بعد حفظها لأكثر من نصف قرن, نشرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب امس نحو ثلاثة آلاف ملف سري حول اغتيال الرئيس الأسبق جون كينيدي لكنها ارجأت لستة اشهر كشف بعض الوثائق قائلة انها بالغة الحساسية. وهذا التأجيل يمكن ان يغذي سيل نظريات المؤامرة الذي لا ينضب وان كان الخبراء لا يتوقعون كشف معلومات خطيرة بعد خمسين عاما من اغتيال جون فيتزجيرالد كينيدي في22 نوفمبر1963 في دالاس بولاية تكساس. وكان ينتظر نشر3100 ملف ما زالت سرية. وفي نهاية المطاف وضع2891 منها علي الموقع الالكتروني للارشيف الوطني الامريكي مساء امس. ويعود بعض هذه الملفات التي تتضمن عشرات وحتي مئات الآلاف من الوثائق التي لم تنشر من قبل, الي1962 اي قبل اغتيال الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة. وبينها محضر لاجتماع يوضح فيه رئيس وكالة الاستخبارات المركزية( سي آي ايه) ان جهازه يدرس امكانات تخريب قطع من الصناعات الجوية يفترض ان ترسل من كندا الي كوبا. كما خلصت لجنة تحقيق شكلت بعد ايام من اغتيال الرئيس البالغ من العمر46 عاما, وتحمل اسم لجنة وارن, الي ان كينيدي قتل برصاص القناص في البحرية لي هارفي اوزوالد الذي تحرك بمفرده. وحسب وثيقة من بين أكثر من2800 وثيقة ظلت لعقود طي الكتمان, فإن صحفيا بريطانيا في صحيفة كامبريدج نيوز تلقي مكالمة هاتفية غامضة من شخص مجهول, قبل25 دقيقة من مقتل كينيدي, وطلب منه المتحدث الاتصال بالسفارة الأمريكية للاستفسار عن حدث كبير. وبعد اذاعة خبر مقتل الرئيس, قالت تقارير بريطانية إن الصحفي أخبر السلطات الأمنية في لندن بالمكالمة التي تلقاها, وبدورها أرسلته لندن إلي جهات الاستخبار الأمريكية. وأشارت الوثيقة التي كشفت عن المكالمة المريبة, إلي ملاحظة كتبها نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية( سي آي إيه) لمدير مكتب التحقيقات الفدرالي( إف بي آي), بتاريخ26 نوفمبر عام1963, أي بعد4 أيام من حادث الاغتيال. وجاء في الملاحظة ان الاستخبارات البريطانية أبلغت السلطات الامريكية بان صحفيا كبيرا في( كامبريدج نيوز) تلقي مكالمة غامضة, قال فيها المتصل للصحفي إن عليه الاتصال بالسفارة الأمريكية في لندن من أجل حدث كبير ثم أنهي المكالمة. وحسب الوثيقة فإنهبعد خبر مقتل الرئيس اتصل الصحفي بالشرطة وأبلغها بالمكالمة, والشرطة أبلغت الاستخبارات البريطانية. وكشفت الملاحظة أن الأمر المهم في هذه المكالمة أنها, طبقا للاستخبارات البريطانية, أجريت قبل اغتيال الرئيس ب25 دقيقة, وأن الصحفي لم يسبق له استقبال مكالمات مشابهة والاستخبارات البريطانية قالت إنه شخص معروف لديها وموال لها. ويتوقع ان ينشغل المهتمون بالقضية بهذه الكمية الهائلة من المعلومات من تقارير لمديري لمكتب التحقيقات الفدرالي( اف بي آي) الي مقابلات مع شهود كشفوا بعض الفرضيات للشرطة بعد ايام من اغتيال الرئيس. من جانبه, كتب ترامب في بيان ان الامريكيين ينتظرون ويستحقون ان تؤمن لهم الحكومة أوسع امكانية ممكنة للاطلاع علي هذه الملفات ليكونوا علي علم بكل جوانب هذا الحدث الحاسم, لكن إدارة الارشيف الوطني الامريكي أوضحت أن الرئيس سمح بالاحتفاظ مؤقتا ببعض المعلومات التي يمكن ان تمس بالامن القومي او حفظ النظام او الشئون الخارجية. وامهل ترامب اجهزة الاستخبارات ستة اشهر حتي26 ابريل2018 للتدقيق في الوثائق التي اعتبرت حساسة وشطب الأجزاء الاكثر حساسية فيها. وقال إنه ليس لديه خيار آخر سوي القبول بان تدرس بدلا من التسبب بمساس قد لا يمكن الرجوع عنه بامن الولاياتالمتحدة. واضاف الرئيس الذي ساهم من قبل في عدد من نظريات المؤامرة حول اغتيال كينيدي انه في نهاية هذه المهلة سيآمر بنشر كل المعلومات التي لم تتمكن الاجهزة من الاتيان ببراهين. لكن هذا الموقف الرسمي لم يكن كافيا للحد من نظريات المؤامرة بشأن اغتيال كينيدي. وغذت مئات من الكتب والافلام نظريات المؤامرة مشيرة الي الاتحاد السوفيتي وكوبا خصمي الولاياتالمتحدة في الحرب الباردة, والمافيا وحتي نائب الرئيس آنذاك ليندون بي جونسون. وقال لاري ساباتو استاذ العلوم السياسية في جامعة فرجينيا ومؤلف كتاب نصف قرن يحمل اسم كينيدي ان من يعتقد ان هناك وثيقة عنوانها أفراد المؤامرة لقتل الرئيس كينيدي سينتظر طويلا. لكنه اعترف بأن الذين يريدون تصديق وجود مؤامرة, تعد الوثائق التي ابقيت سرية اشبه بحجر رشيد بالنسبة اليهم. وأضاف أن هذا لن يؤدي سوي الي تغذية مزيد من نظريات المؤامرة. وتوقع جيرالد بوسنر مؤلف كتاب ملف مغلق الذي خلص إلي أن اوزوالد تحرك بمفرده, رد الفعل نفسه. وقال لفرانس برس لا أحد سيتخلي عن اقتناعه بان مؤامرة حيكت لان نشر الوثائق لا يثبت ذلك. وأضاف سيقولون بكل بساطة انها اخفيت أو أتلفت.