قبل عام ونصف العام من الموعد المقرر, أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان, تنظيم انتخابات مبكر; رئاسية وتشريعية, في تركيا في24 يونيو المقبل.. وتعتبر هذه الانتخابات حاسمة ومفصلية في تاريخ تركيا, حيث من المقرر بعدها البدء بمنح رئيس الدولة مزيدا من السلطات بحسب استفتاء أبريل2017, الذي يتيح لأردوغان الترشح لولايتين رئاسيتين أخريين من خمس سنوات. إذن هي قصة غرام طويلة بالسلطة المطلقة, بدأت قبل15 عاما برئاسة الحكومة, ولا تزال فصولها متوالية داخل القصر الرئاسي علي وقع أزمات تضع تركيا في موقف إقليمي صعب للغاية, مع اتساع رقعة النزاع في سوريا والوضع الاقتصادي الحساس للبلاد. استفزاز أوروبا طلب البرلمان الأوروبي تعليق محادثات انضمام تركيا إلي الاتحاد الأوروبي, إذا طبقت أنقرة تعديلا دستوريا أتاحه استفتاء في أبريل, يمنح الرئيس رجب طيب أردوغان صلاحيات تنفيذية واسعة النطاق, في مقابل ذلك قالت تركيا إنها رفضت مقترحات بالتخلي عن مساعيها للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي في مقابل تعزيز التعاون في مجالات أخري. وينتقد الأوروبيون أردوغان والإجراءات التي اتخذها حيال خصومه قبل وبعد محاولة الانقلاب الأخيرة, لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون تقويض اتفاق توصلوا إليه مع الأتراك العام الماضي أثبت فعالية في وقف تدفق المهاجرين علي اليونان مما أسهم في التخفيف من حدة أزمة هددت وحدة الاتحاد الأوروبي. ورأت المفوضية الأوروبية في تقرير يقيم حالة محادثات الانضمام المتوقفة إلي حد كبير بين التكتل وتركيا, أن حالة الطوارئ المستمرة في البلاد تمثل قلقا خطيرا. وقال التقرير: إن النطاق الواسع والطبيعة الجماعية, وعدم تناسب الإجراءات المطبقة منذ محاولة الانقلاب في ظل حالة الطوارئ, مثل عمليات الإقالة علي نطاق واسع والاعتقال والاحتجاز, لا تزال تثير مخاوف جدية, كما حذرت المفوضية من أن المراسيم ال31 الصادرة في ظل حالة الطوارئ بها عيوب خطيرة, مضيفة أن التراجع الخطير بشأن حرية التعبير مستمر, الأمر الذي من شأنه أن يقمع الأصوات المعارضة, وعبرت المفوضية الأوروبية عن انتقادات شديدة اللهجة لسياسة حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ الذي يرأسه أردوغان. وركزت المفوضية في تقريرها بشكل خاص علي ما اعتبرته ترديا في أحوال دولة القانون وحرية الصحافة والرأي, وتعتبر اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا السبب وراء تراجع أعداد المهاجرين الذين وصلوا في الآونة الأخيرة لأوروبا بشكل واضح مقارنة بعام2015, وبعد تقييم التطورات في تركيا أجرت المفوضية أيضا تقييما للوضع في الدول الأخري المرشحة للانضمام للاتحاد وهي ألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو ومقدونيا ومونتينيجرو وصربيا. السيطرة علي الجيش عقب قرار الانتخابات المبكرة, أعلن وزير الدفاع التركي, نورالدين جانكلي, عن طرد نحو3000 شخص من الجيش بسبب علاقتهم برجل الدين المتواجد حاليا في أمريكا, فتح الله جولن, الذي يتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة, وقال جانكلي إن المراسيم التنفيذية الجديدة في ظل حالة الطوارئ ستصدر في الأيام القادمة, وتقول الحكومة التركية إنها كشفت تركيبة تضم ثلاثة آلاف شخص داخل القوات المسلحة, يأتي ذلك ضمن حملة طرد واعتقال واسعة داخل مؤسسات الدولة بعد محاولة الانقلاب. خطوة جديدة نحو الاستبداد فاجأ أردوغان المراقبين بالدعوة لانتخابات مبكرة بعد أسابيع من النفي لأي توجه في هذا الصدد, وينطوي الاقتراع المزدوج الرئاسي والتشريعي علي أهمية كبيرة لأنه سيدشن بدء سريان معظم الإجراءات التي تعزز سلطاته كرئيس للجمهورية والتي كان تم اعتمادها في استفتاء دستوري في أبريل2017, ونصت بالخصوص علي التخلي عن منصب رئيس الحكومة, وأتاحت تلك المراجعة الدستورية لأردوغان أن يترشح لولايتين رئاسيتين من خمس سنوات, ويبرر أردوغان هذا القرار بضرورة الانتقال سريعا, إلي النظام الرئاسي بهدف مواجهة ما يسميه تسارع التطورات في سوريا وضرورة اتخاذ قرارات مهمة سريعا بشأن الاقتصاد. طوارئ بلا نهاية بعد قليل من الإعلان عن قرار الانتخابات المبكرة, توالت الإجراءات, وصوت البرلمان علي تمديد جديد هو السابع علي التوالي, لحالة الطوارئ التي فرضت في خضم محاولة الانقلاب, وذلك رغم مطالبة حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري برفع حالة الطوارئ فورا. ويأتي إعلان هذه الانتخابات وسط تعرض أنقرة لبعض تداعيات النزاع السوري حيث تقود تدخلا عسكريا في شمال سوريا تقول إنه يهدف إلي طرد الأكراد, ووسط وضع اقتصادي دقيق مع ظهور مؤشرات تدهور رغم النمو القوي المسجل حاليا, وقالت جانا جبور المحللة السياسية المتخصصة في شئون تركيا: إن القادة الأتراك يسعون إلي الاستفادة من شعور الخوف واهتزاز الأمن الذي يشعر به أغلب الأتراك لتأجيج المشاعر القومية للسكان والفوز بالانتخابات. وكان من المقرر تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الثالث من نوفمبر2019, وتسبقها انتخابات بلدية في مارس.2019 وكان بهجلي زعيم حزب الحركة القومية السياسي التركي المحنك, أدلي بتصريحات هزت الطبقة السياسية في تركيا دعا فيها منذ أيام إلي انتخابات مبكرة في26 أغسطس. وكان هذا السياسي70 عاما شديد النقد لسياسة أردوغان, قبل أن يفرض نفسه منذ أكثر من عام كأحد الحلفاء الأساسيين, حيث أبرم معه اتفاقا انتخابيا تمهيدا للانتخابات المقبلة. وفي حين اشتبه المراقبون في رغبة أردوغان في تقديم الانتخابات للاستفادة من شعبية تدخله العسكري في سوريا ولتقليص مخاطر خوض الاقتراع في وضع اقتصادي متدهور, فإن قلة منهم كانوا يتوقعون أن تقدم إلي هذا التاريخ القريب جدا. وفي هذا الصدد يري فادي هاكورا, الخبير في شئون تركيا, في القرار مؤشر ذعر وخوف إزاء مؤشرات اقتصادية مثيرة للقلق. لعبة الصلاحيات المطلقة - غيرت التعديلات نظام الحكم في البلاد, من برلماني إلي رئاسي, وانتهت نتيجة الاستفتاء بالموافقة علي تمرير التعديلات بنتيجة تصل إلي نحو51.5 في المائة. - أصبح بمقدور أردوغان نظريا البقاء رئيسا للبلاد حتي عام.2029 - فور البدء بتطبيق التعديلات الدستورية اعتبارا من2019, يمكن لأردوغان تمديد البقاء في السلطة حتي عام2029 بشرط فوزه في الانتخابات الرئاسية. - يمتلك أردوغان الآن بعد تمرير التعديلات سلطات وصلاحيات تنفيذية واسعة للغاية تشمل تعيين وإقالة الوزراء وكبار الموظفين الحكوميين. - يستطيع الرئيس التركي إلغاء منصب رئيس الوزراء الذي يتولاه حاليا بن علي يلدريم, وتعيين نائب أو أكثر لمساعدته في إدارة السلطة التنفيذية. - يحق للرئيس التركي التدخل في عمل القضاء من خلال تعيين4 أعضاء في المجلس الأعلي للقضاة والمدعين, وهو المجلس الذي يملك سلطة التعيينات والإقالات في السلك القضائي, فيما يملك البرلمان سلطة تعيين7 أعضاء. - أصبحت المدة الأولية لفرض حالة الطوارئ6 أشهر, مقابل12 أسبوعا في الدستور الحالي, ويستطيع البرلمان لاحقا تمديدها بطلب من الرئيس4 أشهر كل مرة. - حظي الرئيس بموجب التعديلات الجديد بسلطة إصدار المراسيم الرئاسية حول كل المسائل المتعلقة بسلطاته التنفيذية, ولا يمكن بالمقابل للرئيس إصدار مراسيم في مسائل بت بها القانون. - إذا طالت اتهامات الرئيس أو حامت حوله شبهات بارتكاب جريمة, يمكن للبرلمان, وفقا للتعديلات الدستورية الجديدة, طلب فتح تحقيق بغالبية ثلاثة أخماس الأعضاء. - التعديلات الجديدة تتيح للرئيس الانتماء لحزب سياسي, وهو ما يسمح لأردوغان بالعودة إلي حزب العدالة والتنمية, علما بأن الرئيس ملزم حاليا بالحياد إزاء الأحزاب. خطة الهروب إلي الأمام تبدو الانتخابات المبكرة مخرجا يفترض أردوغان أن يكون مناسبا له, وبخاصة أنه يعاني من انخفاض شعبيته, برغم محاولاته الحثيثة لإلهاء الشعب التركي وإبقائه منشغلا بصراعات داخلية وخارجية. يحاول أردوغان تصوير نفسه بأنه المخلص, والمنقذ, والقادر علي ابتكار الحلول, أو الذي يمكنه اجتراح بدائل مفترضة, ويسرب إنذارا مبطنا من أن أي تغيير سيجلب أزمات يخشي منها علي تركيا. حليف تابع يبدو اقتراح رئيس حزب الحركة القومية التركي دولت باهجة لي, بتقديم موعدالانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلي26 أغسطس المقبل, بدل الموعد المقرر مسبقا في نوفمبر2019, محاولة من حليف تابع لتخليص حليفه المتبوع أردوغان من اتهامات مفترضة بالبحث عن مخارج من أزماته المستفحلة, الداخلية والخارجية, الاقتصادية والسياسية والحقوقية. ويحرر اقتراح باهجة لي أردوغان من تبعات الدعوة المباشرة منه لإجراء انتخابات مبكرة, كي لا يقال إنه يخشي من ابتعاد الناس عنه, أو من انخفاض مستوي الدعم الشعبي الذي عمل علي تأجيجه وتحشيده له, بحيث يجد نفسه في موقف الضعيف المغلوب علي أمره, غير القادر علي مواجهةخصومه. تحالف الإنقاذ أشار وزير الثقافة والسياحة التركي السابق أرطغرل جوناي إلي أنه بغض النظر عن جهود حزب العدالة والتنمية الرامية إلي ضمان الفوز بأكثر من50 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية بأي ثمن, صار واضحا أن الحزب لا يستطيع تحقيق هذا منفردا, ومن ثم فقد اضطر إلي الدخول في تحالف سياسي مع حزب الحركة القومية, ويعمل الشريكان سويا من أجل تمرير قانون سيسمح بالائتلافات لكن يبدو أنهما يتخذان أيضا قرارات ستؤثر علي موعد إجراء الانتخابات علي الرغم من المتطلبات الدستورية والقانونية. علي الصعيد الداخلي, ساهمت حملات الاعتقال التي شنتها السلطات التركية بعد محاولة الانقلاب في إثارة الاستياء بين صفوف الشعب التركي, ولا سيما أنه تم اعتقال عشرات الآلاف من المدنيين والموظفين الحكوميين, بالإضافة إلي آلاف من سلك القضاء, ومن مناصب عليا في الجيش ومؤسسات الدولة, وترافق ذلك مع كيل الاتهامات لهم بالتواطؤ علي تدبير محاولة الانقلاب, أو ربطهم برجل الدين فتح الله جولن. وصاحب الاعتقالات المتصاعدة التي لم تتوقف في البلاد تضييق علي الحريات العامة, وتم طرد عشرات الآلاف من وظائفهم كذلك, بالإضافة إلي التسبب بدفع آلاف الأتراك إلي اللجوء إلي دول أخري, وبخاصة دول أوروبية ألمانيا استقبلت كثيرا من اللاجئين الأتراك علي خلفية الانقلاب. كما تشهد البلاد حملات متصاعدة من تعميم الكراهية بين شرائح المجتمع التركي, وتأليب الموالين للنظام علي من يتم اتهامهم بالمشاركة في الانقلاب أو معارضة سياساته بصيغة ما, ويكون ذلك علي حساب التضييق علي التنوع, وعدم تقبل الرأي المعارض. أتراك خونة تم التنكيل بالأكراد مرة أخري بحجج كثيرة, وهذا ما يساهم في إبعادهم عن التصويت لأردوغان ويفقده أصوات مؤيدين منهم, كما تم التنكيل بكثير من الأتراك الذين تم وصفهم بالخونة, لأنهم أعربوا عن رفضهم لممارسات السلطات التركية, وعارضوا عمليتها العسكرية في منطقة عفرين السورية, من ذلك علي سبيل المثال اتهام أردوغان لأطباء عارضوا عملية غصن الزيتون بالخيانة. في تغريدة له, عبر الكاتب هاوارد إيسينستات عن اعتقاده بأن الإجماع بين المراقبين الخارجيين كان لفترة طويلة علي استفادة السلطة التركية من الشعبية المفترضة التي اكتسبتها من حملتها العسكرية في عفرين, والحذر من المخاوف بشأن الأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق. علق رئيس تحرير موقع أحوال تركية, ياوز بيدر, علي دعوة باهجة لي لانتخابات مبكرة بقوله: علي الرغم من الحديث المنتشر في تركيا, حول إجراء انتخابات مبكرة في البلاد, بسبب زيادة التوترات الاقتصادية, فإن الدعوة إلي تلك الانتخابات المبكرة جاءت من جانب غير متوقع, هذا الجانب هو حزب الحركة القومية المنتمي إلي اليمين المتطرف, والذي كان الرئيس رجب طيب أردوغان أعلنه قبل أشهر ضمن تحالف الشعب لخوض الانتخابات المقبلة, وقد وصل الأمر إلي حد أن حدد زعيم الحزب دولت باهجة لي موعدا لإجراء الانتخابات في26 أغسطس2018, والذي يتزامن هذا العام مع عيد الأضحي المبارك. كذبة أم مناورة؟ يضيف ياوز بيدر قائلا: لماذا هذه الدعوة المفاجئة؟ في الوقت الذي ترقبت فيه الأنظار الاجتماع بين أردوغان وباهجة لي, وقال إن هناك رأيين: الأول يتحدث عن قتال صوري, وهو ما يعني أن دعوة حزب الحركة القومية انطلقت بعلم أردوغان, لكن حتي لحظة كتابة هذه السطور, لا يوجد الكثير مما يشير إلي هذا الرأي. أما الرأي الآخر فبه قدر أكبر من المصداقية, وهو أنه كان علي باهجة لي أن يتحرك, ويجبر أردوغان علي الدخول في مناورة, بالنظر إلي أنه يري أن حزبه قد دخل في اضطرابات, حيث يغادره الكثير من الأعضاء, بينما يسعي الناخبون الذين أزعجهم بناء التحالف إلي الانضمام لأحزاب أخري, مثل الحزب الصالح المؤسس حديثا. وإذا كان هذا هو السيناريو الحقيقي, فإن أردوغان هو من قد انجر إلي موقف صعب. فإذا أصر علي إجراء الانتخابات العام المقبل, فقد ينهار التحالف, وأردوغان بحاجة أيضا إلي وقت لتمرير قوانين توافقية أساسية, بشأن الرئاسة السوبر, عبر البرلمان, ومن شأن الانتخابات المبكرة أن تجعل ذلك صعبا جدا إن لم يكن مستحيلا. اقتصاد متدهور علي الجانب الاقتصادي, لم تسعف وعود أردوغان بإنقاذ الليرة التركية من التدهور المريع الذي تشهده, كما لم تسهم اتهاماته للآخرين بأنهم يستهدفون بلاده من خلال العملة الصعبة في تحشيد الناس من حوله, أو شغلهم عن سوء الأوضاع الاقتصادية الذي يعم البلاد, ويدفع كثيرا من المستثمرين إلي الفرار منها, ولم تستطع الحكومة التركية طمأنة الداخل والخارج من خلال مزاعمها بأن لديها بنية اقتصادية متينة, وأن الهشاشة الاقتصادية التي يتم نعتها بها هي بعيدة عن واقع الأمر. كما لم تفلح الحوافز التي أطلقتها في طمأنة المستثمرين الأجانب, أو تشجيعهم علي البقاء والاستمرار في الاستثمار, علي خلاف ما كانت السلطة التركية قد توقعت وأعلنت مرارا أنها بصدد جذب مزيد من الاستثمارات وتهيئة بيئة استثمارية مناسبة. المركب الغارق في سوريا ذهبت وعود أردوغان أدراج الرياح, إذ تم تقييد حركة القوات التركية بعد السيطرة علي منطقة عفرين في العملية العسكرية التي شنتها, واستغرقت قرابة شهرين للتمكن من إحكام السيطرة عليها, وباتت تلك الدعوات الكثيرة التي أطلقها للتحرك شرقا, صوب منبج والقامشلي والحسكة, وصولا إلي الحدود العراقية, نوعا من الشعارات الشعبوية التي يكررها لتضليل جماهيره, ومحاولة كسب الوقت والأوراق, لتعزيز موقفه التفاوضي مع الولاياتالمتحدة من جهة, وروسيا وإيران من جهة أخري, ووصلت تدخلات أردوغان في الملف السوري إلي أقصي ما يمكن مع احتلاله لمدينة عفرين, ولا يبدو أنه بقادر علي جني مزيد من الانتصارات في هذا الملف بحسب ما يظن, وبحسب ما تشير التوازنات والمستجدات فيه. التقدم العسكري الذي صوره أردوغان علي أنه سيكون بداية توسع تركي في الشمال السوري, ومستهلا لما وصفه بطرد مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي, لم يستمر في تأدية الدور الذي كان يأمله منه, وبخاصة بعد الغرق في وحول عفرين, وعدم القدرة علي جني مزيد من الانتصارات العسكرية شرقا, كما كان يعد مناصريه, فضلا عن المعارضة الداخلية له والتي باتت ترفع صوتها أكثر مناهضة لمغامراته العسكرية, وأخذه البلاد إلي مناطق لن تكون التحركات التركية فيها نزهات سريعة للقوات التركية, وانطلاقا من بعض هذه الزوايا, تكون الانتخابات المبكرة التي يصبو أردوغان إليها حلا وقائيا مؤقتا مأمولا لأردوغان الذي يفكر في استغلال الوقت, والهروب بأزماته إلي الأمام, والمراهنة علي كسب مزيد من الوقت, ومن ثم البدء بعد ذلك بإطلاق رهانات جديدة بناء علي مستجدات الواقع, أو ما يمكن أن يقود إليه البلاد من تسلط من خلال السعي الحثيث للاستئثار بالسلطة, والتنكيل بالمعارضين بشتي السبل.