بعد أن راج سوق تأجير فساتين الزفاف ومن بعده سوق تأجير الذهب, انتشرت ظاهرة إقبال العروسين علي المحلات التي تبيع الموبيليا المستخدمة بسبب ارتفاع أسعار الموبيليات الجديدة وضيق ذات اليد ثم لرخص أسعارها ولجودتها. تحول أحد شوارع المعادي الجانبية إلي معرض مفتوح لبيع الأثاث المستعمل بعد تجديده, وامتلأ الرصيف وكذلك نهر الطريق بالموبيليات والسيارات التي تأتي بموبيليات أخري تتحفز إليها أنظار المارة الذين هم غالبا أهالي كل من الخطيب وخطيبته, والذي تم الاتفاق بينهما علي شراء هذا النوع من الأثاث دون أي حرج, خاصة أنه يصل إلي مسكنهم في نفس شكل الأثاث الجديد الملفوف بالورق الأبيض. يقول الحاج عمرو عبد الحليم( صاحب محل موبيليات) أن هناك عرسانا كثيرين يترددون علي لتجهيز بيت الزوجية بالكامل, وأن بعضهم يعطيني رقم تليفونه المحمول حتي أتصل به بمجرد أن تأتيني موبيليات أخري, وأن كم الموبيليات المعروضة علي للبيع كثيرة للغاية, وأنني لو لم أدقق في اختيار الموبيليات التي أشتريها من المنازل, لامتلأ المحل عن آخره, وهي لاتصلح لحديثي الزواج. ويضيف الحاج عمرو أنه علي الرغم من أن الأسر التي تبيع ما لديها من أجل التجديد فئة محدودة جدا إلا أن هناك مفارقات أو أقدارا تجعل الغني يشارك في تجهيز بيت الزوجية لشخص آخر غير قادر. فمثلا حدث ذات مرة أن اشتري شخص ثري العفش بالكامل, بالطبع من محل يبيع الموبيليا الجديدة, وأراد أن يفاجيء خطيبته به, وبلغ قيمته حوالي(200) ألف جنيه, ولكنها رفضت العفش وقالت انه لا يعجبها, فما كان من هذا العريس إلا أن اتصل بي في هدوء كي اشتري العفش كله وبأقل من نصف الثمن, وكانت الموبيليات مكونة من أربعة صالونات وثلاث غرف نوم وغرفتين للأطفال و(2) مطبخ, بالاضافة للنجف والسجاد, وكان كل هذا من نصيب أربعة عرسان جدد. ويقول مدحت دكروري( صاحب محل) أن هناك أشياء قيمة في معارض بيع الأثاث المستخدم, فعندما نتلقي مكالمة من منطقة دجلة المعادي أو القاهرةالجديدة أو مصر الجديدة, نعلم علي الفور أن هناك أثاثا جيدا وقيما وأنه رزق فئة أخري غير قادرة. ويكفي أن أقول لك أن هناك عميلا يتصل بي كل ستة أشهر ويعرض علي شراء أثاث منزله, لأنه اعتاد تجديد محتويات منزله مرتين في العام!, ولك أن تتخيل مدي قيمة الأثاث الذي يشتريه شخص ذو مقدرة بهذا الشكل. وأنه جهز أخاه بفضل العفش الذي يبيعه له هذا الثري, وأنه أسهم في تجهيز بيت زواج أفراد عائلته بفضل هذه الفرص الثمينة. ويشير عبد العزيز محمد( صاحب محل موبيليات) إلي أن هناك موسما لهذه السوق, ففي النصف الثاني من شهر رمضان يبدأ الموسم لأن أغلب الزيجات تحدث في العيد, وفي الصيف عموما يكون هناك رواج عن الشتاء, وبالتالي هو موسم بالنسبة لنا, ولأن من يريد موبيليات لديه يبيعها في الصيف أيضا. ولكن في الشتاء تكون حركة الشراء بالنسبة لنا ضعيفة ويقول أسامة علي( زبون) انه اشتري السفرة من أحد هذه المحلات وكلفته حوالي ثلاثة آلاف جنيه, وكان ينقصها الكرسي السادس فقط, فاضطر إلي أن يذهب لنجار ليصنعه له, فكلفه هذه الكرسي وحده(1200) جنيه, و أضاف أن هذا إن دل فإنما يدل علي انه لا ملجأ لنا كشباب سوي هذا الأثاث المستعمل. ويقول فريد عزيز( زبون) أنه أبلغ خطيب ابنته بأن هذه المحلات التي تبيع الأثاث المستعمل هي أفضل تفكير عملي في مثل هذه الظروف التي نعيشها, وأنه علي استعداد أن يصطحبه ويدله علي قطع الأثاث الجيدة, لأن هناك أثاثا مصنوعا من الكرتون المضغوط, وإذ لم نجد سوي هذه الغرف فليس من العقل أن ندفع فيها مبلغ كبير, في حين أنها في هذه المحلات بثمن زهيد. ويقول جاسر سمير( زبون) أنه متزوج حديثا وأسس منزل الزوجية من خلال هذه المحلات التي تبيع الموبيليات المستعملة, ويحرص علي التردد علي هذه المحلات من وقت لأخر لأنه يوجد بها بعض القطع القيمة والسعر المناسب, وأنه جاء اليوم لأنه يبحث عن حجرة نوم أطفال, وليس لديه القدرة المالية الكافية لشراء حجرة مصنوعة من خشب جيد. وأضاف أنه لم يكن يعرف مدي أهمية هذه المحلات وأن أصدقاءه الذين يترددون عليها هم الذين أرشدوه علي هذه المحلات وأنهم وجدوا بها قطعا يصعب وجودها بهذا السعر. فالأسعار لديهم هي أقل من نصف السعر الأساسي للقطعة. فحجرة النوم الجيدة المصنوعة من الخشب الزان لاتقل عن عشرين ألف جنيه في المحلات المشهورة التي تبيع الجديد فقط, في حين أجدها هنا بحوالي ثمانية آلاف جنيه أو أقل بالطبع,