اعلموا أن علاج القلب في غلق الأبواب أمام الشيطان وسد الثغرات التي ينفذ منها إلي القلب, تكون بتطهير القلب من الصفات المذمومة التي تتربع فيه, لأنه إن وجدت الصفات السيئة كالغيبة والكذب والنميمة والكبر وغيره الكثير, كان للشيطان علي القلب اجتيازات وخطرات, والذي يمنع أن يجتاز القلب ويكون له استقرار هو ذكر الله تعالي , لأن حقيقة الذكر لا تتمكن من القلب إلا بعد عمارة القلب بالتقوي وتطهيره من الصفات المذمومة, وإلا فسيكون الذكر عبارة عن حديث نفس يجري علي اللسان, ولا سلطان له علي القلب وبالتالي لا يدفع وساوس الشيطان. ولذلك قال تعالي( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون), والله سبحانه خصص بذلك المتقي لأن قلوب المتقين خالية من الهوي والصفات المذمومة, فإن طرقها الشيطان في وقت ما, يكون ذلك نتيجة غفلتها في بعض الأوقات عن ذكر الله, وليس نتيجة شهوات. فإن عاد المتقي إلي ذكر الله تعالي خنس الشيطان, ودليل ذلك قوله تعالي( فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم), وإياك أن تطمع أن يندفع الشيطان عنك بمجرد الذكر, فهذا محال فكيف ينفع الدواء والمعدة مشغولة بغليظ الأطعمة. وما العمل ؟ لابد أن تخلي القلب من الشهوات حتي يكون للذكر تأثير عليه, فمن ساعد الشيطان بعمله فهو مواليه حتي وإن ذكر الله بلسانه, كما قال تعالي ( كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلي عذاب السعير). وإذا سألتني كيف ذلك وقد ورد في الحديث أن الذكر يطرد الشيطان, أقول لك تأملي معي أن منتهي ذكرك وعبادتك هي الصلاة, فراقبي قلبك وانتي في الصلاة كيف يجذبك الشيطان إلي الأسواق وإلي حساب ما عليك من ديون وما سوف تحصلين عليه من مكاسب, وكيف يمر بك في أودية الدنيا ومهالكها.... حتي إنك تذكرين كل ما نسيتيه من فضول الدنيا في صلاتك, ولا يزدحم الشيطان علي قلبك إلا إذا صليتي ويذكرك بكل أمور دنيتك, والصلاة محك القلوب وهي لا تقبل من القلوب المشحونة بشهوات الدنيا. وإذا أردت الخلاص من الشيطان فماذا أفعل؟ احتمي بتقوي الله عز وجل ثم أعقبيها بدواء الذكر.... عندها سيفر منك الشيطان. ولذلك قيل: اتق الله ولا تسب الشيطان في العلانية وأنت صديقه في السر مطيع له. فاحذروا من أن يجول الشيطان علي قلوبكم وأنتم في غفلة عن ذكر الله, وقد فقدتم شروط الذكر والدعاء حتي تكونوا مع الله; وقد قيل ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا وقد قال تعالي( ادعوني أستجب لكم). أتدرون لماذا لا يستجاب لنا, هذا ما ستعرفوه في العدد المقبل إن شاء الله تعالي.