قال تعالي:{ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلي الله فليتوكل المؤمنون}, التوبة:51]. كل ما في الكون كائن بتقدير الله وإيجاده بمشيئتةوإرادته,. والدنيا طافحة بالأنكاد والأكدار, مطبوعة علي المشاق والأهوال, والعوارض والمحن فيها. ولا بد من حصول الألم لكل نفسوالحياة مبنية علي المشاق وركوب الأخطار,وقد تتكالب المصائب علي الإنسان وتتوالي عليه مجتمعةوربما يفقد المرء معها توازنه بعض الشيء وهنا يكونالابتلاء واختبار اللهلعباده.وما الابتلاء إلا عكس المقاصد وخلاف الأماني, والكل حتم يتجرع مرارته, ولكن ما بين مقل ومستكثر, يبتلي المؤمن ليهذب لا ليعذب, فتن في السراء, ومحن في الضراء,{ وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون}, الأعراف:168 والمؤمن الحازم يثبت للعظائم, ولا يتغير فؤاده ولا ينطق بالشكوي لسانه, ويخفف المصاب علي نفسه بوعد الأجر وتسهيل الأمر, لتذهب المحن وما زال العقلاء يظهرون التجلد عند المصاب لئلا يتحملوا مع النوائب شماتة الأعداء, والمصيبة إن بدت لعدو سر واستبشر بها, وكتمان المصائب والأوجاع من شيم النبلاء, فصابر هجير البلاء, فما أسرع زواله, وغاية الأمر صبر أيام قلائل. وطريق الابتلاء معبر شاق بالتأكيد, تعب فيه آدم, وسائر الأنبياء والمرسلين وعالج أنواع الأذي نبينا محمد صلوات الله عليه وسلامه, والإنسانعلي سنة الابتلاء سائر, والدنيا لم تصف لأحد, ولو نال منها ما عساه أن ينال, يقول المصطفي: من يرد الله به خيرا يصب منه. وربنا وحده له الحمد, وإليه المشتكي, فإذا تكالبت علينا الأيام, وأغلقت في وجهنا المسالك والدروب, فلا نرج إلا الله في رفع المصائبودفع البلاء, ومن فوض أمره إلي مولاه حاز مناه, ولابد أن نكون علي يقين دوما بقدر الله وخلقه وتدبيره, ونصبر علي بلائه وحكمه, ونستسلم لأمره. وخير ما يفعل المسلم الصادق أمام كل ابتلاء الوقوف موقف الصبر والاحتساب بما قضي الله- تعالي- فإن الصبر كما قال بعض العلماء ملاك الإيمان, وزينة الإنسان, وهو مقام عظيم من مقامات الدين.