لعله من المناسب في ظل مأساة ستاد بورسعيد ومباراة الأهلي والمصري أن نعرض لسيكولوجية البورسعيدي, من هو وماكنهه... شخصيته وتكوينه النفسي وتأثير جغرافية وموقع مدينته علي تكوينه وتركيبته. حيث يجد نفسه دائما في موقع المدافع عن بوابة مصر الشرقية, ويعتز بذلك ويفخر.. يستشعر الفخر وهو يفتدي ويدافع عن كل مصر من خلال المواجهة الدائمة له مع العدو, حيث خاض حروبا عديدة في1973,69,67,1956 وحيث قاوم وحارب وقاتل كفدائي قوات الاحتلال الإنجليزي قبل.1954 وهو بحكم موقعه علي قناة السويس واحتكاكه بالعالم الخارجي اكتسب لياقة التعامل مع الغير ونوعية الحياة المتقدمة والسلوك الراقي من خلال مجموع السفن العابرة لقناة السويس, منفتح علي الحياة, محب لها وهو ما لا يستقيم ابتداء مع جرائم انهاء الحياة أو القتل وهو ما لم تعرفه بورسعيد في تاريخها إلا لماما وناددرا. فجريمة القتل وإزهاق الروح لم تعرفها سجلات شرطة بورسعيد لسنوات طويلة. ثم هو لا يعرف التمييز أو التفرقة فليس بينه وبين بقية مواطني البلاد غير كل مودة وحب, وهو تاجر المنطقة الحرة الذي يبيع وارداتها لمواطني الداخل المصري.. ويعرف كيف يتواصل حيث يجيد استقبال ضيوفه والترحيب بزبائنه وعملائه, فكيف يتهم بقتلهم. ترتبط حياة البورسعيدي بالمياة المحيطة بمدينته.. يشبه الجزيرة التي يعيش علي يابستها والتي اكسبته مرونة زائدة وعلمته كيفية تطويع الحياة لاحتياجاته واكسبته الطيبة الزائدة التي عرف بها. وهو الهنجراوي صاحب الصوت العالي والصراخ والتقاتل بالكلام والنكتة والابتسامة والتسامح وهو ما يشتهر به البورسعيدي وأشهر أسمائه العربي وأبو العربي, وهي كما يعرف الجميع تشير إلي أصوله في مواجهة الأجنبي المشارك له حياته واسمي الحي الذي يسكنة بالعرب تأكيدا لهويته ونخوته وشهامته التي يعتبرها أحد مكوناته الأساسية ولا يتصور من ثم الاتهام بغير ذلك. كانت هذه مقدمة اعتقدها ضرورية كمدخل للتعقيب علي الحدث الجلل والفعل الآثم الذي تصور الغير بغير جهد ولا تدقيق إلصاق التهمة به. يقضي البورسعيدي أسعد أوقاته في متابعة مباريات نادية في كرة القدم. ينحاز له.. هذه حقيقة, لا يعرف غيره.. هذه حقيقة, لا يشجع سواه.. هذه حقيقة, لكن كل ذلك وبكل ما هو معروف عنه من انتماء وحب وتشجيع زائد لم يخرج يوما عن مألوف التشجيع وما هو سائد في ملاعب الكرة في الأندية الجماهيرية ولم يخلد بفكره أو يتصور أن تنتهي مباراة لا أقول بمثل ما انتهت إليه هذه المباراة الكئيبة الحزينة التي حولها الفعل الآثم لفاجعة لكل من علي أرض بورسعيد. ولعل هذا الانتماء والولاء لناديه والذي لا يشجع غيرة يعود لكونه من واقع مسماه بالمصريا النادي الوحيد في مواجهة أندية الأجانب بورمسا وبفيرتوسا وباليونانيا وحيث مضي هذا الزمن وغادر الأجنبي مدينتنا وهجرت بورسعيد مرات عديدة و نشأت أجيال من أبناء بورسعيد خارجها وصار هناك البورسعيدي المشجع لأحد من أندية القمة بالاهليا أو بالزمالكا وهو ما تقبلة الجيل الأكبر من الذين لم يعرفوا غير المصري بروح سمحة, سمحت لأن يكون في الأسرة الواحدة من يشجع أندية غير المصري. ثم ما حدث في بورسعيد لا يعدو كونه أحد توابع زلزال25 يناير2011 وأن بورسعيد فيه لا تعدو كونها مسرح الجريمة, حيث أطراف الفعل- الفاعل و المفعول به- من خارجها, والتدافع الجماهيري الظاهر أمامنا ونزول أرض الملعب في تشكيلين: المجموعة المتقدمة القادمة بقصد الفعل الاجرامي والمجموعة الثانية المتمثلة في الجماهير الفرحة السعيدة المحتفلة بفوزها الكبير و بغير أي ارتباط بينها وبغير أي معرفة سابقة ببعضها. الموت بالطلقات النارية بالضرورة يشير للقاتل الحائز للسلاح, هذه المرة غير تكتيكه... غير أدواته.. صبغ وجهه.. عدل ملامحه, حيث القتل تم بأدوات أخري ليس من بينها الرصاص. ثم هل من المنطقي ان يحتفل الفائز بالقتل.. القتل فعل انتقامي, فلماذا والآخر مهزوم منكسر مفجوع في فريقه والفائز في هذا الوقت يبحث عن أدوات وآليات ومستلزمات الفرح, من معدات موسيقي السمسمية إلي ملاعقها وكوبها وطبلتها. وأخيرا فالشارع في بورسعيد لم يذق طعم الانتصار, هزمته الجريمة وبات ليلته منكفئا من الحزن والألم والتعجب والبحث و الاجتهاد في محاولة الوصول لسبب ما حدث.. دوافعه و دواعيه ولماذا ولماذا وكيف ؟ علي أن الموضوع في رأيي لا يعدو إلا أن يكون تصفية حسابات مع التراس الاهلي وأي من خصومهم واعدائهم ولننتظر في ذلك نتائج التحقيقات وليكون حظ بورسعيد العاثر في ان يقع هذا الفعل الاثم علي أرضها وهل الأمر مدبر بقصد الاساءة لهذه المدينة الباسلة خصما من تاريخها وتقليلا من شأنها وحب المصريين لها... و أكثر من عصفور بحجر واحد... و لماذا لا؟ رأيي في النهاية يتفق مع ما اتجهت له الصحف والتحليلات المحلية والصحف الأجنبية علي حد سواء من أن الحدث بمخطط من جهات منظمة.. فهل ننتبه؟. أمين صندوق النادي المصري السابق