علي مدار السنوات الأخيرة الماضية أستطاع المخرج تامر محسن أن يقدم نموذجا مختلفا للدراما من خلال عدد من الأعمال التي تركت أثرا قويا لدي المشاهد وازدادت قيمتها مع الوقت مثل بدون ذكر أسماء, تحت السيطرة , وآخرها هذا المساء وهو العمل الذي لاقي إجماعا كبيرا من الجمهور..وفي هذه السطور تحدث تامر مع الأهرام المسائي عن العمل وأسباب غيابه عامين بين كل عمل..ورؤيته بشكل عام لطبيعة العمل الدرامي..وأشياء أخري تحدث عنها في هذه السطور: كيف جاءت لك فكرة تقديم مسلسل هذا المساء؟ بداية التفكير في تقديمي لمسلسل هذا المساء كانت في شهر أغسطس من العام الماضي, واستغرق مني التحضير ما يقرب من خمسة أشهر بهدف تكوين الفكرة وبناء الشكل الدرامي. بداية من مسلسل تحت السيطرة حتي هذا المساء يحمل تتر المسلسل تأليف وإخراج تامر محسن.. هل هي رغبة منك في أن تكون صاحب الفكرة والتأليف؟ حدث ذلك بالفعل في مسلسل تحت السيطرة وتولت المؤلفة مريم نعوم وضع السيناريو والحوار له, بينما الأمر مختلف في مسلسل هذا المساء فأنا صاحب الفكرة الرئيسية وواضع الإطار العام للعمل الدرامي وكنت أيضا أحد كتاب السيناريو لبعض مشاهد الماستر سين في الحلقات الأولي وبعض من الأخيرة أيضا, ولكن كان من الصعب أن أكمل كتابة المسلسل لأنه يتطلب وقتا طويلا جدا, لذا استعنت بصديقي السيناريست محمد فريد ليكون المشرف علي ورشة الكتابة المكونة من أربعة شباب جدد لوضع السيناريو والحوار, لأني أعرف قيمته ككاتب للسيناريو, ومع الوقت أصبح دوره أكبر من رئاسته لورشة الكتابة, وطلب وضع اسمه علي تتر العمل ككاتب للسيناريو والحوار وهذا حقه بالطبع. المتابع لأعمالك الدرامية يجد أن الفاصل الزمني بين كل عمل درامي والتالي له عامان.. هل هو إطار زمني وضعته لنفسك للتحضير؟ بكل تأكيد هو ليس كسل ولكنني لا أحب التعجل في عملي وأن يحصل كل شيء يأخذ وقته, وأحب أن احضر جيدا لأي عمل أقدمه وسواء في التليفزيون أو في السينما, لذا فالتواجد بالنسبة لي كل عام سيحدث تشبع من العمل الدرامي الذي أقدمه, لذا أحب أن أحصل علي وقتي في التحضير لكي ابتعد عن حالة الملل من تقديم عمل درامي كل عام, وكما قلت قبل أن الفنان يحتاج إلي أن يتنفس بعد أي عمل درامي لكي يقدم عمل آخر جيد. معني ذلك أنك لن تغير من خططك في الدراما.. هل في خطتك الإخراج للسينما؟ كل شئ وارد بالطبع قد تتغير خططي في المستقبل لا أعرف, ولكني أضع خطة من الممكن أن تتغير لأنها ليست كتاب مقدس ولكن لو تغيرت سوف تكون الخطوة المقبلة في السينما, ولو أخرجت فيلما سينمائيا في سنة من السنوات, لن أقدم في نفس العام مسلسل لأني لا اعتقد بأن جودتهم سوف تكون علي قدر طموحاتي. هل تري أن العمل الدرامي يجب أن يحمل رسالة واضحة ومباشرة؟ إذا قلت أن مسلسل هذا المساء يحمل رسالة واضحة مباشرة, فهذا فشل لي وليس نجاحا, وأي مخرج بعد أن يجتهد ويقدم عملا يقول إن عمله يحمل رسالة كان من الأولي له أن يكتب قصة ويقول ذلك فيها, لذا فالرسالة بالنسبة لي كفنان أن أحولها لمشاعر وتفاصيل وأحاسيس ومشاهد وإيقاع وزمن ولغة سينمائية حتي يستقبلها المشاهد بالشكل الذي يحلو له, وعندها المشاهد هو من سيقول ما هي رسالة ما شاهدته وليس أنا من يحددها له. مسلسل هذا المساء كان محملا بأمور كثيرة بينها المشاعر المتناقضة في كل شخصيات المسلسل هل تخوفت ألا يصل هذا التناول إلي الجمهور بسهولة؟ كان من الممكن أن يكون هذا التخوف قبل عرض المسلسل, وكان من الممكن وقتها أن أقول بأنها مغامرة, لأن قراءة أحداث المسلسل تحتاج إلي نوعية مشاهد معين بالفعل, ولكن بعد عرض المسلسل وما تابعته من ردود أفعال الجمهور علي السوشيال ميديا وعلي تويتر بالأخص وجدت أن جزء كبير من المشاهدين تفاعلوا مع المسلسل بشكل كبير. كما توجد نوعيات كبيرة من المشاهدين تفضل شكل درامي عن آخر وكل مسلسل له جمهوره وكما يقال كل بضاعة ولها زبونها, لذا فستجد مشاهد يرفض المشاهد الساذجة وآخر يتفاعل مع أشياء يراها تعبر عنه وهكذا, الخطأ هنا هو أن نقول أن الطرح المباشر للعمل يسهل من طريقة وصوله للمشاهد لأننا بهذا سوف نخلق حالة من الملل لدي المشاهد,ولكن عندما تفاعل الجمهور مع هذا المساء وخصوصا في النصف الثاني من المسلسل لأنه لم يجد فكرة الطرح المباشر بل وجد مجموعة من التفاصيل الكثيرة بدأت تنكشف له في النصف الثاني من العمل فتفاعل معها وبدأ جزء من المشاهدين يتابعون بدايات المسلسل لان ما يرونه جذب انتباههم والأشياء التي رأوها في البداية واعتبروها عادية بدأت تظهر لهم قيمتها وتفاعلوا معها ووصلت إليهم. أكرم إياد نصار كان باحثا في المسلسل عن الكمال في حياته.. هل تامر محسن بحث عن هذا الكمال في المسلسل؟ بالطبع لا أبحث عن الكمال في العمل الدرامي ولكني أبحث عن الاختلاف, حيث أري أن الفن يجب أن يكون مدهش ودهشته في اختلافه, لأننا نقع في فخ الأعمال المتشابهة, لذا فدائما ما أبحث عن الأعمال الغير متوقعة بداية من أول أعمالي بدون ذكر أسماء وحتي هذا المساء, وثانيا أحب أن أقدم العمل المصري الأصلي الذي يقدم تفاصلينا المحلية, غير متأثرا بأي عمل غربي أو أي فورمات لأي عمل أجنبي, لأن ما يحزنني بأن هذا البلد الذي كان ثاني بلد علي مستوي العالم يقدم به عرض فيلم سينمائي أجده متأثرا بفكرة فيلم أو عمل غربي, فنحن قادرون علي تقديم عمل مصري أصيل ومختلف, وثالثا أن تكون الأعمال التي أقدمها تكون صادقة من مشاعر وأحداث لتصل إلي المشاهد. معني هذا أن وصولنا للعالمية مرتبط بمصرية العمل ذاته؟ بالطبع نعم, ولكن لا يهمني بأن تصل أعمالي إلي العالمية بقدر أن تصل لأهل بلدي لأني أتكلم عنهم, لذا فهم همي الأول والأخير. سوني محمد فراج من المفترض أنه شخصية شريرة ومع ذلك حدث نوع كبير من التعاطف معه من الجمهور في نهاية المسلسل.. كيف تري هذا التعاطف مع شخصية شريرة؟ أولا لا يوجد شر مطلق أو خير مطلق, ولكل شخصية جانب مظلم في حياتها مثل سوني لها أبعاد حياتيه وشره له أسبابه, ومع ذلك كان يقوم بأعمال تحمل طابع الخير مثل إنقاذ أخيه تريكة, فهو بني آدم من لحم ودم, وكانت فكرتي أن أصنع فكرة الشرير الطيب, حيث أقدم بني آدم له أسبابه سواء في خيره أو شره, لذا أعتقد أن الجمهور تعاطف مع البني آدم الموجود في شخصيته. تكرار التعاون مع الفنان محمد فراج للمرة الرابعة هل هي من قبيل الصدفة لان الدور مناسب له..أم كيمياء خاصة بينكم؟ يضحك قائلا سئلت كثيرا في هذا الموضوع, هي من قبيل الصدفة بالطبع, وفي كل عمل اكتبه لا أضع في مخيلتي أي ممثل, ولكني عندما أري بأن هذا الدور يناسبه أطلبه للتعاون, وهو ممثل جيد جدا يحمل قدرا كبير من المرونة ويستطيع أن يؤدي جميع الأدوار بحرفية لأنه ممثل متنوع, وراجع جميع أدوراه معي بداية من شخصية رجب الفرخ في بدون ذكر أسماء, وشخصية علي في تحت السيطرة وسوني في هذا المساء تجد بأن هذا الممثل مختلف وقادر علي تقديم جميع الأنماط فأنا مقتنع بهذا الممثل الشاب هو وأحمد داود وأري أنهم جرندات المستقبل في العمل الدرامي, وكما ذكرت توجد بيننا كيمياء بالفعل تساعدنا علي التواصل والتفاهم. هل أنت من المخرجين الذي يبحث عن مدرسة في إخراج الأعمال تميزك عن غيرك؟ أري أن هذا السؤال يوجه للجمهور ليبدي وجهة نظره فيما أقدمه سواء بالسلب أو الإيجاب لذا أبحث عن التنوع والاختلاف فيما أقدمه وما تحركني مبادئ عن رؤيتي عن الفن والدنيا, وأن أقدم عمل تزداد قيمته مع الوقت, بدون تعمد مني بأن تكون هناك لغة واضحة للعمل أو لقطات معينة يستطيع بها المتفرج أن يعرف صانع العمل, لذا عندما يري المشاهد عمل ويقول بأن مخرجه فلان, أري بأن هذا فشل للمخرج وليس شطارة من المخرج, لأن لعبتنا الحقيقة هو الإيهام وهو أن تجعل المشاهد يقتنع بأن ما يشاهده هو حياة بالفعل وليس عملا دراميا أو سينمائيا لا يفوق منه إلا بعد انتهاء العمل. ما هو عملك القادم؟ وهل تابعت أعمالا أخري في السباق الرمضاني؟ لا توجد عندي حاليا فكرة مكتملة ولكني سأبدأ العمل علي فكرة موضوع احتمال كبير أن يكون في السينما, ونظرا لضيق وقتي لم أتابع أين من الأعمال الدرامية ولكني سوف أتابع بعضا منها في الوقت الحالي بالطبع.