لا أحد هناك تجربة جديدة في رحلة أحمد مجدي الفنية التي انتقل بها من عالم التمثيل للوقوف خلف الكاميرا كمخرج, ورغم مشاركة الفيلم في الدورة40 لمهرجان القاهرة السينمائي, والاستعداد لعرضه خلال الفترة المقبلة, فإن الجمهور الذي حضر عرض الفيلم انقسم حوله لكونه يغرد خارج سرب الأفلام السينمائية المعتادة, ليشكل نمطا مختلفا من خلال تجربة سينمائية تنتمي إلي نوعية الأفلام التجريدية, إضافة إلي أن كل أبطاله وجوه جديدة, وكذلك إضاءة الفيلم والديكور الذي ينتمي إلي حقبة التسعينيات وبداية الألفية الجديدة; حيث يدور الفيلم حول رحلة بحث أحد الشباب عن أموال يساعد بها فتاة لا يعرفها لإجراء عملية إجهاض, إلا أنه يتورط في النهاية مع مجموعة من الشباب يودون كشف سر الزرافة المخبأة في حديقة الحيوان, وإلي جانب سيطرة لغز الزرافة علي اهتمامات الناس, إلا أن مجدي اختارها لأسباب إضافية منها كونها لا تشبه أي حيوان فلها مميزات جسدية استثنائية وليس لها صوت كباقي الحيوانات وبالتالي ترمز لهذا الجيل الذي كتم صوته, كما أن وجودها في الشارع يعطي إحساسا بالغرابة المشابهة لأجواء الفيلم. وفي هذا الحوار يكشف مجدي لالأهرام المسائي عن كواليس تجربته الجديدة والصعوبات التي واجهته, وكذلك تفسيره لعدم الاستعانة بآراء والده أو أحد من أصدقائه الأمر الذي دفع البعض لاتهامه بالغرور:- في البداية كيف جاءتك فكرة العمل؟ الفكرة الأساسية استلهمتها من خلال حكاية من إنسانة مرت بيوم عصيب جدا وقاس بسبب أن إحدي صديقاتها ستجري عملية إجهاض وسجلتها في ورقة, ثم بعد سنوات تضافرت كل الهموم التي تشغلني سواء قصة الزرافة التي توشك علي النفوق ونشرت أخبارها في وسائل الإعلام, وحالة التيه التي يعيشها بعض الشباب. لكن ما السبب في اختيار أبطال جميعهم من الوجوه الجديدة؟ جاء ذلك من خلال جلسات تجارب الأداء كاستينج ووجدت أن لهم تجارب قليلة في أعمال فنية سابقة ولديهم الموهبة والاستعداد في المشاركة في العمل وشعرت أن كل واحد فيهم سيخدم قصة الفيلم الأساسية وهم سلمي حسن وشذي محرم وهايدي قوسة ورشا مجدي وأسامة جاويش ومحمد البديوي, والحقيقة أنني كنت أبحث عن شخص يمثلني في العمل لذا وقع اختياري علي عمر حسني المحرك الأساسي للأحداث, وجميعهم بالنسبة لي اكتشاف وميلاد نجوم في المستقبل. عن أي حقبة زمنية يعبر الفيلم؟ كنت أتطلع لتقديم فيلم تجريدي أي أتحرر من الزمان والمكان, فلا أقول إن هذه مدينتي ولكنها أي بلدة قاسية في هذا العالم, ولم أعبر عن الزمان كي لا أربط الظرف السياسي, كما أن هذا هو حال الشباب في أي بقعة علي الأرض يشعرون بالوحدة والغربة وكيف يواجهون مخاوفهم فهي مسألة وجودية وشاعرية, كما أني أحب الابتعاد عن الخلفية السياسية في العمل وأريد أن أقترب من الشخوص التي تظهر علي الشاشة. وقد رغبت أن أعطي الفيلم روح أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة وظهر ذلك من خلال سيارة البطل ومركز الكمبيوتر والهواتف المحمولة والإضاءة المستخدمة في التصوير, كما كنت أسعي إلي ظهور كل شخص علي طبيعته بدون ماكياج أو تجميل, فهذه وجوه حقيقية نقابلها في حياتنا اليومية وهو ما دفعني لمنحهم مساحة التمثيل بحرية دون توجهات كثيرة مني. المتابع للفيلم يجد أن مساحة الحوار كانت قليلة بين أبطال العمل لماذا؟ لأنني مؤمن بأن السينما صورة ولقطات كي تكون رؤيتك كمشاهد للعمل, وهذا ما حرصت عليه أن أنقل مشاعر كل بطل داخل الأحداث من خلال تعبيرات الوجه وأماكن التصوير لذا ستجد أن هناك أبطالا لم يتحدثوا سوي3 أو4 جمل فقط. وما علاقة الزرافة وفكرة ولادتها دون أن يكون هناك ذكر بالعمل؟ قصة الزرافة كانت فكرة منفصلة في عقلي حينما كنت أحضر لفيلم قصير قبل10 سنوات, وحينما فكرت في تنفيذ العمل حاولت أن أربط بينها وبين قصة العمل الرئيسية, فوجدت أن الزرافة مرآة لشخصيات الفيلم, ولا يوجد سبب منطقي لولادة الزرافة رغم موت الذكر, لكن حاولت أن أشرح أنه من وسط كل شيء قبيح حولنا يمكن أن تحدث المعجزة. الفيلم يمزج بين الخيال والواقع فتاة تستيقظ لتجد نفسها حاملا وأنثي الزرافة تلد بدون تزاوج؟ الزرافة هي رمز شاعري بأنه من الممكن أن تحدث المعجزة, وأنه وسط كل القبح المحيط بنا من الممكن تحدث أشياء خارجة عن الأمور الطبيعية, واعتدنا علي أن العمل الفني يطرح أسئلة ويجيب عليها ولكني قصدت أن أثير حواس المتفرج بطرح الأسئلة دون أن أضع إجابات وهو الذي يجيب عليها وهذه هي قيمة السينما فحن لسنا في اختبار, فمن الممكن ألا يتفاعل المشاهد مع الفيلم عند مشاهدته الأولي وقد يحدث ذلك بعد فترة فيؤثر بداخله العمل, كما أن الفيلم يعبر عن الوقت الصعب الذي يمر به الشباب حاليا وهو أنه في ظل الظروف الصعبة هناك نقطة مضيئة وهي أن أبطال العمل لم يتخل أحد فيهم عن الآخر وكل شخص فيهم ساند الآخر حتي يخرج من محنته. لماذا استغرق العمل كل هذه التحضيرات؟ لأنه مر بمراحل كثيرة بداية من توفير الدعم المالي ثم الفكرة وتعديلها لأكثر من12 نسخة واختيار الأبطال والتصوير ومنها إلي المونتاج وبين كل مرحلة والأخري كان الفيلم يتعطل لسبب ما حتي يخرج بالشكل الذي وصلنا إليه وبشكل مغاير تماما عن التحضير الأول له. الكل يسأل ما الرسالة التي ترغب في توصيلها من العمل؟ مخرجي المفضل فنسينت جالو وأول فيلم أخرجه تم عرضه في مهرجان كان ثم بعد ذلك قدم تجربتين لم يحققا نفس السطوع رغم أنهما أفضل من تجربته الأولي, وهدفي أن أقدم تجربة تكون ملهمة لآخرين كي يتشجعوا ويأخذوا خطوات إيجابية في حياتهم وتترك أثرا جماليا عند المشاهد. لماذا لم تقم بدور البطولة أيضا؟ لأن لدي تشبعا من التمثيل وكنت أريد أن أقدم نفسي كمخرج ومتشوق للوقوف وراء الكاميرا وتوجيه الأبطال والكادر السينمائي وأصفي ذهني وأقدم عملا أشعر به ومقتنع به ومن الممكن ألا يتم الاحتفاء بهذه التجربة حاليا, ولكن ما كان يشغلني صور حلوة وحقيقية وصادقة. ما التحديات التي واجهتها في العمل؟ كانت أكبر التحديات هو الحادث الذي تعرض له بطل العمل عمرو حسني في بداية الفيلم, ومشاهد المستشفي, كما أن عمرو مجايفر مصمم مشاهد المطاردات هو الذي صور مشهد الحادث وقدم خصما كبيرا لنا مقابل عمله, كما أن الزرافة صممها أحمد عبد الفتاح وظهرت وكأنها حقيقية تماما, وكذلك الجرافيك الخاص بها, ومن أكثر المشاهد المحببة لقلبي وأصعبها مشهد ليلي وأحمد في المطبخ; حيث استغرق تصويره وقتا طويلا وكذلك مشهد الحديقة في بداية العمل. هل الإخراج سيأخذك من التمثيل؟ بالتأكيد لا لأنني أحب التمثيل أيضا فضلا عن أن الإخراج استثمار طويل المدي والكتابة تحتاج إلي وقت طويل وكذلك تنفيذ العمل ولا أستطيع أن أفعل هذا. البعض اتهمك بالغرور لتصريحك بعدم استفادتك من آراء أصدقائك وكذلك والدك الذي يتمتع بخبرة طويلة.. ما تعليقك؟ أعترف بأنني بالغت في هذا الأمر ولكن كان علي أن أقول هذا كدفاع عن تجربتي وكان هدفي ألا يراني الجمهور في صورة مشابهة لوالدي وأنني أعبر عن تجربتي التي لم أخضع فيها لتوجيهات أو إرشادات من أحد ولكن كانت هناك اقتراحات من كثيرين أضافت لي خلال تصوير العمل. ماذا عن أعمالك الجديدة؟ هناك فيلم سأخرجه يحمل اسم الغراب, ولكن لم أنته من كتابته, وسيكون هذا الفيلم أصعب من لا أحد هناك بكثير, كما كنت سأشارك في مسلسل بموسم دراما رمضان مع الفنان الكبير يحيي الفخراني ولكن تم تأجيله وحاليا بدأت في كتابة مسلسل يحمل اسم القاهرة ويشاركني في الكتابة عصام إسماعيل ومحمد لطفي والمسلسل يتحدث عن المستقبل المظلم.