عندما نشبت ثورة1919, قررت بعض مناطق مصر أن تستقل, وأن تنشئ جمهوريات صغيرة داخل الملكية المصرية أهمها جمهورية زفتي الشهيرة, إضافة الي جمهورية أخري قال لي صديق عزيز أنها أقيمت أيضا في فارسكور وقرر لها سعد زغلول50 جنيها كموازنة عامة ولا أعرف ماالذي فعله رؤساء هذه الجمهوريات في الأيام التي تولوا فيها السلطة لكن المؤكد أنهم قاموا بأمور ذات طابع مصري, ولم يحلم أي منهم أن يفكر في أن يفعل مثلما فعلت قيادة جمهورية أفمادا. إن أفمادا هي قرية صغيرة في جنوب الصومال, سيطر عليها إخواننا في الله الذين يسمون حركة الشباب المجاهدين ولا أنوي هنا أن أفعل سوي أن أصف ماقاموا به, في المساحة المتاحة, خاصة علي مستوي النظام التعليمي, فقد طلبوا أولا من المدارس تقديم مجندين من الطلبة للانضمام لميليشياتهم, ثم قاموا بفرض منهج يقوم علي دراسة اللغة العربية والدين الاسلامي, والي هنا كان يمكن أن يكون الخبر طبيعيا, فحماس بدأت تتدخل في عمل الكوافيرات في قطاع غزة. لكن ماهو ليس طبيعيا أنهم قد قاموا أولا بإلغاء تدريس اللغة الانجليزية, والعلوم الطبيعية, فاللغة الانجليزية هي لغة غربية يحظر تعلمها, لأنها أيضا لغة الجواسيس فحسب التوجيه الذي أرسل للمدارس فإن كل من ينوي أن يكون جاسوسا سوف يتعلم هذه اللغة, فمن يتعلمها سيكون جاسوسا, وهو مافعله أحدهم بمصر في عهد الثورة عندما تولي وزارة التعليم, لكنه كان مصريا بما يكفي ليؤخر تدريس الانجليزية الي الاعدادية, وأن لايعتبر من يتعلمونها مشاريع جواسيس أما العلوم فإنها بالطبع رجس من عمل الشيطان, فماالذي سيفيد الصومال إذا عرف أبناؤه أن الأرض تدور حول الشمس. لكي تكتمل الصورة, فإن القيادات العبقرية في جمهورية أفمادا قد قامت بحظر مشاهدة أفلام السينما, كما قامت بمنع الرقص في حفلات الزفاف, وقامت أيضا بمنع لعب كرة القدم في مناطقها, ويستمتع قضاتها بإصدار أحكام الاعدام والجلد علي كل من تجمعه خلوة غير شرعية مع إحداهن, فهناك قرية في الوطن العربي الكبير تعود الي عصور ماقبل التاريخ, أمام أنظارنا, وليس هناك من يهتم بحقوق الانسان فيها, ولن يهتم أحد بها, أقترح علي بعض أعضاء مجلس الدولة في مصر أن يذهبوا الي هناك, فقد تحل كل مشاكلهم مرة واحدة. [email protected]