مفهوم العبادة في الإسلام مرتبط بكل ما يحبه الله عز وجل ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة, وهي ذات أثر عملي.. في قلب المؤمن من الإحساس والشعور بحلاوة الإيمان قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما, وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله, وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار, وارتباط الإنسان العابد بالله معبوده جل شأنه ارتباطا وثيقا في كافة أموره, قال الله تقدست صفاته( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين وصبغ الحياة الإسلامية للفرد والجماعة أينما وجد المسلم طابعها الإسلامي, وربط المسلمين مهما اختلفت أقطارهم عن طريق الشعائر والتكاليف التعبدية, فيعطي ذلك المجتمعات المسلمة نمطية واحدة مشتركة, وهي خضوع شامل لشريعة الله تعالي واستسلام لأمره, وتهدف العبادات في مجموعها ومجملها إلي الارتفاع بحياة الناس إلي أرقي مدارج الكمال البشري. ومن المقرر شرعا أن العبادة من مقاصدها تهذيب النفس بالتوجه إلي الله وهي لا تصور إلا عن طريق الوحي السماوي بنوعية: القرآن الكريم والسنة النبوية وهذا معني أنها توقيفية لا مدخل للاجتهاد فيها فلا يكلف الناس إلا ما رسمه الشارع الحكيم. بالاستقراء في أصول الأحكام الشرعية فإن العبادات علي أنواع أهمها: عبادات بدنية محضة مثل الطهارات والصلوات والصيام. عبادات مالية محضة مثل الصدقات. عبادات بدنية مالية معا مثل الحج والجهاد في سبيل الله تعالي عبادات عقلية فكرية مثل التفكر والتدبر في بدائع صنع الله. عبادات أصلها عادات صار لها ثواب بالنية كالأكل والشرب والنوم. وعلي ضوء ما ذكر فالعبادات استقامة علي النهج الرباني( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا..)( قل آمنت بالله ثم استقم..)( الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان, وأنها لا تلزم إلا بالنية, قال الله سبحانه وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء وقوله صلي الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي... والأصل في العبادات رفع الحرج وعدم العنت, قال المولي الكريم عز وجل لا يكلف الله نفسا إلا وسعها, هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج, يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر, يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا, وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه... والعبادات إن كان لها وقت محدد الطرفين ووقعت في الوقت ولم يسبق فعلها مرة أخري في الوقت فأداء, وإن سبق فعلها في الوقت وفسدت لأي سبب فإعادة, وإن وقعت بعد الوقت فقضاء, وإن وقعت قبل وقتها وأجيز ذلك كإخراج الزكاة قبل الحول فتعجيل, وإن لم يكن لها وقت محدود الطرفين فلا توصف بما ذكر كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والعابدون المتقلبون في مقامات إياك نعبد وإياك نستعين مع المسارعة والمسابقة والمسابقة لفعل الطاعات وتحصيل القربات واغتنام مواسم الخير ومناسبات البر ببذل المجهود لنيل المقصود, إلا أنهم يجعلون المواظبة والعناية ممتدة ليست مؤقتة أو طارئة بل واعبد ربك حتي يأتيك اليقين, من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتي أحبه...