من الخطأ أن تكون الأمور الأكثر أهمية تحت رحمة الأمور الأقل أهمية.. هكذا قال جوته الأديب العالمى الألمانى.. وليس هناك أهم من الوطن وأمنه واستمرار شخصيته المتفردة.. ومن مفردات الشخصية المصرية الانتماء لتراث أم الدنيا والشهامة والجدعنة والابتسامة والسماحة، وأيضًا يتميز الإنسان المصرى بالصلابة والقدرة على التحمل.. وعندما يريد المصرى يستطيع.. إنها مصر التى تتباهى بمفكريها وكتابها وشعرائها منذ الأزل! مصر التى اللغة العربية فيها.. تاج للهوية المصرية العربية! فجأة ظهرت فى مصر كلمات غريبة على قاموس اللغة المصرية بين الشباب! لغة يسمونها «فرانكو آراب» شيء ماسخ سخيف.. والأسخف التباهى بعوجة اللسان.. والتحدث بالإنجليزية وبين الكلمات كلمة عربى على استحياء!! شيء خطير.. وأقول للشباب والأهالى.. ألا تستحون من التهتهة بالعربى.. ومن كتابة الخط العربى السيئ.. الذى كان يومًا ينقش على الحجارة بروعة ودقة مبهرة! اللغة العربية عشاقها كانوا الأكثر ثقافة وأناقة فى الحديث.. وعندما طلت العُقَد وتقليد الغرب والانبهار به وتجاهل ثقافتنا المتفردة خسرت اللغة رنة تميزها وتدهورت الجمل وساءت الكتابة.. بل انتحرت الأهداف النبيلة من فكر كتَّاب الدراما.. ورأينا العجب! ● هل معقول نظل نضرب كفًا على كف من سوء كتابة أولادنا وشبابنا ونبتلع أخطاءهم اللغوية.. مبتسمين ببلاهة مبررين هذا اللغو الرديء بأن تعليمهم أجنبى؟! يقول المثل الصينى «اعتن بالجذور وسوف تعتنى الفروع بنفسها».. ولكن للأسف بعضنا وبعض المؤسسات من زمان لم يعتنوا بالجذور فذبلت الأخلاق... وعندما ينتشر القبح ينكمش الحال وتتوارى الأخلاق الكريمة.. والأهم الانتماء للوطن ولشخصيته ولغته... ● لقد أفظعنى ما كتبته شيرين العدوى ب«الأهرام» عن مشاعر بعض الشباب الصغير تجاه لغتهم.. قالت: فى حوار لإحدى صديقاتى مع ابنها تعاتبه على استخدامه اللغة الإنجليزية مع أصدقائه مع أنهم ولدوا وعاشوا فى مصر.. وتسأله لماذا لا تتحدثون العربية؟ فيرد الابن بتبجح.. إنه لن يستخدم اللغة العربية أبدًا فى حياته ولن يتعلمها لأنها لغة «بيئة»، السؤال الثائر فى صدرى.. أين وزارات الثقافة والإعلام والشباب.. وقبلهم ماسبيرو؟ التليفزيون المصرى زائر مقيم فى كل بيت مصرى مُعلم نبيل يُصلح المائل ويعدل جنوح عقول تدللت وأهمل توجيهها من الأهل.. وهو أهل لإصلاح ما أفسده الأهل!! ● هناك كثير من النماذج التى تعانى من ضعف الوعى الوطنى والتمسك بلغتنا العربية.. مثل ما نراه فى الأندية والزيارات العائلية من التحدث بلغات أجنبية.. فهى لغة التواصل الأكثر انتشارًا فى كثير من البيوت التى تفتخر بأن اللغة العربية لغة آيلة للسقوط؟! بل هناك طلاب كما ذكرت شيرين العدوى فى مقالها.. يرفضون تعلم العربية بإصرار وهم طلاب فى كلية الإعلام شعبة اللغة الإنجليزية.. ويتصدون لمعلمهم بتحدٍ معيب الذى يريد تحسين لغتهم العربية.. بتمرير تبرير رديء أنهم إنما جاءوا ليدرسوا باللغة الإنجليزية! الغريب.. أنه فى الوقت الذى نفر فيه من العربية هنا.. نجد كثيرين من الأدباء يتذوقونها هناك.. مثل الأديب العظيم جوته الذى أحب اللغة العربية وقال عنها: «ربما لم يحدث فى أى لغة هذا القدر من الانسجام بين الروح والكلمة والخط مثلما حدث فى اللغة العربية.. إنه تناسق غريب فى ظل جسد واحد»! هنا أسأل كل من يتجاهل لغة بلده.. ألم يلفت نظركم تباهى الألمان والفرنسيين وغيرهم بلغة بلادهم.. ألا تخجلون من التمسك بالمظاهر الكذابة من ملابس باهظة الثمن وأنتم تعانون من جوهر ركيك ينحاز للفكر الغربى وثقافته؟! «فاقد الشيء لا يعطيه»، لن ترتفعوا إلا بالانتماء لثقافتكم العربية! الأديب نجيب محفوظ لم يصل للعالمية إلا بالتركيز فى المحلية.. والغوص فى دروب الأحياء الشعبية.. الإحساس بالوطن نجاة من الغُربة فى الحياة.. إنها مصر التى ظهرت قيمتها عندما استقبل الرئيس التونسى «السبسى» الرئيس «السيسى» مرحبًا به فى القمة الإفريقية الأخيرة ببيت شعر لشاعر النيل حافظ إبراهيم «كم ذا يكابد عاشق ويلاقى.. فى حب مصر كثيرة العشاق». أيها الشباب حافظوا على أصلكم.. يَدُمْ فضلكم! لا داعى للانزلاق فى اللاهوية.. اللاهية عن الانتماء للوطن وعشق الوطن!