كثيرا ما لا يتضح للبشر طبيعة الذكاء الاصطناعي الذي يتحكم بأجزاء كبيرة من حياتهم, فمع تطور تقنياته أصبح يزداد الاعتماد عليه من قبل صناع القرار ومحللي السياسات, خاصة وهم يحاولون اتخاذ قرارات فعالة في الوقت المناسب في عالم غني بالبيانات; فمن الممكن أن يصبح الذكاء الاصطناعي أداة مدمرة للبشرية في حال تمكينه من اتخاذ قرارات مهمة وبالأخص في المجالات العسكرية وابتكار أسلحة ذاتية يمكنها التعامل مع مختلف التهديدات المحتملة; وهو ما يبلور احتمالية نشوب حرب باردة ثانية, خلال السنوات القادمة. وفي ضوء ذلك سوف يتم التحدث حول أسلحة الذكاء الاصطناعي, وسباق التسلح بها, فضلا عن عرض لمحة مستقبلية حول هذه التقنية. أسلحة الذكاء الاصطناعي: مع التطور النوعي في العلاقات العسكرية التي تحكم الدول في العالم, ظهر نوع جديد من الأسلحة التي يمكن من خلالها الاستغناء عن العنصر البشري في المعارك العسكرية, وهي أسلحة الذكاء الاصطناعي, وتشمل هذه الأسلحة آلات ومنظومات تكنولوجية مصنوعة, مزودة بأجهزة استشعار تسمح لها بإدراك الظرف, وبواسطة المعالجة أو الذكاء الاصطناعي تقرير الاستجابة لحافز معين, والشروع في تنفيذ القرارات, وقد يمثل هذا النوع من الأسلحة خطرا كبيرا عن الأسلحة التقليدية الخاضعة للبشر, حيث إن أسلحة الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلي استخدام تعديلات واختراقات يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت مما يحول هذه الأسلحة إلي ماكينات قتل قادرة علي إحداث ممارسات أسوأ بكثير من الأسلحة الكيميائية, والبيولوجية, خاصة أنها غير خاضعة للبشر. سباق عسكرة الذكاء الاصطناعي: يختلف سباق الذكاء الاصطناعي الذي تخوضه روسياوأمريكاوالصين عن أي سباق تسلح سابق, وفي ضوء ذلك سوف نوضح التوجه العسكري لهذه الدول باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي, وذلك علي النحو التالي: التوجه الأمريكي نحو عسكرة الذكاء الاصطناعي: حيث تزداد القناعة لدي الجيش الأمريكي بإمكان استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحديد واستهداف صورايخ العدو للتسرع في الرد علي الصواريخ القادرة علي حمل رءوس نووية, وتمول مشروعات بحثية- بعضها سري- لاستخدام الذكاء الاصطناعي لدعم الدفاعات الأمريكية, وتعمل هذه التقنية بهذا الشكل علي سبيل المثال: تخرج دولة ما صورايخ من مخابئ تحت الأرض- يمشط الذكاء الاصطناعي البيانات ويتعقب نشاط الصواريخ, ثم يقوم بتحديد إذا كانت هناك مزية من المعلومات عن نشاط ما قبل الإطلاق, ثم يرسل تنبيها بشكل آلي للمحللين الأمريكيين, وبناء عليه يتم تحديد مع ضرورة التدخل العسكري. كما تمتلك أمريكا طائرةX-47B بدون طيار, وهي تمثل شريحة تكنولوجية عالية في نظم الطائرات بدون طيار, وحسب الUSNI, فقد يبدأ الروبوت في الظهور مع الطائرات بدلا من الطيار البشري لكي يساعد في تنفيذ البيانات والمهام الحساسة بالإضافة إلي الهبوط بشكل مستقل بالطائرة علي متن حاملات الطائرات. وقامت وزارة الدفاع الأمريكية بتوقيع عقد شراكة مع شركة جوجل, لعسكرة الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم الآلي, بهدف تسريع عملية استخدام البيانات الكبيرة والتعلم الآلي معا خلال حالات القتال وتسريع عملية تحليل البيانات. التوجه الصيني نحو عسكرة الذكاء الاصطناعي: لم تعد الصين أقل من الولاياتالمتحدة في مجال الذكاء الصناعي, بل أصبحت تنافس بقوة, ولديها القدرة في التفوق عليها; وقد تشمل الابتكارات الصينية خمسة أسلحة لافتة للنظر تعتمد علي الذكاء الاصطناعي, وهما: المدفع الكهرومغناطيسي: يستخدم المدفع طاقة كهرومغناطيسية قوية لإطلاق القذائف علي بعد100 ميل بحري115 ميلا أسرع7 مرات من سرعة الصوت. السفن الحربية فائقة التكنولوجيا: مصممة لتكون مضادة للطائرات, والصواريخ, والسفن والغواصات, ومن المتوقع أن تلعب دورا أساسيا في تشكيلات معركة حاملات الطائرات الصينية في المستقبل. الطائرات المقاتلة: طائرة تشنجدو جي20, وهي أول طائرة شبح محلية الصنع يطلق عليها اسم النسر الأسود دخلت الخدمة القتالية, لتكسر احتكار الولاياتالمتحدة وحلفائها في منطقة آسيا المحيط الهادي للمقاتلات الشبح. المركبة المنزلقة فائقة السرعة الأسرع من الصوت: وتدعي دي إف17 هذا السلاح متوسط المدي عن الصواريخ الباليستية العادية بقدرته علي الانزلاق إلي الأرض علي مسار مراوغ وأكثر بطئا لمراوغة رادار أنظمة الدفاع الصاروخية الأمريكية المدعمة بالرادار. رفع مستوي الغواصات النووية للبلاد باستخدام الذكاء الاصطناعي, وهو ما يشير إلي الجهود المبذولة للاستفادة من الاستخدامات العسكرية للذكاء الاصطناعي. التوجه الروسي نحو عسكرة الذكاء الاصطناعي: تعد روسيا منافسا قويا في هذا المجال, فقد تمتلك روسيا منصة روبوتية مدرعة متحركة تحمل الاسمURP-01G تستطيع حمل ما يصل إلي2 طن من الأجهزة والأسلحة, وسرعتها القصوي تصل إلي40 كيلو مترا- ساعة, كما تستطيع أن تتحول إلي وحدة حرب راديوية إلكترونية مجهزة بالاتصالات اللازمة, وهناك خطط لتحويلها إلي نظام تحكم ذاتي بقدرات الذكاء الاصطناعي, أي أنها ستكون قادرة علي تحديد أهدافها بطريقة مستقلة. كما قام مصنع سلاح الكلاشينكوف الروسي بالإعلان عن تنمية سلاح يدعي سوراتنيك وهو سلاح مستقل يشبه الإنسان الآلي ومزود بشبكة من الخلايا العصبية, وقادر علي كشف الهدف وتحديده دون سيطرة الإنسان, وله الحرية في اختيار القضاء علي الهدف, كما ذكر أن هذا الجهاز بإمكانه التحكم في ترسانة كاملة مكونة من صواريخ مضادة للطائرات والرشاشات والمدافع; فضلا عن, تركيزها علي تصنيع أسلحة مدعمة بتقنيات الذكاء الاصطناعي, وتخطط بأن تصبح نسبة30% من جيشها وقوتها العسكرية تعمل آليا خلال العقد القادم. نظرة مستقبلية حول عسكرة الذكاء الاصطناعي: هناك تخوف حول انقلاب هذه الآلات يوما ما علي صانعها, وتحمل السلاح ضده وهذا وارد, حيث إن هذه الروبوتات تبقي آلات مبرمجة ويمكن لأي قوة أن تؤثر عليها, كما يمكن لهذه الآلات نظرا لقدرتها علي التطوير الذاتي بالاشتراك مع الروبوت التي أصبحت تحصل علي جنسيات- مثل:صوفيا- وترغب في حق المعيشة كالبشر, تشن حربا علي البشر للقضاء عليهم, نظرا لرؤيتها بأنها لها حق الحياة مثل الإنسان; فمن الممكن أن تكون هذه النظرية أقرب إلي الخيال, ولكن هل كنا نصدق يوما أن الحروب تقوم بالآلات من دون تدخل الإنسان. علي ذلك, لابد من الأخذ في الاعتبار مدي خطورة هذا التقدم التكنولوجي, الذي تكون عواقبه نشوب حرب بين آلات من صنع البشر مع البشر أنفسهم, تؤدي في النهاية إلي تدمير العالم.