يجتهد المسلم في شهر رمضان في ختم القرآن الكريم أكثر من مرة وهذا لا شك أمر طيب وفيه أجر عظيم وثواب جزيل وقد كان السلف يكثرون من ختم القرآن في شهر رمضان ولكن لابد عند قراءة القرآن الكريم من التدبر والتأمل والتفكر في معانيه فالهدف الأسمي هو التدبر يقول الله تعالي كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ص:29, وقد أمرنا الله تعالي بتدبر القرآن فقال: أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا النساء:82, فبالتدبر يخشع القلب ويزداد الإيمان ويفهم العقل, يقول ابن القيم رحمه الله : إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه, وألق سمعك واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه, فإنه خطاب منه لك علي لسان رسوله, قال تعالي: إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد ق:37, وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفا علي مؤثر مقتض, ومحل قابل, وشرطا لحصول الأثر وانتفاء المانع الذي يمنع منه, تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله علي المراد, فقوله: إن في ذلك لذكري ق:37, إشارة إلي ما تقدم من أول السورة إلي ها هنا; وهذا هو المؤثر, وقوله: لمن كان له قلب ق:37, فهذا هو المحل القابل, والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله; كما قال تعالي: إن هو إلا ذكر وقرآن مبين. لينذر من كان حيا يس:69-70, أي: حي القلب, وقوله: أو ألقي السمع ق:37, أي: وجه سمعه وأصغي حاسة سمعه إلي ما يقال له; وهذا شرط التأثر بالكلام, وقوله: وهو شهيد ق:37, أي: شاهد القلب حاضر ويقول عبد الله بن مسعود:- رضي الله عنه- لا تهذوا القرآن كهذ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل, وقفوا عند عجائبه, وحركوا به القلوب فعليك أيها المسلم أن تحضر قلبك عند قراءة القرآن, وتتدبر ما تقرأ وكلما قرأت آية تعرض نفسك عليها أين أنت منها؟! هل أنت مطبق لها؟ وهل وصف الله للمؤمنين ينطبق عليك؟! فإن وجدت خيرا فاحمد الله وإلا فراجع نفسك قبل فوات الأوان! قال الحسن: رضي الله عنه إنما أنزل القرآن ليتدبره المؤمنون وليعملوا به, فاتخذوا تلاوته عملا.