سارعوا فى هذه الليلة المباركة إلى نيل العفو والمغفرة من الله سبحانه، وليس هذه الليلة فقط التى تتسابق فيها أيها المسلم، بل ينبغى أن تركض فيما تبقى من شهر شعبان فى البحث عن الطاعات وتطرق أبواب الخيرات، ينبغى أن تكون ممن يشمر عن ساعديه ويستعد لشهر رمضان المبارك لأنه من زرع حصد، ولا تنسوا أن ليلة النصف من شعبان ترفع فيها الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى فيطلع عليها، فأبشر ياعبد الله إن كان قد رفع عملك وأنت صائم أو مستغفر أو متصدق أو قائم لله تعالي، إن فى هذه الليلة المباركة التى ترفع فيها الأعمال إلى الله، يغفر الله فيها لعباده ولكن من هم؟ الله سبحانه يغفر لجميع خلقه إلا المشرك أو المشاحن، والمشاحن هو المقاطع لبعض من الناس، وهو الذى لا يستطيع مسامحة الغير، لذلك من وجد فى قلبه غصة من مسامحة من آذاه فليصلى ركعتين ويدعو الله أن يطفئ غيظ قلبه وينزل على قلبه من برد عفو الله حتى يستطيع أن يعفو عن الناس. وإياك أن تدعو على أحد قد أساء إليك حتى وإن كنت مظلوما فى هذه الليلة لأن الله لا يقبل دعاء فيه إثم أو قطيعة رحم، لكن قل اللهم إنك أمرتنى بالعفو كما قلت (خذ العفو) فأذقنى برد عفوك حتى أعفو عمن ظلمنى وأعطى من حرمني، وطهر قلبى يا رب من كل ضغينة. ليلة النصف من شعبان هى ليلة بليغة الشرف ولها فضل كبير فهى أفضل الليالى بعد ليلة القدر ففيها يتفضل الله على عباده بمغفرة الذنوب، فاجتهدوا فيها فى الدعاء فإنه سبحانه لا يرد سائلا ما لم يسأل الله المعصية. وقد سميت هذه الليلة ليلة البراءة لأن العبد يكتب له فيها براءة من النار، وسميت أيضا ليلة الشفاعة وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم (شفاعتى حق فمن لم يؤمن بها لم يكن من أهلها)، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعلم أمته (إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها) - والصيام باعتبارها إحدى الليالى القمرية - وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يدعو فى هذه الليلة بدعاء (اللهم إنى أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك، لا أحصى ثناء عليك أنت كم أثنيت على نفسك). وقد حدث فى هذه الليلة حدث جليل وهو تحويل القبلة، فعندما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ظل يصلى نحو سبعة عشر شهرا إلى بيت المقدس وكان يلتفت كثيرا نحو الكعبة المشرفة لعل الله يحدث أمرا فنزل قوله تعالى وهم فى صلاة الظهر (قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام) فتوجه النبى وأصحابه إلى الصلاة تجاه الكعبة وكانت أسعد لحظات النبى صلى الله عليه وسلم، فهى حقا ليلة مباركة فاغتنموها وادعو الله أن نكون جميعا من المقبولين الفائزين.