بدء التشغيل التجريبي الكامل لمستشفى طب الأسنان بجامعة قناة السويس (صور)    الرئيس السيسى يصدر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية بعد موافقة مجلس النواب    مطلب شعبي بإطلاق اسم البطل خالد عبد العال على قريته بالدقهلية    أخبار مصر اليوم.. قرار جديد من حماية المستهلك بشأن منتجات شركة إيكيا.. مليون جنيه وديعة وتعليم مجاني لابنة شهيد الشهامة    في أول اختبار رسمي.. انطلاقة ناجحة لاختبارات SAT في مصر مشاركة 100% للطلاب دون أي مشكلات تقنية    أسواق الذهب تترقب بيانات التضخم بالولايات المتحدة غدًا    جامعة الإسكندرية: ذبح 5 آلاف رأس ماشية وأغنام بمجزر كلية الزراعة خلال 10 أيام    رفع 15 طن قمامة وأتربة وتراكمات خلال حملة نظافة بحي المطار في الأقصر    وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى النرويج للمشاركة فى منتدى أوسلو    بريطانيا مع أربع دول تفرض عقوبات على وزراء يحرضون على العنف في الضفة الغربية    المفوضية الأوروبية: نكثف الضغط على روسيا بحزمة العقوبات ال18    هآرتس لأول مرة تتحدث عن احتمالات زوال إسرائيل في 2040    الاتحاد الأوروبي يعلن عن حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا    ماستانتونو ضمن قائمة ريفر بليت فى مونديال الأندية رغم اقترابه من ريال مدريد    الأونروا:عشرات الجرحى الفلسطينيين يسقطون عند نقاط التوزيع التي تديرها إسرائيل    السعودية يسقط أمام أستراليا بختام تصفيات آسيا لمونديال 2026    عضو مجلس الزمالك: كنت واثقًا من التتويج بالكأس    كأس العالم للأندية - ليكيب: جيوكيريس يرفض الانضمام للهلال    لافيينا يحتفظ بمقعده في دوري المحترفين    المؤبد لصنايعى وعامل لاتهامهما بقتل شخص بسلاح نارى وشروعهما بقتل آخرين بالقليوبية    أسر الشهداء يشكرون وزارة الداخلية ومدير إدارة العلاقات الإنسانية على رعايتهم طوال موسم الحج (صور)    كواليس عطل ChatGPT والخدمة تبلغ المستخدمين بإجراء تحقيق .. اعرف التفاصيل    القبض على لص «النقل الذكى»    يحيى الفخراني يكشف مفاجأة صادمة وراء عدم مشاركته في مسلسلات رمضان 2025    ملك زاهر عن حالتها الصحية : بقالى 3 أيام تعبانة ومش عارفين السبب    الهلال الأحمر: غزة تواجه كارثة صحية وخروج أكثر من 30 مستشفى عن الخدمة    البوستر الرسمي لمسرحية «الملك لير» بطولة النجم يحيي الفخراني    في اجتماع اليوم .. رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذى لمشروع تطوير منظومة زيارة الأهرامات    7 أنواع من الخضراوات والفواكه تنقي جسمك من السموم بعد العيد    مشاكل محتملة بالحمل والإنجاب.. رأي علمي في قدرة أصحاب «متلازمة داون» على الزواج    حملة مرور مفاجئ على مستشفيات دمياط تضمن جودة الخدمات الصحية    «عملها قبل كده مع بنت أخوه».. 3 أسباب ترجّح غياب عادل إمام عن حفل زفاف حفيده الأكبر    أغانى وردة ومحمد رشدى على مسرح أوبرا دمنهور.. الخميس    وزير الخزانة الأمريكي مرشح محتمل لخلافة جيروم باول في رئاسة «الاحتياطي الفيدرالي»    خبيرة أسواق الطاقة: خطة حكومية لضمان استقرار السياسات الضريبية على المدى الطويل    ابو المجد يعلن قائمة منتخب شباب اليد استعدادًا لمونديال بولندا    اقرأ غدًا في «البوابة».. انفرادات ساخنة حول غزة والنمسا وأزمة لوس أنجلوس ومفاوضات طهران    «ملحقش يلبس بدلة الفرح».. كيف أنهى عريس الغربية حياته قبل زفافه ب48 ساعة؟    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الأوقاف تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025م.. تعرف عليها    مواعيد قطارات طنطا - الإسكندرية اليوم الثلاثاء فى الغربية    تقرير عالمي يحذر إنتر ميامي من ثلاثي الأهلي.. ويستشهد بمواجهة باتشوكا    لطلاب الثانوية العامة.. مراجعات نهائية مجانية لكل المواد تبدأ فى سوهاج غدا    الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بحدائق أكتوبر ضمن برنامجها بالمناطق الجديدة الآمنة    هويسن: الانتقال لريال مدريد كان رغبتي الأولى    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    مؤسسة الجامعات الأوروبية في مصر تستضيف حفلًا فنيًّا جماهيريًّا مميزًا    الإجازات الرسمية المقبلة في 2025.. إليك القائمة الكاملة    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات أولى جلساتها عقب إجازة العيد    الداخلية تكشف ملابسات فيديو مشاجرة بقرية سياحية في مطروح    مدير معهد بحوث الإرشاد الزراعي يتفقد محطة بحوث كوم امبو    السعودية في مهمة صعبة أمام أستراليا لاقتناص بطاقة التأهل لمونديال 2026    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام    الحكومة تجهز فرصًا استثمارية في القطاع الصحي للسنوات العشر المقبلة    الأزهر للفتوى يوضح سبب تسمية بئر زمزم    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتكاسة الفطرة
نشر في الأهرام المسائي يوم 29 - 12 - 2017

الفطرةهي الجبلة التي خلق الله خلقه عليها, فسوي الإنسان وعدله وأنعم عليه بفطرة تتناسب مع شرعه ودينه وما أوجبه الله عليه فالفطرة السليمة هي التي تميل( بطبعها)
إلي فعل الأمر وترك المنهي عنه. فقدحبانا الله تعالي هذه النعمة تفضلا منه سبحانه- و لم يخل القرآن العظيم من وصف الفطرة فقال جل في علاه
(فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} الروم30
فقد وضع الله في قلوب الخلق كلهم. الميل إليها. فوضع في قلوبهم, محبة الحق, وإيثار الحق, وهذا حقيقة الفطرة. ومن خرج عن هذا الأصل, فلعارض عرض لفطرته, أفسدها, كما قال النبي صلي الله عليه وسلم: كل مولود يولد علي الفطرة, فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. يقول الدكتور حمادة القناوي من علماء الأوقاف يجب علي المسلم أن يرتقي بإيمانه بصفاء فطرته ونقائها فتأمل كلام ابن القيم في تفسير قوله{الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنهاكوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لاشرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور علي نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم النور35
. ووجه هذا المثل, الذي ضربه الله, وتطبيقه علي حالة المؤمن, ونور الله في قلبه, أن فطرته التي فطر عليها, بمنزلة الزيت الصافي. ففطرته صافية, مستعدة للتعاليم الإلهية, والعمل المشروع,فإذا وصل إليه العلم والإيمان, اشتعل ذلك النور في قلبه, بمنزلة إشعال النار, فتيلة ذلك المصباح, وهو صافي القلب, من سوء القصد, وسوء الفهم عن الله. إذا وصل إليه الإيمان, أضاء إضاءة عظيمة, لصفائه من الكدورات.وذلك بمنزلة صفاء الزجاجة الدرية, فيجتمع له, نور الفطرة, ونور الإيمان,ونور العلم, وصفاء المعرفة, نور علي نور. ولما كان هذا من نور الله تعالي, وليس كل أحد يصلح لهومما لا شك فيه أن ما نراه اليوم من استنكار أوامر الشرع ونهيه فضلا عن محاربته من أهل الإسلام; أنه راجع إلي انتكاسة في الفطرة.
فالفطرة السوية كما ذكرنا تميل بطبيعتها إلي شرائع الدين. ولما كان ذلك الاستنكار والتعجب من تعاليم الدين كان ثمة( ثلوث) أوانهيار لكيان فطرة الانسان. فانتكاسة الفطرة درجات و مع كثرة الفتن و المحن في هذه الأيام شاع( التلوث الفطري) لجمع وافر من المسلمين إلا ما رحم ربي إذ إن سلامة الفطرة ونقاءها( تعبد) طريق السالك وتسهله فيزداد إيمانا بعد إيمان. ويضيف القناوي أن أسباب( انتكاسة الفطرة) أو( التلوث الفطري) كثيرة منها عامل التربية حيث يمثل جانبا مهما في سلامة الفطرة, إذ إن( العادات والتقاليد)التي تتربي عليها الأجيال ترسخ( قيم ومبادئ) تتخذ فيما بعد( ديدنا)لهم فيقدمونها علي الشريعة. وهذا هو الذي أورد الناس الموارد; فلم يعاند المشركون بشركهم إلا بسبب اتباعهم لآبائهم فقالوا( إنا وجدناآباء نا علي أمة وإنا علي آثارهم مقتدون) فاصطدموا بدعوة التوحيد( لأنهم تربوا علي الشرك وتعدد الآلهة) فالعادات و التقاليد رسخت في قلوب الرجال و النساء المبادئ الذي يتخذونها منهجا للحياة فبدلا من أن يتخد الدين كمرجع أساسي للحياة( اتخذت هذه المبادئ من دونه). وهنا يتجلي دور الآباء و الأمهات في التربية فكل راع مسئول عن رعيته كما قال النبي صلي الله عليه و سلم فالآباء و الأمهات مسئولون أمام الله عن هذه الأمانة
وكذلك المجتمع المحيط بالإنسان فكثير منا يغفل عن هذا المدخل الشيطاني الذي يفسد القلب بل يمسخه ويخسف به أسفل سافلين.
فللأسف الشديد الكثير منا عند استقامته يكتفي بنفسه ثم لا يفكر في( قوا أنفسكم وأهليكم نارا( فيكتفي بقوله( قوا أنفسكم(
فكثرة رؤية تلك الطبائع المختلفة التي لا تخل من المعاصي والمخالفات تألفهاالقلوب; وبعد أن كانت النفوس تستقبحها صارت لا تبالي بوجودها بل والإقدام علي فعلهاو من أسباب انتكاس الفطرة صحبة الأشرار والعصاة, مثل صحبة ذلك الرجل الذي أضل نفسه وأضل غيره معه; لأن القرين السيئ يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب, في الحديث في الصحيحين يقول عليه الصلاة والسلام:( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير, فحامل المسك إما أن يحذيك أو تجد منه ريحا طيبة, ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحا خبيثة) ومن أسباب الانتكاس مقارفة المعاصي والاستهانة بصغائر الذنوب: يقول الله عز وجل:{ كلا بل ران علي قلوبهم}, المطففين:14] أي: غطي القلوب:{ ما كانوا يكسبون}, المطففين:14] تستهين بنظرةأو بكلمة أو بخاطرة أو بمعصية فتنكت في قلبك, يقول عليه الصلاة والسلام والحديث في صحيح مسلم قال:( تعرض الذنوب علي القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها- أي: قبلها- نكت فيه نكتة سوداء, وأي قلب ردها نكت فيه نكتة بيضاء, حتي تصير القلوب علي قلبين: قلب أسود, لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا, إلا ما أشرب من هواه, وقلب أبيض كالصفاء لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض) فأنت اجعل في قلبك حاجزا ضد الذنوب, كلما جاء ذنب رده, لماذا؟ حتي لا ينكت في قلبك نكتة سوداء ثم تتراكم هذه النكت السوداء ثم يصير رانا, فيكون قلبك مربادا ثم ينكسر القلب وينتهي, وهذه انتكاسة- والعياذ بالله-. وعن علاج الانتكاس يشير القناوي الحرص الكامل والمواظبة علي الطاعات,فبالطاعات تحيا القلوب وتعود الفطرة إلي أصلها.
و البعد عن المعاصي دقيقها وجليلها:. و الوسطية والاعتدال: عن طريق الرجوع إلي الكتاب والسنة.
و ملازمة الصالحين وصحبتهم وملازمة العلماء وعدم العزلة: فإن الشيطان يستحوذ علي الإنسان إذا كان منفردا. و البعد كل البعد من قرناء السوء ودعاة الضلال والشر والأشرار. و إعطاء النفس حقهامن المباحات. ويقول الشيخ مصطفي عزت حميدان من علماء وزارة الأوقاف إن الله فطر عباده علي محبته ومعرفته, والقلب إنما خلق لذلك,( فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله), الروم:30]. وهي الحنيفية التي يولد عليها كل مولود, وشياطين الجن والإنس يسعون لحرف فطر الخلق, قال الله في الحديث القدسي: خلقت عبادي حنفاء كلهم, وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم; رواه مسلم.
وكل مسلم مأمور بتعاهد فطرته لتعود المنحرفة إلي أصلها, ويزداد الذين آمنوا إيمانا.
والمعاصي شؤمها كبير, تجتمع علي العبد فتهلكه, وتحول بين المرء وبين قلبه, وبقدر ما يصغر الذنب في العين يعظم عند الله, ولا تنظر إلي صغر المعصية, ولكن انظر إلي عظمة من عصيت.
إن الاستهانة بالذنوب والمعاصي سبب رئيسي للانتكاس والهلاك,( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم), النور:15], وفي الحديث: إياكم ومحقرات الذنوب; فإنهن يجتمعن علي الرجل حتي يهلكنه; أخرجه الإمام أحمد, والطبراني.
ومن أخطر المهالك المؤدية للانحراف والنكوص: ذنوب الخلوات يذكيها سهولة الوصول إلي الحرام, وقد كثرت طرقاته, وانتشرت قنواته, وتوافرت بين أيدي الناس من الوسائل ما لا يزجر عن إثمها إلا خوف الله وتقواه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.