انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كبير من السيدات على اللجان بالإسكندرية    انتخابات النواب 2025.. غرفة عمليات تنسيقية شباب الأحزاب تواصل انعقادها لمتابعة توافد الناخبين    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    فتح لجان دائرة الدقي والعجوزة للتصويت في المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب 2025    فتح باب اللجان لاستقبال الناخبين في الإسكندرية.. واقبال في الساعات الأولى (صور)    الاثنين 10 نوفمبر 2025.. البورصة تواصل الارتفاع فى بداية تعاملات اليوم    الري: خطة لإزالة التعديات على فرع رشيد ضمن المشروع القومي لضبط النيل    10 نوفمبر 2025.. الدولا يواصل التراجع أمام الجنيه فى بالبنوك المحلية    الاحتلال يسلم 15 جثمانا لشهداء من قطاع غزة    الأهلى يخطر جهاز المنتخب بإصابة تريزيجيه    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    بشير التابعي: رفض زيزو لمصافحة هشام نصر لم يأت من فراغ    انتخابات مجلس النواب 2025| توافد الناخبين للإدلاء بأصواتهم أمام اللجان في الوراق| صور    التعليم: تغيير موعد امتحانات شهر نوفمبر في 13 محافظة بسبب انتخابات مجلس النواب    غرق سفينة صيد أمام شاطئ بورسعيد.. وإنقاذ اثنين وجار البحث عن آخرين    نورة عصام ابنة جامعة القناة تحصد 3 برونزيات في دورة ألعاب التضامن الإسلامي    هالاند يحكم سيطرته، ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي بعد الجولة ال11    تحرير 1248 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    الداخلية تكشف حقيقة التعدي على شخص وتحطيم سيارته    الليلة، "واحد من الناس" يستعيد ذكريات زكي رستم وشكوكو وسيد زيان    زيلينسكي: الملك تشارلز لعب دورا في تشجيع ترامب على دعم أوكرانيا    الرئيس الأمريكي يصدر عفوا عن عشرات المتهمين بالتدخل في انتخابات 2020    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المالي    وزارة الشؤون النيابية تحذرك: هذه الأخطاء تبطل صوتك فى انتخابات النواب 2025    اعرف الأسعار فى أسواق الخضار والفاكهة اليوم الإثنين 10-11-2025 فى المنوفية    زيادة عالمية جديدة.. سعر الذهب اليوم الاثنين 10-11-2025 وعيار 21 الآن في محال الصاغة    حالة الطقس.. منخفض جوي بارد يؤثر على البلاد اعتبارا من الخميس المقبل    عاجل- بدء سداد رسوم حج القرعة لموسم 2026 بالبنوك الوطنية ومكاتب البريد    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    في ذكرى رحيل معالي زايد.. رحلتها من الفن التشكيلي إلى عالم السينما    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    مازن المتجول: أجزاء فيلم «ولاد رزق» مثل أبنائي.. ولا يوجد تأكيد لجزء رابع    بعد 40 يوما .. مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب    هاني رمزي: تجاهل زيزو لمصافحة نائب رئيس نادي الزمالك «لقطة ملهاش لازمة»    نقل محمد صبحي للعناية المركزة بعد إغماء مفاجئ.. والفنان يستعيد وعيه تدريجيًا    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    تقرير - هل يتراجع المد اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين في هولندا بخسائر فيلدرز؟    «الثروة الحيوانية»: انتشار الحمى القلاعية شائعة ولا داعٍ للقلق (فيديو)    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    وزير المالية: نسعى لتنفيذ صفقة حكوميه للتخارج قبل نهاية العام    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أردوغان .. وغرام السلطة

قبل عام ونصف العام من الموعد المقرر, أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان, تنظيم انتخابات مبكر; رئاسية وتشريعية, في تركيا في24 يونيو المقبل.. وتعتبر هذه الانتخابات حاسمة ومفصلية في تاريخ تركيا, حيث من المقرر بعدها البدء بمنح رئيس الدولة مزيدا من السلطات بحسب استفتاء أبريل2017, الذي يتيح لأردوغان الترشح لولايتين رئاسيتين أخريين من خمس سنوات.
إذن هي قصة غرام طويلة بالسلطة المطلقة, بدأت قبل15 عاما برئاسة الحكومة, ولا تزال فصولها متوالية داخل القصر الرئاسي علي وقع أزمات تضع تركيا في موقف إقليمي صعب للغاية, مع اتساع رقعة النزاع في سوريا والوضع الاقتصادي الحساس للبلاد.
استفزاز أوروبا
طلب البرلمان الأوروبي تعليق محادثات انضمام تركيا إلي الاتحاد الأوروبي, إذا طبقت أنقرة تعديلا دستوريا أتاحه استفتاء في أبريل, يمنح الرئيس رجب طيب أردوغان صلاحيات تنفيذية واسعة النطاق, في مقابل ذلك قالت تركيا إنها رفضت مقترحات بالتخلي عن مساعيها للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي في مقابل تعزيز التعاون في مجالات أخري.
وينتقد الأوروبيون أردوغان والإجراءات التي اتخذها حيال خصومه قبل وبعد محاولة الانقلاب الأخيرة, لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون تقويض اتفاق توصلوا إليه مع الأتراك العام الماضي أثبت فعالية في وقف تدفق المهاجرين علي اليونان مما أسهم في التخفيف من حدة أزمة هددت وحدة الاتحاد الأوروبي.
ورأت المفوضية الأوروبية في تقرير يقيم حالة محادثات الانضمام المتوقفة إلي حد كبير بين التكتل وتركيا, أن حالة الطوارئ المستمرة في البلاد تمثل قلقا خطيرا.
وقال التقرير: إن النطاق الواسع والطبيعة الجماعية, وعدم تناسب الإجراءات المطبقة منذ محاولة الانقلاب في ظل حالة الطوارئ, مثل عمليات الإقالة علي نطاق واسع والاعتقال والاحتجاز, لا تزال تثير مخاوف جدية, كما حذرت المفوضية من أن المراسيم ال31 الصادرة في ظل حالة الطوارئ بها عيوب خطيرة, مضيفة أن التراجع الخطير بشأن حرية التعبير مستمر, الأمر الذي من شأنه أن يقمع الأصوات المعارضة, وعبرت المفوضية الأوروبية عن انتقادات شديدة اللهجة لسياسة حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ الذي يرأسه أردوغان.
وركزت المفوضية في تقريرها بشكل خاص علي ما اعتبرته ترديا في أحوال دولة القانون وحرية الصحافة والرأي, وتعتبر اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا السبب وراء تراجع أعداد المهاجرين الذين وصلوا في الآونة الأخيرة لأوروبا بشكل واضح مقارنة بعام2015, وبعد تقييم التطورات في تركيا أجرت المفوضية أيضا تقييما للوضع في الدول الأخري المرشحة للانضمام للاتحاد وهي ألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو ومقدونيا ومونتينيجرو وصربيا.
السيطرة علي الجيش
عقب قرار الانتخابات المبكرة, أعلن وزير الدفاع التركي, نورالدين جانكلي, عن طرد نحو3000 شخص من الجيش بسبب علاقتهم برجل الدين المتواجد حاليا في أمريكا, فتح الله جولن, الذي يتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة, وقال جانكلي إن المراسيم التنفيذية الجديدة في ظل حالة الطوارئ ستصدر في الأيام القادمة, وتقول الحكومة التركية إنها كشفت تركيبة تضم ثلاثة آلاف شخص داخل القوات المسلحة, يأتي ذلك ضمن حملة طرد واعتقال واسعة داخل مؤسسات الدولة بعد محاولة الانقلاب.
خطوة جديدة نحو الاستبداد
فاجأ أردوغان المراقبين بالدعوة لانتخابات مبكرة بعد أسابيع من النفي لأي توجه في هذا الصدد, وينطوي الاقتراع المزدوج الرئاسي والتشريعي علي أهمية كبيرة لأنه سيدشن بدء سريان معظم الإجراءات التي تعزز سلطاته كرئيس للجمهورية والتي كان تم اعتمادها في استفتاء دستوري في أبريل2017, ونصت بالخصوص علي التخلي عن منصب رئيس الحكومة, وأتاحت تلك المراجعة الدستورية لأردوغان أن يترشح لولايتين رئاسيتين من خمس سنوات, ويبرر أردوغان هذا القرار بضرورة الانتقال سريعا, إلي النظام الرئاسي بهدف مواجهة ما يسميه تسارع التطورات في سوريا وضرورة اتخاذ قرارات مهمة سريعا بشأن الاقتصاد.
طوارئ بلا نهاية
بعد قليل من الإعلان عن قرار الانتخابات المبكرة, توالت الإجراءات, وصوت البرلمان علي تمديد جديد هو السابع علي التوالي, لحالة الطوارئ التي فرضت في خضم محاولة الانقلاب, وذلك رغم مطالبة حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري برفع حالة الطوارئ فورا.
ويأتي إعلان هذه الانتخابات وسط تعرض أنقرة لبعض تداعيات النزاع السوري حيث تقود تدخلا عسكريا في شمال سوريا تقول إنه يهدف إلي طرد الأكراد, ووسط وضع اقتصادي دقيق مع ظهور مؤشرات تدهور رغم النمو القوي المسجل حاليا, وقالت جانا جبور المحللة السياسية المتخصصة في شئون تركيا: إن القادة الأتراك يسعون إلي الاستفادة من شعور الخوف واهتزاز الأمن الذي يشعر به أغلب الأتراك لتأجيج المشاعر القومية للسكان والفوز بالانتخابات.
وكان من المقرر تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الثالث من نوفمبر2019, وتسبقها انتخابات بلدية في مارس.2019
وكان بهجلي زعيم حزب الحركة القومية السياسي التركي المحنك, أدلي بتصريحات هزت الطبقة السياسية في تركيا دعا فيها منذ أيام إلي انتخابات مبكرة في26 أغسطس.
وكان هذا السياسي70 عاما شديد النقد لسياسة أردوغان, قبل أن يفرض نفسه منذ أكثر من عام كأحد الحلفاء الأساسيين, حيث أبرم معه اتفاقا انتخابيا تمهيدا للانتخابات المقبلة.
وفي حين اشتبه المراقبون في رغبة أردوغان في تقديم الانتخابات للاستفادة من شعبية تدخله العسكري في سوريا ولتقليص مخاطر خوض الاقتراع في وضع اقتصادي متدهور, فإن قلة منهم كانوا يتوقعون أن تقدم إلي هذا التاريخ القريب جدا.
وفي هذا الصدد يري فادي هاكورا, الخبير في شئون تركيا, في القرار مؤشر ذعر وخوف إزاء مؤشرات اقتصادية مثيرة للقلق.
لعبة الصلاحيات المطلقة
- غيرت التعديلات نظام الحكم في البلاد, من برلماني إلي رئاسي, وانتهت نتيجة الاستفتاء بالموافقة علي تمرير التعديلات بنتيجة تصل إلي نحو51.5 في المائة.
- أصبح بمقدور أردوغان نظريا البقاء رئيسا للبلاد حتي عام.2029
- فور البدء بتطبيق التعديلات الدستورية اعتبارا من2019, يمكن لأردوغان تمديد البقاء في السلطة حتي عام2029 بشرط فوزه في الانتخابات الرئاسية.
- يمتلك أردوغان الآن بعد تمرير التعديلات سلطات وصلاحيات تنفيذية واسعة للغاية تشمل تعيين وإقالة الوزراء وكبار الموظفين الحكوميين.
- يستطيع الرئيس التركي إلغاء منصب رئيس الوزراء الذي يتولاه حاليا بن علي يلدريم, وتعيين نائب أو أكثر لمساعدته في إدارة السلطة التنفيذية.
- يحق للرئيس التركي التدخل في عمل القضاء من خلال تعيين4 أعضاء في المجلس الأعلي للقضاة والمدعين, وهو المجلس الذي يملك سلطة التعيينات والإقالات في السلك القضائي, فيما يملك البرلمان سلطة تعيين7 أعضاء.
- أصبحت المدة الأولية لفرض حالة الطوارئ6 أشهر, مقابل12 أسبوعا في الدستور الحالي, ويستطيع البرلمان لاحقا تمديدها بطلب من الرئيس4 أشهر كل مرة.
- حظي الرئيس بموجب التعديلات الجديد بسلطة إصدار المراسيم الرئاسية حول كل المسائل المتعلقة بسلطاته التنفيذية, ولا يمكن بالمقابل للرئيس إصدار مراسيم في مسائل بت بها القانون.
- إذا طالت اتهامات الرئيس أو حامت حوله شبهات بارتكاب جريمة, يمكن للبرلمان, وفقا للتعديلات الدستورية الجديدة, طلب فتح تحقيق بغالبية ثلاثة أخماس الأعضاء.
- التعديلات الجديدة تتيح للرئيس الانتماء لحزب سياسي, وهو ما يسمح لأردوغان بالعودة إلي حزب العدالة والتنمية, علما بأن الرئيس ملزم حاليا بالحياد إزاء الأحزاب.
خطة الهروب إلي الأمام
تبدو الانتخابات المبكرة مخرجا يفترض أردوغان أن يكون مناسبا له, وبخاصة أنه يعاني من انخفاض شعبيته, برغم محاولاته الحثيثة لإلهاء الشعب التركي وإبقائه منشغلا بصراعات داخلية وخارجية.
يحاول أردوغان تصوير نفسه بأنه المخلص, والمنقذ, والقادر علي ابتكار الحلول, أو الذي يمكنه اجتراح بدائل مفترضة, ويسرب إنذارا مبطنا من أن أي تغيير سيجلب أزمات يخشي منها علي تركيا.
حليف تابع
يبدو اقتراح رئيس حزب الحركة القومية التركي دولت باهجة لي, بتقديم موعدالانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلي26 أغسطس المقبل, بدل الموعد المقرر مسبقا في نوفمبر2019, محاولة من حليف تابع لتخليص حليفه المتبوع أردوغان من اتهامات مفترضة بالبحث عن مخارج من أزماته المستفحلة, الداخلية والخارجية, الاقتصادية والسياسية والحقوقية.
ويحرر اقتراح باهجة لي أردوغان من تبعات الدعوة المباشرة منه لإجراء انتخابات مبكرة, كي لا يقال إنه يخشي من ابتعاد الناس عنه, أو من انخفاض مستوي الدعم الشعبي الذي عمل علي تأجيجه وتحشيده له, بحيث يجد نفسه في موقف الضعيف المغلوب علي أمره, غير القادر علي مواجهةخصومه.
تحالف الإنقاذ
أشار وزير الثقافة والسياحة التركي السابق أرطغرل جوناي إلي أنه بغض النظر عن جهود حزب العدالة والتنمية الرامية إلي ضمان الفوز بأكثر من50 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية بأي ثمن, صار واضحا أن الحزب لا يستطيع تحقيق هذا منفردا, ومن ثم فقد اضطر إلي الدخول في تحالف سياسي مع حزب الحركة القومية, ويعمل الشريكان سويا من أجل تمرير قانون سيسمح بالائتلافات لكن يبدو أنهما يتخذان أيضا قرارات ستؤثر علي موعد إجراء الانتخابات علي الرغم من المتطلبات الدستورية والقانونية.
علي الصعيد الداخلي, ساهمت حملات الاعتقال التي شنتها السلطات التركية بعد محاولة الانقلاب في إثارة الاستياء بين صفوف الشعب التركي, ولا سيما أنه تم اعتقال عشرات الآلاف من المدنيين والموظفين الحكوميين, بالإضافة إلي آلاف من سلك القضاء, ومن مناصب عليا في الجيش ومؤسسات الدولة, وترافق ذلك مع كيل الاتهامات لهم بالتواطؤ علي تدبير محاولة الانقلاب, أو ربطهم برجل الدين فتح الله جولن.
وصاحب الاعتقالات المتصاعدة التي لم تتوقف في البلاد تضييق علي الحريات العامة, وتم طرد عشرات الآلاف من وظائفهم كذلك, بالإضافة إلي التسبب بدفع آلاف الأتراك إلي اللجوء إلي دول أخري, وبخاصة دول أوروبية ألمانيا استقبلت كثيرا من اللاجئين الأتراك علي خلفية الانقلاب.
كما تشهد البلاد حملات متصاعدة من تعميم الكراهية بين شرائح المجتمع التركي, وتأليب الموالين للنظام علي من يتم اتهامهم بالمشاركة في الانقلاب أو معارضة سياساته بصيغة ما, ويكون ذلك علي حساب التضييق علي التنوع, وعدم تقبل الرأي المعارض.
أتراك خونة
تم التنكيل بالأكراد مرة أخري بحجج كثيرة, وهذا ما يساهم في إبعادهم عن التصويت لأردوغان ويفقده أصوات مؤيدين منهم, كما تم التنكيل بكثير من الأتراك الذين تم وصفهم بالخونة, لأنهم أعربوا عن رفضهم لممارسات السلطات التركية, وعارضوا عمليتها العسكرية في منطقة عفرين السورية, من ذلك علي سبيل المثال اتهام أردوغان لأطباء عارضوا عملية غصن الزيتون بالخيانة.
في تغريدة له, عبر الكاتب هاوارد إيسينستات عن اعتقاده بأن الإجماع بين المراقبين الخارجيين كان لفترة طويلة علي استفادة السلطة التركية من الشعبية المفترضة التي اكتسبتها من حملتها العسكرية في عفرين, والحذر من المخاوف بشأن الأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق.
علق رئيس تحرير موقع أحوال تركية, ياوز بيدر, علي دعوة باهجة لي لانتخابات مبكرة بقوله: علي الرغم من الحديث المنتشر في تركيا, حول إجراء انتخابات مبكرة في البلاد, بسبب زيادة التوترات الاقتصادية, فإن الدعوة إلي تلك الانتخابات المبكرة جاءت من جانب غير متوقع, هذا الجانب هو حزب الحركة القومية المنتمي إلي اليمين المتطرف, والذي كان الرئيس رجب طيب أردوغان أعلنه قبل أشهر ضمن تحالف الشعب لخوض الانتخابات المقبلة, وقد وصل الأمر إلي حد أن حدد زعيم الحزب دولت باهجة لي موعدا لإجراء الانتخابات في26 أغسطس2018, والذي يتزامن هذا العام مع عيد الأضحي المبارك.
كذبة أم مناورة؟
يضيف ياوز بيدر قائلا: لماذا هذه الدعوة المفاجئة؟ في الوقت الذي ترقبت فيه الأنظار الاجتماع بين أردوغان وباهجة لي, وقال إن هناك رأيين: الأول يتحدث عن قتال صوري, وهو ما يعني أن دعوة حزب الحركة القومية انطلقت بعلم أردوغان, لكن حتي لحظة كتابة هذه السطور, لا يوجد الكثير مما يشير إلي هذا الرأي.
أما الرأي الآخر فبه قدر أكبر من المصداقية, وهو أنه كان علي باهجة لي أن يتحرك, ويجبر أردوغان علي الدخول في مناورة, بالنظر إلي أنه يري أن حزبه قد دخل في اضطرابات, حيث يغادره الكثير من الأعضاء, بينما يسعي الناخبون الذين أزعجهم بناء التحالف إلي الانضمام لأحزاب أخري, مثل الحزب الصالح المؤسس حديثا.
وإذا كان هذا هو السيناريو الحقيقي, فإن أردوغان هو من قد انجر إلي موقف صعب. فإذا أصر علي إجراء الانتخابات العام المقبل, فقد ينهار التحالف, وأردوغان بحاجة أيضا إلي وقت لتمرير قوانين توافقية أساسية, بشأن الرئاسة السوبر, عبر البرلمان, ومن شأن الانتخابات المبكرة أن تجعل ذلك صعبا جدا إن لم يكن مستحيلا.
اقتصاد متدهور
علي الجانب الاقتصادي, لم تسعف وعود أردوغان بإنقاذ الليرة التركية من التدهور المريع الذي تشهده, كما لم تسهم اتهاماته للآخرين بأنهم يستهدفون بلاده من خلال العملة الصعبة في تحشيد الناس من حوله, أو شغلهم عن سوء الأوضاع الاقتصادية الذي يعم البلاد, ويدفع كثيرا من المستثمرين إلي الفرار منها, ولم تستطع الحكومة التركية طمأنة الداخل والخارج من خلال مزاعمها بأن لديها بنية اقتصادية متينة, وأن الهشاشة الاقتصادية التي يتم نعتها بها هي بعيدة عن واقع الأمر.
كما لم تفلح الحوافز التي أطلقتها في طمأنة المستثمرين الأجانب, أو تشجيعهم علي البقاء والاستمرار في الاستثمار, علي خلاف ما كانت السلطة التركية قد توقعت وأعلنت مرارا أنها بصدد جذب مزيد من الاستثمارات وتهيئة بيئة استثمارية مناسبة.
المركب الغارق
في سوريا ذهبت وعود أردوغان أدراج الرياح, إذ تم تقييد حركة القوات التركية بعد السيطرة علي منطقة عفرين في العملية العسكرية التي شنتها, واستغرقت قرابة شهرين للتمكن من إحكام السيطرة عليها, وباتت تلك الدعوات الكثيرة التي أطلقها للتحرك شرقا, صوب منبج والقامشلي والحسكة, وصولا إلي الحدود العراقية, نوعا من الشعارات الشعبوية التي يكررها لتضليل جماهيره, ومحاولة كسب الوقت والأوراق, لتعزيز موقفه التفاوضي مع الولايات المتحدة من جهة, وروسيا وإيران من جهة أخري, ووصلت تدخلات أردوغان في الملف السوري إلي أقصي ما يمكن مع احتلاله لمدينة عفرين, ولا يبدو أنه بقادر علي جني مزيد من الانتصارات في هذا الملف بحسب ما يظن, وبحسب ما تشير التوازنات والمستجدات فيه.
التقدم العسكري الذي صوره أردوغان علي أنه سيكون بداية توسع تركي في الشمال السوري, ومستهلا لما وصفه بطرد مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي, لم يستمر في تأدية الدور الذي كان يأمله منه, وبخاصة بعد الغرق في وحول عفرين, وعدم القدرة علي جني مزيد من الانتصارات العسكرية شرقا, كما كان يعد مناصريه, فضلا عن المعارضة الداخلية له والتي باتت ترفع صوتها أكثر مناهضة لمغامراته العسكرية, وأخذه البلاد إلي مناطق لن تكون التحركات التركية فيها نزهات سريعة للقوات التركية, وانطلاقا من بعض هذه الزوايا, تكون الانتخابات المبكرة التي يصبو أردوغان إليها حلا وقائيا مؤقتا مأمولا لأردوغان الذي يفكر في استغلال الوقت, والهروب بأزماته إلي الأمام, والمراهنة علي كسب مزيد من الوقت, ومن ثم البدء بعد ذلك بإطلاق رهانات جديدة بناء علي مستجدات الواقع, أو ما يمكن أن يقود إليه البلاد من تسلط من خلال السعي الحثيث للاستئثار بالسلطة, والتنكيل بالمعارضين بشتي السبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.