أحرص كل عام علي متابعة حفلات تخرج الدفعات الجديدة سواء من اكاديمية الشرطة المصرية أم من الكليات العسكرية, حيث اعتبر تلك الحفلات بكل تفاصيلها تأكيدا علي قوة الدولة المصرية ورسوخ بقائها وهو ما يزيد حالة الطمأنينة بداخلي بأننا سنظل رغم كل الظروف والمصاعب قادرين علي صنع رجال يحملون راية الوطن ويدافعون عن ترابه وسلامة اراضيه ومواطنيه. وفي حقيقة الأمر فإن هذه الحفلات بما تشمله من خريجين مصريين ووافدين من دول أخري إنما تؤكد الريادة المصرية في صدد هذه الصناعة الوطنية ذات الخصوصية التاريخية المعروفة وأقصد بها صناعة الرجال. والواقع أن هذه المؤسسات التعليمية العسكرية تمتلك من الخبرة والقدرة ما يساعدها بقدر واضح علي النجاح في مهمتها الوطنية في تخريج رجال يتمتعون بالقدرة البدنية ويتحلون بالولاء للوطن وهو ما يرسخ في قلوبهم وعقولهم نبل رسالتهم وأهمية دورهم الذي تم تأهيلهم لآدائه علي أفضل وجه ممكن بما يتفق والمتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية. وفي هذا السياق وكلما حلت أيام هذه الحفلات لا أستطيع أن أمنع عقلي من المقارنة بين خريجي تلك المؤسسات التعليمية و نظرائهم من خريجي باقي المؤسسات التعليمية, وكثيرا ما جال بخاطري السؤال لماذا لا يتمتع خريجو باقي المؤسسات التعليمية بنفس سمات نظرائهم من خريجي المؤسسات التعليمية العسكرية؟وأين وجه القصور بالتحديد في هذه المؤسسات التعليمية ؟ هل باتت تلك المؤسسات عاجزة عن تخريج أجيال تتسم بذلك الانضباط وتلك القوة وذلك العزم والإيمان بضرورة العمل لأجل صالح الوطن تحت أقسي الظروف ؟ وعلي الرغم من أن كل المؤسسات التعليمية غير العسكرية الموازية تعرف ما يسمي بالدورة العسكرية التي يجب أن يحصل عليها الطالب قبل تخرجه منها, إلا انها وكما يبدو لي ومن واقع الحياة المدنية التي نعيشها غير كافية لتعليم هؤلاء الخريجين معاني الولاء الحقيقي للوطن والانضباط في كل مناحي الحياة وهي معان تشكل مفاتيح النجاح والتقدم لمن يؤمنون بها ويعملون بموجبها. هنا لا أهدف لتوجيه سهام النقد لخريجي المؤسسات التعليمية غير العسكرية بقدر ما أدعو لضرورة إعادة النظر إليهم بشكل مختلف من شأنه أن يزيد لديهم قيم الولاء والانتماء والانضباط وهي المهمة التي أعتقد أنها تقع علي عاتق الدولة ممثلة في وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي, وفي هذا السياق أري أن هاتين الوزارتين يمكنهما الاستعانة بخبرات المؤسسات التعليمية العسكرية, أو بما لدي وزارة الدفاع المصرية من امكانات بهدف تنمية المدنيين من ابناء الوطن بشريا, وأتذكر حين كنت طالبا بالمرحلة الثانوية كان هناك نوعان من المدراس ثانوية عسكرية وأخري غير عسكرية, بينما لم نعد نسمع الآن عما يمكن أن نطلق عليه اسم ثانوية عسكرية. أمر آخر دائما ما يكون ملحا علي المقارنة وهو فرحة أهالي خريجي المؤسسات التعليمية العسكرية بأبنائهم وهي الفرحة التي تبدو واضحة علي شاشات التليفزيون المصري بقنواته المختلفة والتي تأتي ممزوجة بحمل الأعلام وصور الشهداء وغيرها من مظاهر الدعم والولاء للدولة وهو دعم يؤكد اعترافهم بفضل هذه المؤسسات علي إعادة صياغة شخصيات أبنائهم بما يؤكد قدراتهم علي تحمل المسئولية, بينما يساور نظراءهم من أهالي خريجي المؤسسات التعليمية غير العسكرية قلق وتوتر تتزايد حدته لدي تخرج أبنائهم لإيمانهم بأن معظمهم لم يتعلم معاني الانضباط وتحمل المسئولية ومن ثم يخشون عليهم من نائبات الدهر.انتبهوا لطلاب بقية المؤسسات التعليمية واستغلوا قدراتهم فهم ثروة وقيمة اذا أحسنتم اعدادها.