وفاة بشير صديق شيخ القراء في المسجد النبوي عن عمر ناهز 90 عاما    تطور جديد في أسعار الذهب بعد موجة الصعود القياسي بسبب الإغلاق الأمريكي    على خطى حماس، تلميح غامض من الجهاد الإسلامي بشأن خطة ترامب في غزة    بهدفين لا أجمل ولا أروع، المغرب يضرب البرازيل ويتأهل لثمن نهائي مونديال الشباب (فيديو)    ترتيب مجموعة منتخب المغرب بعد الفوز على البرازيل في مونديال الشباب    بعد بلاغ الأم، القبض على المدرس المتهم بالتحرش بتلميذ داخل مدرسة بالهرم    غلق وتشميع مقاهي ومحال مخالفة في حملة إشغالات مكبرة بالطالبية    بعد استبعاد المصريين، تركي آل الشيخ عن موسم الرياض: مفتوح للجميع على حسب احتياجنا نحن    شركة مايكروسوفت تطلق "وضع الوكيل الذكي" في 365 كوبايلوت    ترامب: على الجمهوريين استغلال فرصة الإغلاق الحكومي للتخلص من "الفاسدين لتوفير المليارات"    المسرح المتنقل يواصل فعالياته بقرية نزلة أسطال بالمنيا    «قولاً واحدًا».. خالد الغندور يكشف رحيل فيريرا عن تدريب الزمالك في هذه الحالة    البيت الأبيض: مناقشات حساسة تجري الآن بشأن خطة غزة    85 شهيدًا فلسطينيًا حصيلة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة خلال 24 ساعة    خطة ترامب لغزة.. قراءة تحليلية في وهم السلام وواقع الوصاية    بلاغ أم يقود لضبط مدرس متهم بالاعتداء على طفل فى الأهرام    متى يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025 رسميًا؟ استعد ل تغيير الساعة في مصر    سعر الذهب اليوم الخميس 2-10-2025 يصل لأعلى مستوى وعيار 21 الآن بالمصنعية    عبدالله مجدي الهواري: «بحب الفن ونفسي أبقى حاجة بعيد عن اسم أمي وأبويا»    مدير مستشفى معهد ناصر: نستقبل مليوني مريض سنويًا في مختلف التخصصات الطبية.    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    أكاديمية «أخبار اليوم» في ثوبها الجديد.. وفرحة الطلاب ببدء العام الدراسي| صور وفيديو    النائب العام يلتقي أعضاء إدارة التفتيش القضائي للنيابة العامة.. صور    إصابة 4 عمال في حادث تصادم نقل وميكروباص أمام كارتة ميناء شرق بورسعيد    قرار هام بشأن شخص عثر بحوزته على أقراص منشطات مجهولة المصدر بالجيزة    السيطرة على حريق شب داخل مخلفات بعين شمس    زكريا أبوحرام يكتب: الملاك الذي خدعهم    4 أهداف.. تعادل مثير يحسم مواجهة يوفنتوس أمام فياريال بدوري أبطال أوروبا    رياضة ½ الليل| هشام يسلف الزمالك.. إيقاف تريزيجيه.. قائمة الخطيب.. والموت يطارد هالاند    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    شهادة صحفي على مأساة أفغانستان الممتدة.. جون لي أندرسون يروي أربعة عقود في قلب عواصف كابول    وصول وفد رسمي من وزارة الدفاع السورية إلى موسكو    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين والبنوك والمدارس بعد قرار رئيس الوزراء    مرض اليد والقدم والفم (HFMD): عدوى فيروسية سريعة الانتشار بين الأطفال    تحذير لهؤلاء.. هل بذور الرمان تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي؟    أكلة مصرية.. طريقة عمل محشي البصل خطوة بخطوة    الخارجية التركية: اعتداء إسرائيل على "أسطول الصمود" عمل إرهابي    مايولو: سعيد بالتسجيل أمام برشلونة.. نونو مينديش قام بعمل كبير    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    حل 150 مسألة بدون خطأ وتفوق على 1000 متسابق.. الطالب «أحمد» معجزة الفيوم: نفسي أشارك في مسابقات أكبر وأفرح والدي ووالدتي    انقطاع مؤقت للاتصالات قرب المتحف المصري الكبير.. فجر الخميس    هيئة مستقلة للمحتوى الرقمي ورقابة بضمانات.. 4 خبراء يضعون روشتة للتعامل مع «البلوجرز» (خاص)    ارتفاع أسعار الذهب في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 2-10-2025    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 5 صواريخ من شمال غزة واعتراض 4 منها دون إصابات    المطبخ المصري في الواجهة.. «السياحة» ترعى فعاليات أسبوع القاهرة للطعام    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    السكر القاتل.. عميد القلب السابق يوجه نصيحة لأصحاب «الكروش»    تسليم 21 ألف جهاز تابلت لطلاب الصف الأول الثانوي في محافظة المنيا    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    أرسنال بالعلامة الكاملة في الإمارات ينتصر بثنائية على أولمبياكوس    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    اعتراضات على طريقة إدارتك للأمور.. برج الجدي اليوم 2 أكتوبر    أول تعليق من رنا رئيس بعد أزمتها الصحية: «وجودكم فرق معايا أكتر مما تتخيلوا»    ماذا كشفت النيابة في واقعة سرقة الأسورة الأثرية من المتحف المصري؟    تعرف على مواقيت الصلاه غدا الخميس 2 أكتوبر 2025فى محافظة المنيا    مجلس حكماء المسلمين: العناية بكبار السن وتقدير عطائهم الممتد واجب ديني ومسؤولية إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نستقبل شهر الخير ؟
نشر في الأهرام المسائي يوم 03 - 05 - 2019

تدور الأيام دورتها وتمر اليالي وتتوالى الشهور و يهل علينا هلال أفضل الشهور على الإطلاق وهو شهر رمضان المبارك فيستقبله المسلمون بالفرح والسرور يرجون فيه رحمة العزيز الغفور فهو منحة ربانية تُضاعف فيه الحسنات ويعظم الثواب ويغدق الله على عباده النفحات ويفتح لهم أبوابًا من الخير ومن المغفرة،
و تفتح فيه أبواب الجنة فلا يغلق منها باب وتغلق فيه أبواب النار فلا يفتح منها باب، وتغل فيه الشياطين، وينادى منادٍ: يا باغى الخير أقبل – فهذا أوانك – ويا باغى الشر أقصر – فلا مكان لك فى هذه الأيام الطيبة فيقبل أهل الإيمان على ربهم، وهو شهر نزول القرآن الكريم هدية الله لخلقه قال تعالي:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}( البقرة: 185). ولقد أعطى الله عز وجل للصائمين من أمة النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) فى هذا الشهر خيرا كثيرا وثوابا عظيما لا يستطيع القلم أن يحصره ولا اللسان أن يذكره وحول كيفية الاستعداد لرمضان والاستفادة منه فى البداية

فى البداية يوضح الدكتور محمد إبراهيم حامد من علماء الأوقاف أن شهر رمضان يعد فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله عز وجل نتخذ منه سببا للعمل والإنتاج، فهو شهر اجتهاد وجد وعمل، لا كسل وخمول، فما أكثر ما حققه المسلمون على مر تاريخهم الطويل فى هذا الشهر الكريم ليتعلم المؤمنون فى كل زمان أنه شهر بذل وعطاء ودفع لمسيرة الأمة نحو التقدم والإنتاج. وإن الصائم الذى أرغم نفسه وحملها على أن تجتنب ما هو مباحٌ، وسيطر على شهوات جسده، لقادرٌ بإذن الله على أن يجتنب ما حُرِّمَ عليه من باب أولى فى جميع أوقات العمر وهذه هى ثمرة الصيام، فرمضان فرصة للتزود فيه من اكتساب الإرادة القوية والتربية على الإخلاص وعلى الصبر وعلى الطاعات وعلى الأخلاق الفاضلة وعلى التوبة النصوح وعلى اتقاء المعاصى، وهذه من أهم مقاصد الصوم الأساسية، مشيرا إلى أن من جملة العطاء الإلهى فى رمضان ما أخبر عنه رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حين قال: (أُعْطِيَتْ أُمَّتِى فِى شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِى، أَمَّا وَاحِدَةٌ: فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ نَظَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ نَظَرَ اللهُ إِلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ أَبَدًا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَإِنَّ خُلُوفَ أَفْوَاهِهِمْ حِينَ يُمْسُونَ أُطَيِّبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ: فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَسْتَغْفِرُ لَهُمْ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ: فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْمُرُ جَنَّتَهُ فَيَقُولُ لَهَا: اسْتَعِدِّى وَتَزَيَّنِى لِعِبَادِى أَوْشَكَ أَنْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ تَعَبِ الدُّنْيَا إِلَى دَارِى وَكَرَامَتِى، وَأَمَّا الْخَامِسَةُ: فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ آخِرُ لَيْلَةٍ غَفَرَ لَهُمْ جَمِيعًا) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟ فَقَالَ: ( لَا، أَلَمْ تَرَ إِلَى الْعُمَّالِ يَعْمَلُونَ فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ أَعْمَالِهِمْ وُفُّوا أُجُورَهُمْ».
ويري حامد أن الصوم لكى يحصل منه على الثمرة المرجوة لابد وأن نتلمس فيه هدى النبى الكريم (صلى الله عليه وسلم) ونسير على خطاه، فقد كانت له صلى الله عليه وسلم جملة من السلوكيات النهارية والليلية فى هذا الشهر حتى لا يضيع منه الثواب ولا الأجر، وحتى لا يفوت لحظة من لحظات هذا الشهر المبارك دون أن يستثمرها فى طاعة الله عز وجل، وعلى كل مسلم أن يبذل وسعه وطاقته فى الاقتداء برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال تعالي: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا}[الأحزاب : 21] فكان من هديه الشريف:
تناول السحور: فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِى السَّحُورِ بَرَكَةً)(رواه البخاري)، والبركة المقصودة هنا مادية ومعنوية، أما المادية فإن طعام السحور يكون سببا لعون المسلم على الصوم ، وأما المعنوية فهى الاستجابة لأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفيها من البركة ما فيها. لذلك حرص النبى (صلى الله عليه وسلم) على السحور ورغب فيه، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ ) (رواه أحمد)،
ومنه: تعجيل الفطر: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: (لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ) (متفق عليه). كَانَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: (ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) (رواه أبو داوود).
ومنه: الجود والكرم على الفقراء والمحتاجين، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما) قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ) (متفق عليه).
ومنه: قيام الليل بالصلاة وقراءة القرآن الكريم، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْه): أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (رواه البخاري) وسنَّ النبى (صلى الله عليه وسلم) صلاة القيام (التراويح) فى رمضان، فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا): أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِى المَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: (قَدْ رَأَيْتُ الَّذِى صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِى مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ ) وَذَلِكَ فِى رَمَضَانَ .(متفق عليه).
ومنه: الكفُّ عما يتنافى مع الصوم. من قبيح الأقوال والأفعال. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رِوَايَةً، قَالَ: «إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّى صَائِمٌ، إِنِّى صَائِمٌ) (رواه مسلم)، فالمسلم الحق يعلم أن الله رقيب عليه فى كل أحواله وسيحاسبه على كل أقواله وتصرفاته، قال تعالي: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]
موضحا أن من جملة السلوكيات المرفوضة فى غير رمضان ويتأكد رفضها فى شهر رمضان منها ،قول الزور وشهادته أو العمل به ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)(رواه البخاري) فمن صام ولم يترك الكذب والعمل به فلا قيمة لصيامه ، قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): «إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ، وَبَصَرُكَ، وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ » (رواه ابن المبارك فى الزهد).
ومنها: السهر من غير فائدة، فالوقت أمانة واستثماره فى الطاعة واجب وتضييعه والتفريط فيه منهى عنه شرعا، والسهر فيما لا فائدة فيه يترتب عليه ضياع الفرائض بالنهار، أو تأخيرها عن وقتها، كما يفوّت المسلم على نفسه وقت البكور وما فيه من خير .
ومنها: الإسراف والتبذير فى المأكل والمشرب والملبس، والله عز وجل نهى عن ذلك على العموم فقال: { يَا بَنِى آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31] { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء:26-27] وأصبح للأسف حال المسلمين فى رمضان هو حال السرف فى المأكل والمشرب والملبس والزينة ونسينا أن رمضان شهر تهذيب وتقويم للسلوك.
ويضيف الدكتور عبد الخالق السكرى أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر أن رمضان شهر البر والإحسان فيه تتضاعف الحسنات وترفع الدرجات وتكفر السيئات فعلى المسلم أن يغتنم فرصة هذا الشهر، بأن يستعد لصيامه وقيام لياليه اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كان صلوات الله علي، يجتهد فى رمضان ما لا يجتهد فى غيره ويجتهد فى العشر الأواخر منه، ما لا يجتهد فى غيرها وأبواب الخير فى رمضان كثيرة ومتعددة ومن أهمها التكافل الاجتماعي بين المسلمين عن طريق الإنفاق وإطعام الطعام وهذا الجانب الاجتماعي من جوانب العظمة فى تشريع الصيام فقد ربط فى كثير من آياته بين عبادة الصيام وإطعام الطعام ومن ذلك قولة تعالي فى آيات الصيام «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين» فقد جعل الله بدل الصيام إطعام الطعام وهذا يدل على الربط التام بين الصيام وحياة الناس الاجتماعية وأمر آخر يوقفنا على هذا الجانب ألا وهو صدقة الفطر، فالهدف من إخراجها هو إطعام الطعام كما جاء عن بن عباس رضى الله عنه قال فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فهذا باب واسع من أبواب الخير فى هذا الشهر أن يتكافل الناس ويتعاونوا على البر والإحسان و موساة بعضهم بعضا فرمضان كما قال صلى الله عليه وسلم «شهر المواساة من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتقا لرقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء».
ومن جوانب العظمة فى رمضان أيضا التى يجب على المسلم الاستفادة منها الجانب الأخلاقي فهو مدرسة يتعلم فيها الصائم مكارم الأخلاق من الصبر والحلم والجود والكرم فليس الصيام امتناعا أو حرمانا من الطعام والشراب وإنما هو قبل كل شيء إمساك عن الرذائل التى تبطل عبادة المسلم ومنها الكذب والغيبة والنميمة لقوله صلى الله عليه وسلم «ليس الصيام من الأكل والشرب وإنما الصيام من اللغو والرفث ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم «الصيام جنة ما لم يخرقها» أى وقاية وقالوا بما يخرقها؟ قال بكذب أو غيبة فعلى المسلم أن يصون جوارحة عما حرم الله تعالي وأن يتخلى عن الرذائل كالشح والاحتكار وجشع التجار والطمع.
ويتحلى بمكارم الأخلاق حتى يتقبل الله منه عبادته، حيث قال صلوات الله عليه «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه».
ويقول الشيخ عبد الناصر بليح من علماء الأوقاف: تمر الأيام من عام إلى عام تحمل لنا البشرى بقدوم شهر رمضان المبارك، وتنثر بين يديه أنواع البر والرحمة والمغفرة والعتق من النار.. وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعون رمضان بالدعاء ستة أشهر» اللهم تقبل منا رمضان ويستقبلونه ستة أشهر «اللهم بلغنا رمضان» .. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان: «قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم. فالمسلم يحرص على استقبال رمضان والاستعداد له بالحمد والشكر على بلوغه وإظهار الفرح والبهجة بقدومه لما ورد (أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة أن يسجد شكراً لله تعالى، أو يثنى عليه بما هو أهله، وهذا الحديث أصل فى تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان، كيف لا يُبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يُبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.