إنه عالم الأسرار الحنون.. لا يحدث لك أرجوك أي استغراب.. فأنا أعيش معها الآن.. أراها ولا أريد إزعاجها!! إنه صديقي يتحرك أمامي.. وأشاهده في الحالة الغريبة التي يعيشها الآن, تقدم منها في حنان غريب.. ووقف أمامها في ود ظاهر.. ثم ابتسم لها بإيماءه من رأسه كأنه يحييها!! ودار حولها دورة كاملة وهو يقترب منها في دورانه.. حتي لامست يده رأسها وطبطب عليها في عرفان بالجميل.. كنت اراقبه بدهشة ممزوجة بقرب الفهم!! إنتهي من تأمله للكاميرا.. ثم تراجع أمامها دون أن يعطيها ظهره.. في طريقه إلي الخروج من البلاتوه لو لم يسقط قلمي علي الأرض لما كان قد تنبه لوجودي!! لا تستغرب عندي اعتقاد بأن الجماد يحس وخصوصا الكاميرا السينمائية, إنها كما هو معروف تحب وتكره فهي عيون سحرية وسحرها إن أحبتك تقدمك للجمهور بجاذبية خاصة.. حتي لو كنت دميما!! وأنا شخصيا.. أحب الكاميرا, وأتعامل معها بطريقتي الخاصة, وأحييها.. أشكرها.. أودعها أحيانا أستسمحها في الانصراف!! ولكن لم يترك لي أي فرصة للكلام!! أنا اتعامل معها كثيرا.. كيف لا أحبها وأنا أبثها كلمات الحب في مشهد لا تقف فيه أمامي محبوبتي في الفيلم.. هي وحدها التي تستقبل كلمات الحب.. أنا أتحدث إليها شخصيا في كثير من المشاهد واللقطات التي أنفرد بها وحدي أمامها كيف لا أحبها!! كيف لا استسمحها في بعض الأدوار الشريرة.. أو التي تتطلب مني القسوة, إنها تعرف كل أدواري.. أتحدث بأمانة بكل كياني وخلجاتي ومختلف شخصياتي طوال عمري الفني وعدد أفلامي!! وكنا قد وصلنا إلي باب البلاتوه.. وقبل أن يستدير للخروج نظر إلي الكاميرا وكأنه يستاذنها في الخروج, نظرت اليه بعد أن اشتعل المكان بالحياة, وامتلأ البلاتوه بأصحابه!! امتدت الأسلاك وأضيئت الأنوار وصاح المخرج حركة كان يقف أمام من يعرفه جيدا.. وبدأ يلقي بحواره إليها, وعرفت سر هذا الحب الذي بين الممثل والكاميرا..؟!