إذا كنت بعيدا عن الله فلا ترجع إليه وأنت مجبر, بل أرجع إلي الله الذي تحبه بقدر ما أنعم عليك من النعم, وأسبغ عليك من واسع فضله وإحسانه, حتي إنك لن تستطيع أن توفي نعمة واحدة من نعم الله عليك, كما قال سبحانه( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها), فإذا شعرت وأدركت فضل الله تعالي عليك, عندها لن ترتكب سيئة واحدة بل ستكون أفعالك حسنات وتقرب لله, فعندئذ يصلح الله حالك ويتغمدك برحمته فتشعر بالقرب منه وتتحقق سعادتك, بل قم بإجلال الله تبارك وتعالي في نفسك فلا تعصه وهو يسمعك ويراك حيثما كنت, لأنك إذا رأيت الله بقلبك فلن تطاوعك نفسك علي معصيته( فالمحب لمن يحب مطيع), وأستحضر نعم الله التي أغدق عليك بها, وتذكر دائما أن الكريم لا يقابل أبدا بالإساءة ممن أحسن إليه, فليمنعك إحسان الله ونعمه عليك عن معصيته حياء منه, ثم اصرف فكرك إلي عجائب الله وآياته التي سخرها لك, عندها ستجد معك قوتين واحدة تأخذك بقوة إلي أعلي والأخري تأخذك إلي أسفل, وأنت وحدك من يختار طريقه فلا ترتكب المعاصي ثم تسخط ولا ترضي بما قسمه الله لك, وكيف لا ترضي عن أفعال الله وأنت الذي قدمت, يقول سبحانه( إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم) اطلب الآخرة حتي تشعر بالسعادة ولا تطلب دنيا زائلة, فالسعادة في طريق الله وهو الطريق الموصل إلي الجنة, فكن صاحب عقل فالمؤمن كيس فطن يستحضر دائما نعم ربنا الكثيرة ويرضي عن أفعال الله حتي يرضي الله عنه, وتذكر الآن إذا ساومتك نفسك لتنام عن طاعة الله, فلا تنس همة مؤمن مثلك عابد لله, راض بما قسمه الله, سخر حياته حبا له سبحانه, فقد كان هناك رجل أقرع الرأس, أبرص البدن, أعمي العينين, مشلول القدمين واليدين, وكان دائما يقول: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلي به كثير من خلقه وفضلني تفضيلا, فمر به رجل فسمعه فقال له مما عفاك؟ أعمي وأبرص وأقرع ومشلول, فمم عافاك؟ فقال له ويحك يا رجل, لقد جعل الله لي لسانا ذاكرا وقلبا خاشعا وبدنا علي البلاء صابرا. وانظروا كم نحن في صحة وعافية ومازلنا نعصيه ولا نحمده ولا نوفيه.. عجبت لك يا إنسان ألا ترضي عن أفعال الرحمن.. وذكر فإن الذكري تنفع المؤمنين.