هل هذه مصر الثورة, التي أشاد بها العالم أجمع؟ هل هذه مصر التي أجبرت مبارك أعتي عتاة الطغاة علي التخلي عن السلطة مجبرا, وهو الذي كان يعد العدة لتوريث الوطن؟ هل هذه هي مصر المسلمين والمسيحيين, الذين توحدوا في ميدان التحرير, واجتمعت قلوبهم علي يد رجل واحد, مطالبين بالعدل والحرية؟ هل هذه مصر التي قدمت الشهداء, وعطروا بالدم النبيل الحلم بمستقبل أفضل؟ لا ليست هذه هي مصر التي عرفتها, وعانقت حروف قلمي آمال المحرومين فيها, ليست هذه مصر التي تمنيت أن يأتي اليوم الذي تطلع شمسها, دون أن تشرق علي وجه مبارك, ليست هذه مصر التي حلمنا بها خالية من الظلم, متخلصة من الظلام. ما رأيته أمام ماسبيرو.. مصر التي يريدون هم أن يصنعوها, مصر التي يحكمها البلطجية, مصر التي يعيث فيها أنصار مبارك فسادا وإفسادا, مصر التي يحكمها ضباط العادلي, مصر التي يزور إعلامها الحقائق, ويهيج المشاعر, ويشعل الفتن, مصر التي يديرها بقايا نظام الفساد, الذين لم يؤمنوا بالثورة, مصر التي تحكمها حكومة مرتعشة, ويصرف أمورها وزراء مترددون, تربطهم بصناع الفساد أواصر الود والمحبة. مصر التي تأكل شبابها, وتقتل الأبرار, وتمجد الأشرار, مصر التي غاب ضمير نيابة أمن الدولة فيها, فتركت المجرم طليقا, يتحرك حرا, ينشر الفوضي, وسجنت الأبرياء, ونسبت لهم التهم التي ارتكبها أعداء الوطن, مصر التي حاكمت الشباب الحر أمام محاكمات عسكرية, وأنعمت علي الفاسدين بمحاكمات مدنية, مصر الفوضي, مصر العقوق وضياع الحقوق, مصر التي أري مبارك يطل عليها ضاحكا هازئا, مصر التي أشم فيها ريح العادلي وسرور وعزمي وصفوت. مصر حبيبتي, يسرقونني منك, ويسرقوك من دمي, يشوهون ألوانك الجميلة, يقطفون أزهار الأمل, يقتلون الورد في كل خميلة, يزرعون الدمار والخراب في كل دار, يشعلون النيران في الصدور, ويؤيدون كل مأجور موتور. مصر حبيبتي, وجهك الأبيض الباسم, قلبك النيل المتسامح الوافي, صبغوه بلون الدم, بكت مياهه هما وغما, ومن ماسبيرو وعبر شاشات كاذبه انتشرت الفتنة, وزاد عدد القتلي. أين أنت ياحمرة الخجل؟ أين أنت من حاكم مرتعش اليد, مشوش الفكر, مهزوز الوجدان, أين أنت ياحمرة الخجل, من أجهزة أمن ضاع أمنها, وفقدت الثقة فيها, واختارت موقف المتفرج والمحرض, أين أنت ياحمرة الخجل من كنيسة ساقت رعاياها إلي حومة القتل, مؤججة نيران الفتن, أين أنت يا حمرة الخجل من مساجد يعتلي منابرها شيوخ ماهم بشيوخ, يلوحون بالخطر, ويلوثون الفكر؟!! أين أنت ياحمرة الخجل من تيارات وأحزاب لا يهمها سوي أن تحكم, حتي لو كفن, تجري خلف سراب أوطان بلاقيم, قوي مشتتة لارابط يوحدها ولاهدف!! أين أنت ياحمرة الخجل من وزير لا يملك قرارا, ولا يمسك القلم, اكتفي يمنصب وأجر, بلا عمل؟ أين أنت ياحمرة الخجل من محافظ جاء مجاملة, لم يحصل يوما علي دورة أو يعرف كيف يدير قرية, فإذا به يحكم قري ومدنا, ويشعل بجهله فتنا؟!! أين أنت ياحمرة الخجل من رجل عدل لايتحري العدل, باع ضميره, واشتري رضاء حاكم وود مسئول اشتري عدله؟ أين أنت ياحمرة الخجل من مدرس أهمل التدريس, وحول الفصل إلي بوتيك يبيع فيه حروف الجر والوصل؟!! أين أنت ياحمرة الخجل من صحفي أجر قلمه, وتلون فكره, باع ولاءه في سوق نخس؟! أين أنت يا حمرة الخجل من مذيع لعب بصوته مباريات التزوير والتزويق والتزييف, واحترف الظهور في كل فضائيات تدفع أكثر؟ أين أنت يا حمرة الخجل من وطن لم يحمه أهله, وثورة لم يحفظها شعب دفع من أجلها دما حرا نقيا؟! أين أنت يا حمرة الخجل من شباب ثائر خذلناه, وسجناه في أقفاص أفكارنا العتيقة الملوثة بفساد نظام مبارك؟ أين أنت يا حمرة الخجل من قيادات شاخت في أماكنها, نشرت الفساد, وعشقت الإفساد, وغيرت جلدها استكمالا لأداء دورها في وأد ميلاد دولة مصرية قوية رائدة, فاعلة غير معفول بها؟ أين أنت يا حمرة الخجل من شهيد مسلم ومسيحي ثار ورفع العلم في ميدان التحرير, وغني للثورة؟ ** مصر حبيبتي وتبقين أنت شامخة.. رغم أنف كل حاقد وحاسد وعاشق سلطة, وكاره غابت عن عينيه وعن ضميره حمرة الخجل!! [email protected]