تصور رجلا يجري في عزالحر أو قسوة البرد.. علي أرض جافة وأحيانا موحلة.. يراقب تحركات وتصرفات(22) لاعبا في مساحة تتراوح بين(6 أو7 آلاف مترمربعا) علي مدي ساعة ونصف الساعة وربما تمتد لساعتين.. وعليه أن يصدر عشرات القرارات كل منها في جزء من الثانية.. أتكون مهمته سهلة وعمله مريحا؟ أم مشقة وتعب وإرهاق؟ هذه هي مهمة حكام كرة القدم التي تزداد صعوبتها كلما ارتفعت حرارة المنافسات واتسعت قوتها وأهميتها وحساسيتها مع وجود جماهير وأنصار وفي ظل حصار من الكاميرات يتبعه دائما عتاب النقاد ولوم المحللين. وفي كل البطولات الكبري دائما ما يتكرر مشهد الغضب من هذا الحكم أو ذاك أيا كانت لغته ولونه وجنسيته.. وما من فريق يفقد لقبا أو يخسر مباراة إلا ويعلق فشله علي أخطاء الحكام بل وهناك من يتمادي ويتهمهم بالظلم والانحياز وترجيح كفة فريق علي آخر لدرجة وصلت إلي حد لم يعد يتحمله قضاة الملاعب.. ولم يجد الاتحاد الدولي لكرة القدم( فيفا) معه حلا إلا باستخدام التكنولوجيا لفض هذا الاشتباك وإنهاء حالة السخط والغضب التي دامت عقودا ضد أصحاب الصافرات والرايات وبدأ التفكير والدراسة في استخدام تكنولوجيا التصوير والاستفادة من الكاميرات الموضوعة في كل زوايا الملعب قبل ما يقرب من ثماني سنوات وبالتحديد في أثناء كأس العالم بجنوب إفريقيا عام(2010) بعد أن تسبب خطأ تحكيمي في إقصاء منتخب إنجلترا أمام ألمانيا في طور ال16 عندما تخطت تسديدة من فرانك لامبارد خط مرمي حارس ألمانيا مانويل نوير بوضوح معلنة عن هدف رآه الجميع باستثناء حكم اللقاء الأوروجواياني جورج لاريوندا ورغم أن المباراة في نهايتها أسفرت عن فوز الألمان(1/4).. إلا أن الجميع اتهم الحكم بالتسبب في هزيمة الإنجليز لأن الهدف كان سيؤدي إلي التعادل(2/2) لو تم احتسابه كما الجانب النفسي للإنجليز تأثر بعدم احتساب الهدف مما أدي إلي تعرضهم لهدفين إضافيين ومن وقتها والاتحاد الدولي يفكر في ضرورة استخدام التكنولوجيا في كأس العالم لمنع وقوع أخطاء تعكر صفو هذا الحدث. وفي النسخة التالية عام2014 بالبرازيل أدخلت بالفعل تكنولوجيا خط المرمي لمنع تكرار مثل هذه الحالات التي قد تضيع مجهود سنوات من التحضير والتدريب لمنتخب ما. وأخيرا وبعد8 أعوام من كارثة لامبارد, أعلن( فيفا) أخيرا أن حكام كأس العالم التي تجري في روسيا14 يونيو المقبل سيكون بوسعهم اللجوء إلي الإعادات التيلفزيونية للتأكد من قراراتهم في الحالات التحكيمية المثيرة للجدل أو التي ستكون محل خلاف وهذا ما أعلنه فيليب لو فلوش رئيس القسم التجاري في الفيفا وقال إن المونديال المقبل سيكون أول نسخة لكأس العالم تطبق فيها هذه التكنولوجيا وسيطلق عليها( حكم الفيديو المساعد) ووصف استخدام تقنية الفيديو بالأمر الرائع لأنه سيغلق باب الجدل في أي خطأ بشكل نهائي ويقدم للجميع كأس عالم بلا أخطاء تحكيمية قد تؤثر في نتائج مباريات وتغير مسار بطولة. في الوقت ذاته شدد الفيفا علي الحكام المختارين لإدارة مباريات المونديال بضرورة التعامل مع المباريات وكأن( حكم الفيديو المساعد) غير موجود لأن استخدامه سيكون في الحالات المثيرة للجدل ومن غير المقبول أن يعتمد حكم الساحة ومساعدوه علي التكنولوجيا بشكل كامل.