يأتي معرض جماعة اللقطة الواحدة في نسخته الثالثة والثلاثين حافلا بالعديد من التساؤلات المهمة حول ما يقدمه من أعمال فنية تتناول إشكالية الهوية, ذلك أن ما يستوقفك بشأن جرأة مضمونها, وتطور أسلوبها الفني, و نضج رؤيتها يدعوك إلي التساؤل أمام اللوحات التي يضمها المعرض ما إذا كانت تجربتها هذه المرة هي محاولة عصرية لإعادة البحث في جذور الهوية المصرية أم أنها محاولة للاستقواء بهذه الجذور القوية في مرحلة جديدة تعمل علي انتعاش الإبداع المصري ؟! بعد أن تجولنا علي مدي سنوات طويلة مع اللقطاويون عبر أعمالهم الفنية في شوارع المحروسة وحاراتها ودكاكينها وجلسنا علي المقاهي, وانتقلنا إلي ريفها وسواحلها, وزرنا أهلها الطيبين في بيوتهم, وأماكن عملهم المختلفة عبر لقطة واحدة يتم اختيارها في كل معرض ليلتزم بها الجميع ويجسدونها بحسب رؤية كل منهم الخاصة, نواصل في هذا المعرض أيضا التواصل مع تيمة أساسية يقدمون لها من خلالها تجربة يتضافر فيها المعاصرة مع الموروث, حيث يطل علينا من جميع الأعمال بسمو وشموخ أنوبيس..إله الموت والتحنيط عند قدماء المصريين قادما إلينا من الحضارة المصرية القديمة, وهو اختيار لم يكن مصادفة, إنما جاء بحسب دكتور د. عبد العزيز الجندي المشرف علي مجموعة فناني اللقطة الواحدة والأستاذ بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان بعد دراسة قام بها اللقطاويون في الكتب والمتحف المصري, حتي وقع الاختيار علي أنوبيس الذي وجدناه قابعا علي تابوت بالمتحف, فجذبنا إليه بكل غموضه وهيبته وأسراره, وقررنا أن يتناوله اللقطاويون كل برؤيته وأسلوبه الخاص. لكن يبقي السؤال لماذا كان هذا الاختيار ذا الطابع الجديد المختلف إلي حد بعيد عن اختيارات مجموعة اللقطة الواحدة في معارضها السابقة؟ ما الذي وجدوه في أنوبيس كي يكون هو التيمة المركزية للوحاتهم ؟ هل تلاقي مع الموروث المصري الكامن في أعماقهم أم أنه تماهي مع الاحتياج العصري الملح للتحريض علي الإبداع وقوة الوجود باعتبار أن أنوبيس هو رمز لحارس طاقة الحياة في الضمير الجمعي للمصريين, وهل هناك حياة بلا إبداع, وهل هناك مفهوم أكثر تعبيرا عن الإبداع من كلمة الحياة بمعناها الواسع الفلسفي ؟! ربما من هنا كان اختيارهم لإله الموت والتحنيط الذي كان يرتبط عند المصري القديم باستمرار طاقة الوجود. ولأن الاختيار جاء مختلفا للغاية في هذا المعرض المستمر بقاعة إبداع حتي19 يوليو المقبل متضمنا88 عملا قام بتنفيذها42 فنانا, فإن مما يستوقفك أيضا هو تطور تجربتهم علي مستوي المضمون و الأسلوب علي السواء, حيث نلتقي هنا بموضوع رمزي مفاهيمي لا واقعي أو وصفي مثلما تعودنا منهم في معارضهم السابقة, بالإضافة إلي التنوع الواضح في الخامات والألوان التي جاءت محملة بالترقب والأمل والتفاؤل, في اتساق مع ما يحمله موضوع اللوحات من تحريض علي الحضور والحياة والإبداع.