انتهت منذ أيام قليلة المنافسة العالمية حول الفوز برئاسة أمانة اليونسكو لصالح المرشحة الفرنسية بعد صراع شديد بينها وبين مرشحي مصر وقطر,وفي هذا المقام يجدر بنا أن نتقدم بخالص التهنئة لفرنسا لفوز مرشحها لهذا المنصب, وفي الواقع لا يمكن لأحد أن ينكر علي فرنسا أحقيتها في قيادة هذه المنظمة العريقة وهو حق تتمتع به عن جدارة وإمكانية وتاريخ طويل في دعم الثقافة والعلوم والفنون علي مستوي العالم أجمع فمن الصعب أن تجد بالعالم مشروعا ثقافيا أو حضاريا بأية بقعة في العالم دون مشاركة فرنسية, كما أن المؤسسات العلمية والثقافية الفرنسية تنتشر عبر أرجاء العالم كله ويتميز انتشارها في الواقع ليس فقط بطابعه الكمي المتعدد, ولكن جاء هذا الانتشار فاعلا مؤثرا في معظم العواصم العربية والعالمية, فهي مؤسسات تهتم بالبحث العلمي ورفع كفاءة الباحثين والراغبين في التعلم والثقافة وهنا اكتفي بالاشارة إلي المركز الفرنسي للآثار الشرقية ودوره المهم الذي يقوم به منذ سنوات طوال علي أرض مصر سواء في مجال الكشف عن الآثار أو في مجال النشر العلمي لمكتشفات بعثات المركز الفرنسي التي تحرص بشكل دائم علي ان تضم بين اعضائها عددا مناسب من الباحثين المصريين الذين يشاركون في اعمال الحفر والنشر العلمي وهو ما يضيف بلاشك إلي خبراتهم ومعارفهم وينقلهم بالتالي من المحلية الضيقة إلي العالمية الأكثر اتساعا وانتشارا. وفيما يتعلق بالحديث عن التجربة المصرية في خوض انتخابات رئاسة أمانة اليونسكو فقد عاصرت حتي الآن محاولتين قدمت مصر في أولها وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسني وهي تجربة كانت في حد ذاتها جديرة بالدراسة فقد وفرت الدولة المصرية آنذاك كل التسهيلات والمتطلبات التي تكفل لمرشحها الفوز بالمنصب,حتي المعوقات التي ظهرت في طريق المرشح المصري التي تمثلت في أحد تصريحاته التي كان قد أدلي بها في فترة سابقة بكثير عن فترة ترشحه لهذا المنصب قد تمكن من التغلب عليها نافيا عن نفسه تلك التهمة التي دائما ما تكون معدة لأن تلصق بمن يراد إبعاده من المصريين عن الساحة العالمية ألاوهي تهمة معاداة السامية,ورغم كل ما قدمته الدولة المصرية آنذاك وكذلك المرشح المصري الوطني إلا اننا لم نفز بهذا المقعد, لنكتشف بعدها بفترة أن هناك من كان يدفع بسخاء لأجل إفشال المساعي المصرية رغم علمه التام بأنه لن يصل بدوره للمقعد ذاته ولكن الأهم من ذلك كان هو تفويت الفرصة علي المرشح المصري بكل ما كان يتمتع به من مميزات محلية وإقليمية وعالمية. أما المحاولة الثانية فهي الأكثر حداثة ونقصد بها تلك التي قدمت فيها الدولة المصرية معالي السفيرة مشيرة خطاب,وعلي الرغم من كل المعاناة التي تواجه الدولة المصرية والأعباء الجديدة القديمة التي باتت ملقاة علي كواهلها,إلا أن الدولة وفي ظل تلك الظروف العصيبة لم تأل جهدا في توفير ما يلزم لدعم مرشحها الجديد وكونت بعثة دولية خصيصا لهذا الغرض وقد تم تفعيل كل الخبرات والعلاقات العربية والدولية لأجل ضمان الحشد لصالح السفيرة المصرية ولكننا أخفقنا ايضا هذه المرة في تحقيق الفوز بهذا المقعد.وعلي الرغم من شعورنا بالأسف حيال هذه النتيجة, إلا أنني أري أن الأمر ليس كله سوءا, ففي الواقع فان دخول مصر بهذه القوة والقدرة علي المنافسة الشريفة رغم ظروف البناء التي تمر بها إنما يدل علي مدي قوتها وإصرارها علي الوجود عالميا رغم كل شيء.