إن قبول فلسطين عضوا كاملا في منظمة( اليونسكو) في باريس31 أكتوبر2011م, هو أولا: انتصار فلسطيني بامتياز, يضاف إلي سجل النضال الوطني الفلسطيني سئمنا من شدة ما سمعنا عن حرب إبادة في فلسطين, وألمنا من قلة ما فعلنا لها ولشعبها الصامد والمحاصر, الذي يواجه حربا ضروسا لم تتوقف منذ عقود, هذه الحرب بدأت فعليا مع بداية التخطيط الصهيوني للاستيطان في فلسطين, فالاستيطان عمل غير شرعي تعريفا, أما إذا أراد المستوطن أن يتحول إلي مواطن, لايعد عملا إجراميا يعتد به, لأن التنقل والهجرة من سمات البشر لاسيما في إطار رغبة المهاجر بالاستقرار في البلد الذي يحب, ولذلك يتوجب علي هذا المستوطن الالتزام بقانون البلد التي هاجر إليها, يتحدث لغتها وينتمي لثقافتها ويدافع عنها ويعمر فيها كمواطن وليس كمستوطن, والفرق هنا شاسع بين الكلمتين. إن فكرة استيعاب هؤلاء المهاجرين في دولة ديمقراطية واحدة, كمواطنين لهم كامل الحقوق وعليهم كامل الواجبات! قبلتها حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية منذ عام1969 م, وعندما طرح الرئيس الراحل ياسر عرفات أمام الأممالمتحدة في1974م هذه الفكرة, رفضها أولئك المستوطنون, والمفروض أنهم استوطنوا فلسطين بعدما فروا من الظلم الأوروبي والهولوكست!, كلاجئين باحثين عن الأمن والاستقرار!. هذا الرفض الواضح, يعني أن الأمر تعدي حدود الاستيطان لأن الفكر الصهيوني, قائم علي فكر( استيطاني إجلائي إحلالي), بدأت خطوته الأولي: بالاستيطان منذ أن أقيمت أول مستوطنة عام1878م, وجاءت خطوته الثانية: بإجلاء الفلسطينيين من أرضهم, بطردهم وإبعادهم قسرا, وإبادتهم عرقيا منذ عام1948 م. وقامت الخطوة الثالثة: علي فكرة الاحلال منذ عام1967م عبر الضم ومصادرة الأرض, لتغيير هويتها وشطب ثقافتها وحضارتها ثم تبديلها بأخري, أي محو اسم فلسطين من الخارطة الجغرافية, والتاريخية. إن صراعا جديدا بدأ يتبلور علي مستوي كبير من الندية, في أروقة الأممالمتحدة, فحصول فلسطين علي العضوية الكاملة في أي منظمة دولية لايجب الاستهانة به, باعتبار أنه تكريس لمبدأ تراكم الانتصارات, إذ سيتحول الصراع تلقائيا من حالة الدفاع الممقت, إلي حالة الهجوم المؤزر, وهو ما سيعود بالفائدة الكبيرة علي مجريات الصراع, فهناك مؤسسات أممية كثيرة, يمكن إنضمام فلسطين إليها: كمنظمة الصحة العالمية( اليونيسيف), ومحكمة العدل الدولية, ومجلس حقوق الإنسان, والمجلس الاقتصادي والاجتماعي...إلخ), تماما كما جري في منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة( اليونسكو) التي إنضمت إليها فلسطين مؤخرا. إن مبدأ تراكم الإنتصارات يشبه إلي حد كبير نظرية التوازن!, للعالم أركميديز الذي قال للملك السرقوسي هيرون في ق3م:( أعطني مكانا أقف عليه, أحرك لك الأرض), وتحداه هيرون أن يفعل ذلك, وطلب منه سحب سفينة كبيرة للأسطول الملكي من البحر, فوضع أركميديز عدة تروس وبكر بطريقة أمكنته بمفرده, من سحب السفينة إلي الشاطئ, وكذلك الفلسطينيون يرغبون الوقوف بثبات علي أرضهم وبناء قوة متوازنة, والتوازن هنا يجب أن يكون بتراكم الإنجازات, الأمر الذي يمكنهم من إمتلاك زمام المبادرة. إن قبول فلسطين عضوا كاملا في منظمة( اليونسكو) في باريس31 أكتوبر2011م, هو أولا: انتصار فلسطيني بامتياز, يضاف إلي سجل النضال الوطني الفلسطيني, لتتراكم فكرة الانتصارات, تمهيدا لبناء القوة القائمة علي الحق, وثانيا: هو إنتصار لمنظمة( اليونسكو) لأنها صوتت لصالح التاريخ والحضارة العربية الفلسطينية الأصيلة, وتحررت من تهديد إرهاب الدولة الصهيوأمريكية. ثالثا: سقطت فكرة الإحلال الصهيونية إلي الأبد بعدما أصبح العالم يعترف الآن بفلسطين وثقافتها وحضارتها المتأصلة في المكان. ولطالما اعترفت اليونسكو بفلسطين, أصبح يتوجب عليها إصدار خارطة أطلس الجغرافية من جديد ووضع اسم فلسطين عليها, ما يعني أنه اعتراف أممي فعلي بوجودها الإنساني منذ فجر التاريخ, بالمقابل أصبح يتوجب علي الفلسطينيين, مخاطبة العالم بلغات جديدة هي الحق والمنطق والضمير, واستقدام شعوب الأرض إلي دولتهم الصغيرة التي ترزح تحت الاحتلال, وعلي العالم رؤية الحقيقة بأم عينيه. لهذا وذاك, يجب أن يثمن كثيرا هذا الجهد العظيم الذي نجحت القيادة الفلسطينية فيه, ويجب استثمار لحظة التشابك العربي والدولي معها, وتعزيزها في كل المستويات وفي جميع المرات التالية, حتي لو استخدم الفيتو الأمريكي في جلسة مجلس الأمن المنعقدة هذا الشهر, فهناك الجمعية العامة, من خلالها يمكن الانضمام إلي غالبية مؤسسات الأممالمتحدة وتحديدا محكمة الجنايات الدولية. يجب أن يستمر الفلسطينيون, بالعمل وبكل الوسائل علي تكريس مبدأ التوازن, والانطلاق من قلب اليونسكو باعتبارها قاعدة ثابتة تدفعهم للتحرك للأمام, لأن عضوية اليونسكو هي اعتراف أممي بحضارة فلسطين وبداية الطريق لتراكم الانتصارات وصولا لتحقيق الهدف الذي طال انتظاره. تمهيدا لكنس الاحتلال عن أرضهم العربية السليبة. الكاتب والباحث في الشأن السياسي الفلسطيني