يحتل مسجد زغلول الأثري مكانة خاصة في قلوب أبناء مدينة رشيد, فمن مئذنته انطلقت شرارة بدء المقاومة الشعبية ضد الحملة الإنجليزية بقيادة فريزر عام1807. ويعد أكبر مساجد الوجه البحري علي الإطلاق, وأسس في عهد زغلول, وهو مملوك لهارون أحد أمراء القرن السابع عشر الميلادي, يتكون من جامعين متصلين ببعضهما, ويبلغ طول المسجد90 مترا, وعرضه48 مترا, وكان يحتوي علي244 عمودا من الرخام والجرانيت, وأنشئ سقفه علي شكل قباب صغيرة من الطراز العثماني, ويعد تحفة معمارية رائعة, لكن امتدت إليه يد الإهمال, وانهارت بعض أجزائه, وأكملت المياه الجوفية علي ما تبقي منه, ومع تعالي الأصوات المطالبة بإعادة بناء وترميم المسجد, نظرا لأهميته التاريخية, وافق المجلس الأعلي للآثار علي ترميمه, وأسندت الأعمال إلي شركة المقاولون العرب, وفجأة توقفت تماما, وتكرر الشيء نفسه في مسجد المحلاوي. وعن المشكلة تؤكد الدكتورة نادية أندراوس أستاذة اللغة الفرنسية بجامعة دمنهور ورئيسة جمعية أصدقاء مدينة رشيد خطورة توقف خطة تنمية وتطوير رشيد, التي تهدف في المقام الأول إلي تحويلها إلي متحف مفتوح, والحفاظ علي التراث التاريخي بها, كما أكدت أن رشيد قيمة للتراث الإنساني وليس الإسلامي فقط, ويجب علي الجميع التحرك لإتمام مشروعات التطوير التي تشمل تطوير شارع الكورنيش, وإنشاء مرسي للسفن, والميناء, وترميم باقي المساجد الأثرية, فضلا عن نشر التوعية بمنع سير سيارات النقل في الشوارع الأثرية مثل( دهليز الملك) من جانبه كشف محمد عبدالعزيز مدير عام آثار الوجه البحري عن حقائق خطيرة تستوجب الاهتمام قبل فوات الأوان, حيث أوضح أن المجلس الأعلي للآثار يعتمد علي التمويل الذاتي في تدبير موارده التي تتمثل في جزء من عائدات السياحة, والمعارض الخارجية للآثار, ورسوم دخول المتاحف والمناطق الأثرية وغيرها, وللأسف الشديد وعقب أحداث الثورة تراجعت معدلات السياحة بشكل كبير, وتناقصت موارد المجلس بصورة غير مسبوقة, وكانت النتيجة أن توقفت أعمال ترميم العديد من المباني الأثرية لعدم توافر الاعتمادات المالية, ومنها مشروع بناء مسجد زغلول الأثري. ويؤكد مدير عام آثار وجه بحري أن توقف أعمال ترميم بعض المباني يهدد بانهيارها, مطالبا بحملة قومية لتدبير الاعتمادات, سواء عن طريق تبرعات القادرين, أو منح المجلس الأعلي للآثار قروضا ميسرة بدون فوائد, أو أي طريقة أخري لاستكمال أعمال الترميم, حفاظا علي المباني الأثرية التي قد تتعرض للانهيار في أي لحظة.