر معا.. أليس صحيحا أن الأمن قد انسحب من شوارع مصر يوم28 يناير, وطال أمد إنسحابه وأصبح عقابا جماعيا للشعب, وإذا كان هذا الإنسحاب جاء بأوامر مباشرة من القيادة وقتها, فهذه القيادة الآن في السجن, أليس في إستمرار هذا التخاذل الأمني علي خال من الوطنية لا يليق بالبوليس المصري العريق؟ هل هذه مؤامرة خارجية؟ أليس صحيح أن معظم المظاهرات التي بدأت تنتشر في ربوع مصر قبل تنحي مبارك, وأطلقت عليها النخبه مظاهرات فئوية خرجت لتنادي ببعض الحقوق بعد أن بح صوتها وهي تستنجد بأي قوي ولم يتبقي لها سوي قارعة الطريق كوسيلة للصراخ ولفت الأنظار, ألم يكن لدينا من الوقت أن نشكل مجموعات عمل في كل وزارة لتفعيل دورها في مواجهة هذه المشاكل ونتحاور مع هؤلاء وينتهي العصيان والتظاهر إلي توافق وعودة للعمل؟ هل هذه مؤامرة خارجية؟. أليس صحيحا أن الألتراس كان له دور في نجاح الثورة لكنه بعدها إتفرعن وشاكس الأمن المركزي بأغنيته الشهيرة50%, في مباراة الاهلي وكيما أسوان, وعاد يستفز جماهير بور سعيد بلافتة يا بلد البالة مفيهاش رجالة والتي خرجت لإظهار الرجولة ولتلقينه درسا قاسيا في الأدب وبالطبع اندس البلطجية وصانعو الكوارث, ألم يكن هذا استفزازا مجانيا لا يليق بحساسية المرحلة, وألم تكن هناك شواهد تستلزم إحتياطات أمنية تليق بالأوضاع؟ وهل هذه مؤامرة خارجية أليس صحيحا أن عاما مضي وكل ما تم من حل الحزب الوطني والمحليات ومحاكمة المخلوع والانتخابات تمت عبر تدخل الشعب ومليونياته ودون أيه مبادرة من المجلس العسكري, ولم يتم إصدار أي حكم في حق أي جان في قضايا القتل منذ موقعة الجمل وماسبيرو وشارع محمد محمود ثم مجلس الوزارء, أليس في هذا البطء ظلم وضياع للحقوق وإستثارة للمشاعر الغاضبة؟ ألم يكن من الممكن أن يقوم جهاز محايد في الدولة بالتحقيق السريع في قضايا الفساد والتعرف علي ملابسات قتل المتظاهرين وتوفير ارضية لمحاكمة وقضاء عادل؟ هل هذه مؤامرة خارجية؟. أليس صحيحا أن عاما مضي ولم نسمع كلمة واحدة عن تصفية الفساد وتغيير السياسات والممارسات والوجوه علي رأس مؤسسات الدولة الفاشلة التي تعيق وتعكر صفو حياة المصريين, بالله عليكم هل نضبت مصر من الكفاءات حتي يتم تدوير قيادات ووزراء ما قبل العصر الحجري وإقصاء الشاب صانعي الثورة من كل شئ, ونعقد أنهم بعد إندماجهم الكامل في قضايا الدولة وقيامهم بثورة سوف يعودون إلي المقاهي والطرقات للتسكع من جديد؟ هل هذه مؤامرة خارجية؟ أليس صحيحا أن الأمية والفقر والتخلف بلغت نسبا فلكية في الشعب المصري, ومازال أبنائه يعتبرون تحدي القانون نوعا من العظمة, وتوريث مناصبهم لأولادهم وأقاربهم حقا وردا للجميل, وترفع معظم المحلات لافتة للإحتيال بعنوان البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل؟ ألم ينتفض الكثير من المواطنين فور تنحي مبارك وأطلقوا طاقتهم في مخالفات البناء وإحتلال الأراضي والشقق وتجلت فيهم إخلاق الفوضي؟ هذا الشعب, الذي أبهر العالم وعاش18 يوما خارج جلده حين حاولت بعض القوي الثورية إفاقته وإخراجه من كبوته, سرعان ما عاد وربط الطوق علي عنقه, وسلمه لسجانه الجديد, تلاميذ هيئة الأمر بالمعروف! فهل هذه مؤمراة خارجية؟ أليس صحيحا أن معظم من يستمر في رمي الحجارة الأن علي قوات الأمن أمام الداخلية يشوهون صورة مصر والثورة ويشتاط الناس غضبا عليهم, ولسان حالهم يقول إما أن تتحاوروا معهم أو تخلصونا منهم, بالله عليكم ألا يوجد في الدولة مجموعة صاعقة أو مكافحة الشغب يمكن أن تقبض عليهم بتهمة تكسير المرافق العامة وتنتهي المسألة دون قتلهم وإصابتهم؟ إدعاء وجود مؤامرات تحاك لنا لن يغير في هذه الحقائق شيئا له, والعواطف والمشاعر الملتهبة لن تلغيها, فقط مواجهة النفس والإعتراف بالأخطاء والعدالة سوف تفيد الجميع.