التفاح ب18 جنيها.. أسعار الفاكهة والخضراوات في سوق العبور اليوم الأربعاء    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خيام النازحين في المواصي شمال رفح    بلينكن: نحاول تضييق الفجوات في محادثات وقف إطلاق النار بغزة    المحافظ والقيادات التنفيذية يؤدون العزاء فى سكرتير عام كفر الشيخ    مصرع مشجعتين للنادي الأهلي عقب مباراة الاتحاد في الإسكندرية    الإعلان عن وفاة أكثر من 300 مصري خلال الحج    حسن الخاتمة.. وفاة الحاجّ ال 12من الفيوم خلال أداء مناسك الحج    وزيرة البيئة: إكمال عملية الدفن الآمن للحوت النافق بعد اتخاذ كافة الإجراءات المطلوبة    الأعلى للآثار يكشف عدد زائري المواقع الأثرية والمتاحف خلال العيد    جوميز يستقر على بديل «زيزو» في مباراة الزمالك وفاركو المقبلة    انفجارات ضخمة في العاصمة التشادية بعد حريق مستودع ذخيرة    ترامب: بايدن جعل أمريكا أضحوكة العالم    انفجار مستودع ذخيرة يثير الرعب في تشاد.. قتيل ومصابين بكارثة نجاميا (فيديو)    أسعار النفط تصل إلى أعلى مستوياتها في أكثر من شهر    انطلاق احتفالات دير المحرق.. بحضور 10 آلاف زائر يوميا    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025    كريمة الحفناوي: الإخوان يستخدمون أسلوب الشائعات لمحاربة معارضيهم    هل الأموات يسمعون كلام الأحياء؟ دار الإفتاء المصرية تكشف مفاجأة    سورتان للمساعدة على التركيز والمذاكرة لطلاب الثانوية العامة    أجزاء في الخروف تسبب أضرارا صحية خطيرة للإنسان.. احذر الإفراط في تناولها    حزب الله : استهداف مقر قيادة كتيبة إسرائيلية بالصواريخ    «المركزى» يعلن ارتفاع الودائع ل10.6 تريليون جنيه    بعد 17 عامًا من طرحه.. عمرو عبدالعزيز يكشف عن مفاجأت من كواليس «مرجان أحمد مرجان»    عشرات الشهداء والجرحى في قصف إسرائيلي على خيام النازحين في المواصي    ريال مدريد ينهي الجدل بشأن انتقال مدافعه لميلان    موعد مبارة ألمانيا والمجر ضمن يورو 2024.. التشكيل المتوقع    القبض على السائق المتسبب في مصرع مشجعتي الأهلي أمام استاد برج العرب    تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الأربعاء 19 يونيو 2024    «ثورة أخيرة».. مدينة السلام (20)    مؤسسة علمية!    مستشار الشيبي القانوني: قرار كاس هو إيقاف لتنفيذ العقوبة الصادرة بحقه    ملف يلا كورة.. انتصار الأهلي.. جدول مباريات الليجا وبريميرليج.. وفوز تركيا والبرتغال في يورو 2024    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    عودة محمد الشيبي.. بيراميدز يحشد القوة الضاربة لمواجهة بلدية المحلة    مصرع مسن واصابة اثنين في انقلاب سيارتين بالغربية    إجراء عاجل من السفارة المصرية بالسعودية للبحث عن الحجاج «المفقودين» وتأمين رحلات العودة (فيديو)    في ثالث ايام عيد الاضحى.. مصرع أب غرقًا في نهر النيل لينقذ ابنته    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    مصر للطيران تبدأ اليوم جسرها الجوي لعودة الحجاج إلى أرض الوطن    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    مكتب الصحة بسويسرا: نهاية إتاحة لقاح كورونا مجانا بدءا من يوليو    بعد آخر ارتفاع.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024    أشرف غريب: عادل إمام طول الوقت وسط الناس    غزارة تهديفية بالجولة الأولى تنذر ببطولة قياسية في يورو 2024    بعد نجاح تجارب زراعته.. تعرف على موطن زراعة "الكاسافا" بديل القمح وأبرز مميزاته    المراجعة النهائية لمادة اللغة العربية لطلاب الصف الثالث الثانوي.. نحو pdf    ماذا حققت محطة تحيا مصر متعددة الأغراض بعد عام من افتتاحها؟    ليلى علوي تهنىء أبطال فيلم "ولاد رزق "    حظك اليوم.. توقعات برج العذراء 19 يونيو 2024    علامتان محتملتان للإصابة بالسرطان في يديك لا تتجاهلهما أبدًا (صور)    أسقف نجع حمادي يقدم التهنئة للقيادات التنفيذية بمناسبة عيد الأضحى    بطريرك السريان الكاثوليك يزور بازيليك Notre-Dame de la Garde بمرسيليا    بعد وفاة العشرات خلال الحج بسببها.. كيف يمكن أن تكون ضربة الشمس قاتلة؟    بدائل الثانوية الأزهرية| معهد تمريض مستشفى باب الشعرية - الشروط وتفاصيل التقديم    الصحة: ترشيح 8 آلاف و481 عضو مهن طبية للدراسات العليا بالجامعات    هل يؤاخذ الإنسان على الأفكار والهواجس السلبية التي تخطر بباله؟    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة المصرية والمهجرالعربي في أمريكا اللاتينية

اجتذبت الثورة عاطفيا بعض المنحدرين من أصول عربية كي ينظروا بايجابية إلي هويتهم العربية‏,‏ وعمقت الثقة بالذات لدي أصوات عربية لا تزال تتصدر مشهد المقاومة الثقافية‏.‏
من خلال تجربتي في الدراسة بأمريكا الجنوبية لما يقرب من ثماني سنوات اقدم ملاحظات عن واقع المهجر العربي في البرازيل كنموذج للحياة الاجتماعية والسياسية لهذا المهجر في أمريكا اللاتينية فهذا المهجر بالاصل يتنوع تكوينه التاريخي بحسب البلد الأصلي للمهاجر وديانته وإثنيته‏(‏ أصوله القومية‏)‏ ودوافع هجرته وطبقته الاجتماعية ووعيه السياسي‏..‏ الخ ودارت أغلب المعاملات الاقتصادية والاجتماعية للجيل الأول من المهاجرين العرب حول أنشطة شعبية كالتجارة والمطاعم ومع شباب الجيلين الثاني والثالث تشكلت ثقافة مزدوجة تتراوح بين ثقافة الأسر العربية التقليدية المرتبطة بالنوادي الاجتماعية والجمعيات الخيرية للجوامع والكنائس وبين ثقافة المجتمع الغربي الذي يتلقون فيه تعليمهم وينشئون فيه صداقاتهم ويمارسون حياتهم المهنية هذه الازدواجية الثقافية بين قيم التقاليد الأبوية العربية وقيم المجتمع الغربي المتحرر أسفرت عن شخصية قلقة ومتوترة لدي المنحدرين من أصول عربية وتبلور هذا القلق في صراع اجتماعي له جانبان‏:‏ الأول‏..‏ مستتر بين الأجيال القديمة التي تمارس الاستبداد الأبوي باسم الأعراف الدينية الاجتماعية وبين أجيال جديدة مؤمنة بالمواطنة الحرة وتنتقد السلبيات الأسرية‏..,‏ والثاني‏..‏ صراع بين نظام القيم الذكورية الاستبدادية وبين الثورة النسائية علي هذه القيم‏.‏
ولقد كان هذا الصراع ملحوظا لمناهضي المصالح العربية كالحركة الصهيونية والقوي المحافظة في الادارة الأمريكية‏,‏ فاتجهت هذه القوي للتلاعب بالتعديات الدينية والاثنية والقومية للمهجر العربي‏,‏ وروجت لمقولة نموذج التعددية الثقافية عن أمريكا أو إسرائيل‏,‏ وانتهجت سياسة ثقافية واعلامية بالتعاون مع المستشرقين وأصحاب دور النشر ووسائل الاعلام الكبري لترسيخ صور نمطية عنصرية عجز العرب عن مواكبة العصر وهي في ذلك تفسح المجال أمام التيارات الهمجية في عالمنا العربي تلك التي لا تحترم الاختلافات الدينية والثقافية وتعتم علي أوجه الحداثة والمدنية‏,‏ وتسوق لتفوق إسرائيلي مزعوم في القدرة علي إدارة الاختلافات‏.‏
أمام هذه الاشكاليات تباينت ردود الفعل بين المهاجرين العرب من اليهود والمسيحيين والمسلمين فنجد العرب اليهود وهم محاصرون بين عنصرية يهود أوروبا وبين صراع العرب مع إسرائيل يمارسون عادات عربية مثل الاجتماع في مقاه لتناول الشاي الساخن ولعب النرد والدومينو وتناول الحلوي الشامية وتبادل الحكايات أما العرب المسيحيون فقد كانوا الأقدر علي التأقلم لتقارب القيم التي يعتنقونها مع حداثة المجتمع اللاتيني التي انبثقت من المرجعية الدينية المسيحية وبالتدريج شكل قطاع كبير منهم طبقة اجتماعية متميزة تتبني الليبرالية الجديدة في أمريكا الجنوبية ومن جانب آخر فقد ارتبطت مصالح العرب المسلمين بالتحالف مع الرجعية العربية في بلدانهم بما في ذلك المملكة السعودية وقامت الأخيرة بتمويل جمعيات خيرية تروج للفكر الوهابي‏,‏ مما عمق من مأساة الصراع بين آباء هذه الجالية وبين أبنائهم وأحفادهم‏.‏
وتسبب استبداد الآباء بالأجيال الجديدة في فقدان الصراحة بين الطرفين وقدمت رجعية الكبار الصغار فريسة سهلة لتفشي خطاب كراهية الثقافة العربية‏,‏ واختزالها في المخيلة العامة إلي صور نمطية من قمع الحريات ومصادرتها غير أن وهج الثورة المصرية كشف أن صراع الأجيال كان دائرا كذلك داخل الأسر العربية في الأوطان الأم‏,‏ وأن هناك أجيالا ثورية ومشروع نهضة حديثة يولد في عالمنا العربي وهكذا اجتذبت الثورة عاطفيا بعض المنحدرين من أصول عربية كي ينظروا بايجابية إلي هويتهم العربية‏,‏ وعمقت الثقة بالذات لدي أصوات عربية لا تزال تتصدر مشهد المقاومة الثقافية‏,‏ مثل ميلتون حاطوم و عزيز عبدالصابر و أمير صدر و جميل مراد‏.‏
لكن لا يزال تعامل العقلية الدبلوماسية العربية مع هذه الاشكاليات محدودا وتسيطر عليها بعثات تحتكر التفسير الواحد للمحظورات الثلاثة‏(‏ السياسة والدين والجنس‏)‏ ويقتصر عملها علي التفاعل التقليدي من خلال طقوس سياسية وتجارية وعسكرية بين الحكومات ورجال الأعمال والعسكر من الجانبين‏,‏ وتتجاهل كوادر المجتمع المدني العربي التي قد تكون فعالة في الحوار الثقافي مع هذه الاشكاليات وفي مواجهة التضليل الإعلامي بشأن العالم العربي وسواء أكان هذا التضليل يقوم علي نشر خطاب يحض علي كراهية العرب أو التعتيم علي أوجه التحديات المتشابهة للواقع المعاصر في البلدان العربية وأمريكا اللاتينية‏.‏
ولهذا تستدعي إعادة هندسة علاقاتنا بشعوب أمريكا اللاتينية تحرير مؤسساتنا من التبعية الثقافية لأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ويتطلب ذلك سياسة خارجية عربية مستقلة للضغط الاقتصادي والسياسي والاعلامي علي الإدارة الأمريكية‏,‏ وذلك حتي تتوقف عن بث خطاب كراهية العرب والمسلمين والتعتيم علي مطالب شعوبنا المشروعة في الحرية والعدالة والمساواة‏.‏
وفي هذا السياق هناك حاجة ماسة لتعاون الدول العربية والأمريكية اللاتينية في انتاج أفلام ومسلسلات تليفزيونية يهدف تتغيير الصور النمطية السلبية التي ترسخها الافلام والمسلسلات الممولة أمريكيا وصهيونيا وهناك حاجة أيضا لتمويل مشروعات ترجمة مشتركة بين كبري دور النشر في البلدان العربية وأمريكا اللاتينية ولا يمكن تصور إعادة هندسة العلاقات العربية الأمريكية اللاتينية من دون تحرير جامعاتنا وضمان استقلاليتها لنتمكن من الخروج علي هيمنة التقسيمات الأوروبية الشكلية للغة والأدب والاتجاه نحو قراءة نقدية للاشكالات الاجتماعية والثقافية المشتركة بيننا وبين الشعوب الأخري وهو أمر من شأنه تمهيد الطريق امام البحث المشترك في مشكلات انسانية وثقافية تعيشها مجتمعاتنا العربية ومجتمعات أمريكا اللاتينية وعلاوة علي ذلك فإننا مطالبون بتبادل الخبرات علي مستوي نقابات الصحفيين هنا وهناك وكي يتدرب صحفيون لاتينيون علي تغطية الشئون العربية وتتأهل أجيال من الصحفيين المصريين والعرب لتحليل شئون أمريكا اللاتينية وهو جهد في النهاية يتيح إنشاء وكالات أنباء مستقلة عن التبعية الإعلامية لمركزية أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية‏.‏
في مطلع القرن الحادي والعشرين‏,‏ تفتح الثورة المصرية باب الأمل في تحرير العلاقات الثقافية العربية بشعوب امريكا اللاتينية من بلطجة الامبريالية الأمريكية والصهيونية وهي بذلك تسهم في بناء هوية نظام عالمي جديد قائم علي التعددية‏,‏ وحتي تصبح حياتنا أكثر وعيا وعدلا وحرية ومساواة‏.‏
باحث مصري شاب متخصص في دراسات أمريكا اللاتينية
بجامعة ساوباولو في البرازيل

إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.