«ترجعونها إن كنتم صادقين» (سورة الواقعة آية 87) كثيرًا ما يتعرض الإنسان للحظات يكون فيها بين الحياة والموت ففجأة يفقد توازنه ويقع على الأرض مغشيًا عليه وفى أغلب الأحوال يكون هناك انخفاض شديد فى ضغط الدم؛ حيث لا يصل الدم الكافى إلى المخ مؤديًا إلى الغيبوبة أو الغشيان وهناك أسباب كثيرة تؤدى إلى ذلك مثل الصدمة العصبية نتيجة رؤية أو سماع خبر سيئ أو حدوث اضطراب شديد مفاجئ فى نبض القلب أو ارتفاع أو انخفاض شديد فى مستوى السكر بالدم أو انسداد شديد مفاجئ فى شرايين القلب الرئيسية أو ارتفاع شديد فى ضغط الدم مؤديًا إلى سكته دماغية ونزيف داخلى بالمخ. ونظرًا للتقدم الكبير فى وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية فإنه يتم الإبلاغ فورًا عن هذه الحالات وتنقل إلى مراكز العناية المركزة المتخصصة وقد يتم وضع المريض على جهاز التنفس الصناعي. وفى الوقت نفسه، يتم إعطاء المريض المحاليل اللازمة لرفع الضغط فى حالة انخفاضه أو إعطائه المركبات التى ترفع الضغط. وفى حالة ارتفاع الضغط تعطى مدرات البول والمركبات الخافضة للضغط. ويتم فورًا توصيل المريض بأجهزة مراقبة القلب والضغط والتنفس وتشبع الدم بالأوكسجين فإذا حدث نقص شديد فى النبض فإنه يعطى العقار المناسب وإذا حدث اضطراب فى النبض فهناك الكثير من العقاقير التى تعطى حسب نوع الاضطرابات الموجودة بالقلب. وفى العناية المركزة يتم تركيب قسطرة بولية للتعرف على كمية إدرار البول والتى تعطى فكرة جيدة عن مدى كفاءة ضخ الدم للأجهزة الرئيسية بالجسم مثل الكلى والكبد كما يتم تركيب قسطرة (CVP) لحساب ضغط الدم الوريدى وتحديد كمية المحاليل المطلوبة. ثم تؤخذ عينات دم من المريض لعمل وظائف للأعضاء الرئيسية بالجسم وحساب مستوى السكر بالدم وعمل صورة دم كاملة وحساب المعادن الرئيسية بالجسم. وبعد استقرار الحالة يتم تقييم حالة المريض الدماغية عن طريق طبيب الأعصاب المتخصص والتى قد تحتاج إلى إجراء أشعة مقطعية للمخ. وإذا طالت فترة إقامة المريض بالعناية المركزة فإن ذلك يتطلب التقليب المستمر للمريض تجنبًا لحدوث قرح الفراش والتى قد تكون سببًا فى الوفاة من التسمم الدموى ويعتبر الحفاظ على وظائف القلب والرئتين والكلى والكبد من أهم وظائف العناية المركزة. فإذا توقف القلب فجأة فيمكن إجراء التدليك الخارجى للقلب وذلك عن طريق إجراء ضغط القلب بين عظمتى القص والعمود الفقرى فإذا فشل ذلك فيمكن إعطاء صدمات كهربائية خارجية للقلب فإذا فشل ذلك فيمكن فتح الصدر فورًا وإجراء تدليك داخلى للقلب مع إعطاء منشطات القلب مع صدمات كهربائية داخلية. وفى كثير من الحالات تكون هذه الطرق ناجحة فى استعادة عمل القلب وشفاء المريض. أما إذا فارقت الروح الجسد فإن كل هذه الطرق تفشل رغم وجود أقصى عناية بأقصى أجهزة مع أحسن المستويات العلمية للفريق المعالج. وفى تفسير ابن كثير «فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين» معناه فهلا ترجعون هذه النفس التى بلغت الحلق إلى مكانها الأول ومقرها فى الجسد إن كنتم غير محاسبين. وعن مجاهد غير مدينين غير موقفين وعن ميمون بن مهران غير معتدين مقهورين. وهكذا يتضح استحالة رد الروح إلى الجسد إذا فارقته عند الوفاة وصدق من قال فى كتابه الكريم فى سورة الواقعة منذ أكثر من 1400 عام « فلولا إن كنتم غير مدينين. ترجعونها إن كنتم صادقين»(آية 86-87).